أُعلن اليوم الثلاثاء 20 كانون الأول/ ديسمبر عن استشهاد المناضل الفلسطيني الأسير ناصر أبو حميد، بعد صراع طويل مع مرض السرطان، عاشه بين زنازين الأسر والإهمال الطبّي المتعمد في سجون الاحتلال.

مسيرات انطلقت من مخيم الأمعري للتنديد باستشهاده، وعمّ إضراب عام، كافة مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الضفّة الغربية ومدنها وقراها، فيما يستعد مخيّم النصيرات في قطاع غزّة، لإقامة نصب تذكاري للأسير الشهيد، وأنشئت كتيبة للمقاومة في رام الله باسم "الأسد المقنع" وهو لقب الأسيرالشهيد  ناصر أبو حميد، فمن هو؟

6-1.jpg

لعائلة مهجّرة من قرية السوافير المهجّرة في نكبة عام 1948، ولد ناصر أبو حميد في مخيم النصيرات وسط قطاع غزّة عام 1972، لتنتقل العائلة إلى مخيّم الأمعري في الضفّة الغربية حيث بدأ الشهيد حياته النضالية في سنّ 11 عاماً، منخرطاً بالمواجهات اليومية التي يخوضها أبناء المخيم مع قوات الاحتلال، وهناك تعرض للاعتقال الأوّل في مسيرته.

تفتح وعي الشهيد الأسير النضالي، في خضم انتفاضة الحجارة عام 1987، وقضى حياته بين السجن والنضال، فحُكم عليه وهو في سن 13 عاماً بالسجن لمدّة عامين ونصف العام، ليعاود الاحتلال اعتقاله عام 1990 حتّى العام 1994، ومن ثم اعتقاله مجدداً عام 1996 حتّى العام 1999.

مع اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2002، أصبح الشهيد ناصر أبو حميد واحداً من أبرز المُطاردين من قبل قوات الاحتلال، بعد انخراطه في صفوف المقاومة المنظمة وصار أحد قادة كتائب شهداء الأقصى في الضفة الغربية.

جنّد الاحتلال عناصر خاصة من جهاز "الشابك" لملاحقة المناضل أبو حميد، وكان الهدف اغتياله، وتكثفت عمليات البحث عنه في مخيمات الضفة الغربية، حتّى وقع في نيسان/ أبريل من العام 2002 في الأسر برفقة شقيقه نصر في مخيم قلنديا شمال الضفة الغربية، وحكم عليه بسبعة مؤبدات و50 عاماً.

واجه الأسير الشهيد، مرض سرطان الرئة، وبدأت مضاعفات المرض بالظهور منذ شهر آب/ أغسطس 2021، حيث بدأ يعاني من آلام في صدره وتمت إزالة الورم وإزالة قرابة 10 سم من محيط الورم.

لم تفلح كافة التحركات الحقوقية الضاغطة، في دفع كيان الاحتلال الإسرائيلي للإفراج عنه لأسباب صحيّة. بينما تعمدت سلطات السجون المماطلة في تقديم العلاج الكيميائي له، ونقله إلى المستشفيات حتّى انتشر المرض في جسده، واستشهد في مستشفى "اساف هروفيه" حيث بعد تدهور حالته الصحية.

طوال فترة صراعه مع المرض، رفض الأسير الشهيد كافة عروض "العفو" من رئيس حكومة الاحتلال، والمشروط بطلب شخصي منه، في سبيل الإفراج عنه، تأكيداً منه على الحقّ في الاستمرار بمقاومة الاحتلال، واحتراماً لمسيرة الشهداء، ورفاقه الأسرى.

وفي الخامس عشر من أيلول/ سبتمبر 2022 وجّه ناصر أبو حميد خلال زيارة عائلته له في سجن "الرملة" والتي استمرت 40 دقيقة رسالة إلى الشعب الفلسطيني قال فيها: "أنا مؤمن بقضاء الله وقدره، ومؤمن بالطريق الذي اخترته، وأن عزائي الأكبر هو الوقفات الجماهيرية من أبناء شعبي المقاوم ضد الاحتلال الظالم... أنا ذاهب إلى نهاية الطريق، ولكن مُطمئن وواثق بأنني أولاً فلسطيني وأنا أفتخر، تاركًا خلفي شعباً عظيماً لن ينسى قضيتي وقضية الأسرى، وأنحني إجلالاً وإكبارًا لكل أبناء شعبنا الفلسطينيّ الصابر، وتعجز الكلمات عن كم هذا المشهد فيه مواساة وأنا "مش زعلان" من نهاية الطريق لأنه في نهاية الطريق أنا أودع شعباً بطلاً عظيماً، حتى التحق بقافلة شهداء فلسطين، وجزء كبير منهم هم رفاق دربي وأنا سعيد بلقائهم".

يذكر أنّ الشهيد ناصر، هو شقيق الشهيد عبد المنعم أبو حميد الذي استشهد عام 1994. وشقيق لأربعة أسرى وهم " نصر، محمد، شريف، وإسلام أبو حميد، 3 اعتقلوا ابان انتفاضة الأقصى عام 2002، وإسلام جرى اعتقاله عام 2018 وحكم عليه بالسجن المؤبد و8 سنوات.

ناشدت والدته الملقبة بخنساء فلسطين كثيراً كافة الجهات الدولية والحقوقية للضغط على الاحتلال من أجل الإفراج عن ابنها ليموت في حضنها، إلا أن الاحتلال تعنت كثيراً ورفض الإفراج عنه وأمعن في الإهمال الطبي لصحة أبو حميد حتى ارتقى شهيداً.

وبعد استشهاده لم تطلب سوى أن يدفن بعز وكرامة في فلسطين التي ناضل طيلة حياته لأجلها، وقالت: إنها لن تسامح كلّ من قصّر في قضيته.

 

خاص/بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد