يحوّل فصل الشتاء حياة اللاجئين الفلسطينيين في مُخيّم البريج للاجئين الفلسطينيين وسط قطاع غزّة إلى عذاب بكل ما تحملة الكلمة من معنى، لأنهم يسكنون في بيوتٍ سقوفها من "الاسبست" وهو مادة غير عضوية تتشكل من ألياف وتستخدم في البناء، إلا أنها تصير مع مرور الزمن هشة وغير مفيدة على الإطلاق، بل تتسبت في عدد من الأمراض أبرزها مرض "الاسبست" الذي يضرب الرئة والجهاز التنفسي.
وبيوت سقوفها من الاسبست الذي مضى عليه عقود، تعتبر بيوتاً بلا أسقف عملياً وهذا ما يحدث مع اللاجئين الفلسطينيين في المخيم، حيث ينهال مطر الشتاء على رؤوسهم داخل المنازل.
لا يطالب هؤلاء اللاجئون بمبانٍ شاهقة أو بيوتٍ رخاميّة، بل جل مطالبهم هو توفير بضع أمتارٍ من النايلون لسقف بيوتهم وحماية عوائلهم من المطر والبرد في وقت لم تعد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" توفّرها لهم.
155 منزلاً أيلاً للسقوط في المخيم لا توفر وكالة "أونروا" النايلون لسقوفها
يقول اللاجئ الفلسطيني من قرية القبيبة فؤاد أبو جبل ويعيش في المخيم: إنّ "الأسبست" الموجود في منزله مضى عليه 60 عاماً، ومع كل فصل شتاء كان يذوب هذا "الأسبست" شيئاً فشيئاً إلى أن وصل إلى مرحلة الذوبان التام فانكشف سقف المنزل وصار المطر يهطل على قاطني المنزل، "صرنا ننام واقفين" بحسب تعبيره.
أنّ وكالة "أونروا" كانت توزّع النايلون على اللاجئين مباشرة لتغطية المنازل، لكن الوكالة اليوم توزّع النايلون على أشخاص وجهات محددة يقومون بدورهم بتوزيعه على أقاربهم ومحسوبياتهم، بحسب ما يقول أبو جبل لبوابة اللاجئين الفلسطينيين.
يقول رئيس اللجنة الشعبيّة في مخيم البريج حاتم قنديل: إن أكثر من 550 منزلاً آيلاً للسقوط موجوداً في مخيم البريج، وهذه المنازل بحاجة إلى "نايلون" أو أي مادة عازلة لتحمي اللاجئين من الأمطار بشكلٍ عاجل.
ويضيف لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: أن هذا العدد بحسب المسح الميداني في 2017، فيما يعتقد جازماً بأن العدد ازداد اليوم لأن قطاع غزّة تعرض لهزّات ودمار لا سيما في العدوان الصهيوني الأخير في أيار/ مايو من العام الجاري، والذي طال المخيم كما بقية مناطق قطاع غزة.
ويؤكد قنديل أن ما توفره وكالة "أونروا" لهذه البيوت لا يفي بالغرض ولا يفي عدد هذه المنازل بل تكون الأعداد قليلة وانتقائية وبحسب معايير غير واضحة وغير مقنعة للمستفيدين.
وأشار رئيس اللجنة الشعبية إلى أن وكالة "أونروا" تبرر عدم توقير النايلون بعدم إدخاله من معابر قطاع غزة، وأنها بمجرد دخول شحنات النايلون من المعابر ستوزعها على اللاجئين.
في المنخفض الأخير متنا من البرد والمطر كان ينهمر على الأطفال الصغار وهم نيام
منير الكيلاني لاجئ فلسطيني من بلدة زرنوقة، يقيم في مخيم البريج ومع مرور السنين سقطت أجزاء من سقف منزله يقول: أنا ولادي الصغار بيموتوا من البرد لإنو بيتي كله مكشوف، وعندي الأسبست كله مكسّر، في المقابل لا أحد يسمع صوتنا ووكالة "أونروا" نفسها لا تسمعنا ولا تسمع لأي لاجئ.
ويُضيف الكيلاني: عدة مرات تدعونا اللجنة الشعبيّة للاجئين ونذهب للمُشاركة في اعتصامات نطالب بحقوقنا، وأقل شيء توفير النايلون، ولكن لا حياة لمن تُنادي، كيف لا وأنّهم يعيشون في بيوتٍ من باطون ولديهم دفّايات -مدفئة- فكيف يشعرون بنا نحن في المُخيّم؟، وفي المنخفض الأخير متنا من البرد والمطر كان ينهمر على الأطفال الصغار وهم نيام، فما ذنبهم؟.
مشكلة الكيلاني لا تختلف عن مشكلة اللاجئة الفلسطينيّة آمنة أبو هيب التي تعيش في بيوت متواضع مضعضع داخل المخيم، تعاني من مطر الشتاء وبرده لا يردها عنه حاجز.
تبرع بعض الشخاص لها بأمتار من النايلون غطت جزءاً من المنزل ولكن هناك أجزاء أخرى مكشوفة، تتحدث بألم لبوابة اللاجئين الفلسطينيين عن شعورها بالبرد وعدم تمكنها من الدفء ما يفاقم من سوء حالتها الحية حيث إنها تعيش بكلية واحدة.
تقدمت أمنة قبل قدوم فصل الشتاء بطلبات عدة لوكالة "أونروا" التي وعدتها بأن موظفين تابعين لها سيمرون عليها لتقييم أضرار بيتها ومساعدتها على إصلاحه إلا أنهم لم يأتوا... تختم حديثها بالقول: "كذّبوا علي"!