كان العام 2022 صعباً على الضفة المحتلة وخاصّة مُخيّمات اللاجئين الفلسطينيين فيها، حيث تواصل التصعيد العسكري الصهيوني ضد المُخيّمات ما أسفر عن استشهاد وإصابة واعتقال مئات اللاجئين الفلسطينيين، فيما دخل العام الجديد 2023 حاملاً معه نذر تصعيدٍ أكبر مع وصول الحكومة اليمينيّة الفاشيّة الجديدة على رأس السلطة في كيان الاحتلال.

ومنذ أشهر تحولت مُخيّمات اللاجئين بالضفة إلى ساحة مواجهة وتصدي لترسانة جيش الاحتلال الذي يقتحمها بشكل شبه يومي في إطار تصعيد شامل تشهده الضفة الغربية المحتلة، ما يجعل تكلفة التصدي أكبر من حيث عدد الشهداء والجرحى، إلى جانب اعتقال المئات من مختلف الأعمار بشكلٍ شبه يومي.

وخلال شهر ديسمبر/ كانون الأوّل 2022، رصد موقع بوابة اللاجئين الفلسطينيين مئات الانتهاكات التي تركّزت في مخيمات عدّة، وتوزّعت نتائج الاعتداءات الصهيونيّة ما بين الإصابات بالرصاص بهدف القتل والتسبّب بالإعاقة، وما بين الاعتقالات والمداهمات لمنازل اللاجئين الفلسطينيين.

وتردّد اسم مُخيّمات عدّة على طول أراضي الضفة الغربية كبلاطة وقلنديا وجنين وشعفاط والدهيشة وعايدة والعروب كأحد أبرز نقاط المواجهة مع جيش الاحتلال.

الاعتداءات طاولت 17 مُخيّماً للاجئين بالضفة ما أسفر عن ارتقاء عشرة شهداء

ومن خلال المتابعة اليوميّة للاعتداءات التي يرتكبها الاحتلال، رصد بوابة اللاجئين الفلسطينيين خلال شهر ديسمبر/ كانون الأوّل، ارتقاء 10 فلسطينيين من أبناء مُخيّمات اللاجئين الفلسطينيين، منهم أربعة شهداء في مُخيّم جنين، فيما تم رصد 92 حالة اعتقال، و166 إصابة من بينها بالرصاص الحي، و211 عملية اقتحام ومداهمة تخلّلها اندلاع مواجهات في 17 مُخيّماً بالضفة من أصل 19 مُخيّماً فلسطينيّاً.

وأوضح الرّصد استمراراً في تصاعد اعتداءات الاحتلال على المُخيّمات الفلسطينيّة بالضفة خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر من ناحية العدد مقارنةً بشهر تشرين الثاني/ نوفمبر الذي سبقه، حيث ارتقى خلاله 3 شهداء من أبناء المُخيّمات.

وطالت انتهاكات الاحتلال خلال الشهر الأخير من عام 2022 المُخيّمات التالية: مخيم العروب، ومخيم نور شمس، ومخيم جنين، ومخيم الجلزون، ومخيم عايدة، ومخيم شعفاط، ومخيم الدهيشة، ومخيم الفارعة، ومخيم قلنديا، ومخيم عسكر الجديد، ومخيم عين السلطان، ومخيم بلاطة، ومخيم عقبة جبر، ومخيم الأمعري، ومخيم طولكرم، ومخيم الفوار، ومخيم عسكر القديم.

الشهداء

 ارتقى أربعة شهداء خلال شهر ديسمبر في مخيم جنين، وشهيدان في مخيم قلنديا، وشهيدان في مخيم الدهيشة، وشهيد في مخيم بلاطة، فيما شهد شهر ديسمبر استشهاد الأسير المريض بالسرطان ناصر أبو حميد من مخيم الأمعري.

الاعتقالات

ويتبيّن حسب الرصد، أنّ مُخيّم قلنديا يتصدَّر في عدد الاعتقالات بمجموع 14 معتقلاً خلال الشهر المذكور، يليه مُخيّم العروب بعدد 11 معتقلاً، ثم يليه مُخيّمات جنين والجلزون وعايدة وطولكرم بعدد 10 معتقلين لكل مُخيّم، ويأتي بعدهم مُخيّم الدهيشة بعدد 8 معتقلين.

إصابات بالرصاص الحي

وخلال اقتحامات الاحتلال للمُخيّمات المذكورة، أصيب 166 لاجئاً من ضمنهم برصاص الاحتلال الحي، حيث كان مخيم العروب إلى جانب مخيمي قلنديا وجنين في مقدّمة المُخيّمات التي سُجلت فيها الإصابات بمجموع 80 إصابة منها بالرصاص الحي، إلى جانب إصابة المئات اختناقاً بالغاز وجرى علاجهم ميدانياً من قِبل الطواقم الطبيّة.

مداهمات واندلاع مواجهات

كما تبيّن أنّ قوات الاحتلال اقتحمت المُخيّمات المذكورة 211 مرّة ما بين ساعات الفجر والصباح، وساعات المساء والليل المتأخّر، إذ يوضّح الرصد أنّ مخيم العروب للاجئين الفلسطينيين هو أكثر المخيمات التي تعرضت للاقتحام من قِبل قوات الاحتلال خلال الشهر الثاني عشر للعام 2022 بعدد 52 اقتحاماً، يليه من ناحية العدد مخيم جنين بعدد 30 اقتحاماً، ومن ثم مخيم عايدة.

انتهاكات 12 2022.jpg

الاحتلال يستهدف فكرة اللاجئ والمخيم

يقول رئيس اللجنة الشعبيّة في مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين سعيد العزّة تعقيباً على هذه الانتهاكات: إنّ الاحتلال يعلم جيداً أنّه بهذه الانتهاكات لا يستهدف المخيمات كأبنية أو شوارع وأزقة، وإنّما يستهدف المخيمات كفكرة، فهذه المخيمات تمثّل جوهر القضيّة الفلسطينيّة ومُستهدفة منذ نشؤوها جراء النكبة والتهجير إلى يومنا هذا، حيث يحاول الاحتلال إنهاء قضية المُخيّمات واللاجئين بكل الأشكال والأساليب.

ويُضيف العزّة لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: هناك انتهاكات يوميّة في مُخيّمات اللاجئين لكنّها زادت في الشهور الأخيرة، وكل ذلك من أجل كي وعي الجيل الشاب داخل المُخيّم لينسى قضيته الأم وهي قضيّة اللجوء والتشرّد، ولكي ينسى هذا الجيل أنّه هُجّر من وطنه بقوّة السلاح في العام 1948.

مخيم عايدة الأكثر تعرّضاً للغاز المسيل في العالم!

يُتابع العزّة: مُخيّم عايدة يتعرّض بشكل شبه يومي لانتهاكاتٍ مختلفة، سواء اقتحامات ومداهمات يومياً في ظل أنّ المُخيّم يحاط بجدار الفصل العنصري والأبراج العسكريّة، ويؤكد بحثٌ أجرته إحدى الجامعات الأمريكيّة بكاليفورنيا أنّ مُخيّم عايدة هو البقعة الجغرافيّة الأكثر تعرّضاً للغاز المسيل للدموع في العالم!

ويرى العزّة أنّ هدف "كسر المُخيّمات" الذي وضعه الاحتلال يعمل على تحقيقه من خلال عدّة أساليب، أولاً ما يجري يومياً في المُخيّمات من اقتحامات ومداهمات واعتقالات، وثانياً من خلال الأسلوب الآخر وهو الانقضاض على المؤسّسة التي ترعى هؤلاء اللاجئين، أي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، حيث يسعى الاحتلال بشتّى الطرق والوسائل لتشويه صورة هذه الوكالة والتضييق عليها ومحاربتها سعياً لاستئصالها.

حكومة جديدة وعدوان أوسع

وأمام ما أفرزته الانتخابات "الإسرائيليّة" الأخيرة من حكومةٍ يمينيّةٍ فاشيّة، وما تبع ذلك من قوانين وانتهاكات أكثر شراسة بحق الفلسطينيين، يُشير العزّة إلى أنّ هذه الحكومة ستصعّد من هجماتها على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين التي تمثّل شوكة في حلق الاحتلال وكل من يُساعده، لكن كلَّ محاولات الاحتلال ستبوء بالفشل بشكلٍ محتوم أمام صمود وتحدي هذه المُخيّمات.

وخلال شهر كانون الأول/ ديسمبر 2022، نُفذت عشرات العمليات في المُخيّمات تصدياً لجيش الاحتلال وقواته الخاصة، بل بادر المقاومون في كثيرٍ من الأحيان بالهجوم على ثكنات ونقاط تجمّع قوات الاحتلال في محيط مُخيّمات اللاجئين.

وحول الفعل المُقاوِم المتصاعد داخل مُخيّمات اللاجئين، يؤكّد العزّة أنّ هناك جيلاً واعداً يُعوَّلُ عليه داخل هذه المُخيّمات، وهؤلاء الشبّان "رضعوا حقوقهم من أمهاتهم منذ كانوا أطفالاً" خاصّة حق العوّدة المقدّس والتمسّك به، وممارسة النضال حتى التحرير والعودة.

 يضيف العزّة: إنّ كل الأفعال والأشكال المُقاوِمة في مُخيّمات اللاجئين الفلسطينيين بالضفة هي بكل تأكيد مرحلة جديدة تُشكّل إضافة لمسيرة النضال الوطني الفلسطيني، لا سيما وأنّ المُخيّمات كانت على الدوام متصدّرة للنضال والمقاومة في فلسطين.

أحمد حسين- صحفي فلسطيني

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد