شيّع أهالي مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت، بعد عصر أمس الأحد 13 تشرين الأول/ أكتوبر جثمان الشهيد الشاب عمر البرقجي بعد ارتقائه جراء قصف "إسرائيلي" على بلدة برجا في جبل لبنان قبل يومين، وشارك في التشييع عشرات اللاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا من المخيم وعادوا إليه أمس من أجل التشييع، وسط مخاوف من العودة الدائمة عليه جراء العدوان "الإسرائيلي" على ضاحية بيروت الجنوبية المحاذية للمخيم، وسحب وكالة "أونروا" موظفيها وخدماتها منه.
وكان الشهيد عمر البرقجي قد ارتقى وأصيب أفراد من عائلته جراء قصف "إسرائيلي" أصاب شقة سكنية كانت قد استأجرتها العائلة في بلدة "برجا" بعدما نزحت من مخيم برج البراجنة هرباً من القصف "الإسرائيلي" العنيف على الضاحية الجنوبية المحاذية للمخيم.
وعمر هو الشهيد الثاني من مخيم برج البراجنة منذ 23 أيلول/ سبتمبر الفائت بعد الشهيد راني الحاج الذي ارتقى جراء قصف "إسرائيلي" على ضاحية بيروت الجنوبية الشهر الماضي.
وأكد علي البرقجي ابن عم الشهيد عمر، أن والدة عمر واثنين من إخوته ما زالو في غرفة العمليات ووضعهم حرج للغاية جراء إصابتهم بالقصف "الإسرائيلي"، وقال لموقعنا: "اليوم كنا نشيَع عمر ولا قدر الله ممكن أن نشيع بقية العائلة لاحقاً".
وأشار برقجي إلى أن ابن عمه نزح مثله مثل باقي اللاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا من المخيم واستأجر شقة منذ ١٧ يوماً في منطقة برجا ظناً منه أنها مكان آمن مت القصف "الإسرائيلي"، مضيفاً: "إن إسرائيل تضرب البيوت الآمنة وتقتل الأطفال والنساء دون حسيب ولا رقيب وهذا تفعله منذ أكثر من عام في غزة وفي مخيم جباليا بالتحديد، هذه الأيام".
وتابع : عمر شاب في مقتبل العمر مفعم بالحيوية والنشاط وكان ينوي السفر الى الخاج ليكمل مشواره التعليمي و"لكن الشهادة طلبته واحب لقاء وجه ربه وقضى شهيداً على طريق فلسطين".
وانطلق تشييع الشهيد عمر من أمام مستشفى حيفا في مخيم برج البراجنة إلى مقبرة المخيم، بمشاركة مئات اللاجئين الفلسطينيين الذين بقوا في المخيم والذين عادوا إليه بعد نزوحهم من أجل المشاركة في التشييع.
وقال جمال درويش صديق الشهيد: "اليوم أعود إلى مخيميي، لي من أجل الاستقرار بل لتشييع صديقي العزيز عمر فقد خرجت مثلما هو خرج، أنا واطفالي وزوجتي، واليوم أنا موجود في مكان وزوجتي وأطفالي في مكان آخر، لقد أجبرنا على النزوح خوفاً على الأطفال فقط".
درويش خسر عمله بعد نزوحه من المخيم، ولكنه يخشى العودة في ظل عدم استقرار الوضع الأمني في محيط المخيم، ولكنه في ذات الوقت يحتاج إلى أجرة منزظل خارج المخيم ومصاريف طعام وحليب وحفاضات لأطفاله.
موضوع ذو صلة: أهالي مخيم برج البراجنة الذين بقوا في المخيم يطلقون نداء استغاثة لـ"أونروا"
في هذا السياق، يطالب الناشط السياسي عضو اللجنة المركزية في الجبهة الديمقراطية أحمد سخنيني المرجعيات الفلسطينية في لبنان أن تقوم بدورها المطلوب منها باغاثة ومساعدة الشعب الفلسطيني اللاجئ داخل المخيم وتأمين مقومات الصمود له حتى تحرير فلسطين والعودة.
ويعبر سخنيني أن المخيم الواقع في قلب ضاحية بيروت الجنوبية "سيبقى صامداً رغم كل الدمار حوله ورغم أنه اليوم يزف شهيده الثاني" محمّلاً المسؤولية في بقاء وجود المخيم واستمراره على القيادات الفلسطينية في لبنان ووكالة "أونروا" الذين يجب أن يعملا من أجل تأمين حياة اللاجئين الفلسطينيين فيه بمقومات الصمود والبقاء.
اهالي مخيم برج البراجنة يشيعون الشهيد عمر البرقجي الى مثواه الاخير في مقبرة المخيم اثر الغارة "الاسرائيلية" التي استهدفت شقتهم السكنية في منطقة برجا التي نزحوا اليها عقب استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت pic.twitter.com/u3HsA5sS1U
— بوابة اللاجئين الفلسطينيين (@refugeesps) October 13, 2024
تأتي هذه المطالبات بينما نزح من المخيم أكثر من 70 % من سكانه فيما ظل هناك عدد من السكان تحرمهم وكالة "أونروا" من الخدمات بعدما سحبت طواقهما وخدماتها من المخيم "بسبب الأوضاع الأمنية"
اقرأ/ي أيضاً: نزوح 80% من أهالي مخيم برج البراجنة جراء القصف على الضاحية الجنوبية
في هذا الصدد يقول مسؤول اللجنة الشعبية في المخيم عيسى الغضبان: إن وكالة "أونروا" ما تزال غائبة تماماً و"كأنها أعمت عيونها عن الذين بقوا داخل المخيم"، موضحاً أن الوكالة أغلقت عيادتها وتركت بعض عمال التنضيف فقط، معبراً في ذلك "أن هذا مؤشر واضح على إهمالها وتقصيرها تجاه اللاجئين أولاً وبخطة الإيواء الفاشلة التي سقطت عند أول امتحان ثانياً" بحسب قوله.
يؤكد الغضبان أنه في الأيام الثلاثة التي مرت من دون قصف "إسرائيلي" على ضاحية بيروت الجنوبية، عادت بعض العائلات إلى المخيم، ولكنها عودة حذرة جداً، ووأوضح هناك عائلات عادت واستقرت في المخيم نتيجة فشل وكالة "أونروا" في الايواء وهي فضلت كرامة البيت رغم الخطر على ذل مراكز الإيواء، بحسب تعبيره.
ويتابع مسؤول اللجنة الشعبية بأن اللجنة لا يمكنها أن تدعو الناس إلى العودة في ظل عدم توفر مقومات البقاء والخطر القائم، قائلاً: "إن تخفيف وتيرة القصف ليس مؤشراً على العودة لأن العدو الإسرائيلي مجرم غدار ولا أمان له وقد يقصف في أي لحظة".
وفي الوقت الذي فضل فيه كثيرون مغادرة المخيم حرصاً على أمنهم، بقي عدد لا بأس فيه من اللاجئين الفلسطينيين داخل المخيم، ومنهم اللاجئ الفلسطيني أبو يحيى معياري الذي قال لموقعنا: إنهم صامدون في المخيم بالرغم من الشهداء والقصف وأنه لن يغادر المخيم"
فيما يقول لاجئ فلسطيني آخر: "لا يجب أن نغادر لأنه لا يجب أن يفرغ المخيم من سكانه تجنباً لأي سيناريوهات تهجير وإلغاء وجود المخيمات".
ويعتمد اللاجئون الفلسطينيون الذين بقوا في مخيم برج البراجنة على مساعدات جمعيات محلية وكذلك الهلال الأحمر الفلسطيني تقدم بعض الوجبات والمواد الغذائية والطبية، فيما يتحركون في أوقات تكون قد خفت فيها وتيرة القصف "الإسرائيلي" غلى خارج المخيم لجلب بعض احتياجاتهم، وهذا يعرضهم للخطر، ولكن برأيهم ان هذا هو التصرف الأنسب في هذا الوقت، كي لا يضطروا إلى مغادرة المخيم نهائياً.
حيث إن خيار عدم المغادرة يصر عليه كثير من اللاجئين الفلسطينيين المتخوفين من سيناريو تهجير أهالي المخيمات وإلغاء وجودها، وبعضهم يرى ما يجري في قطاع غزة عبرة ومن هؤلاء الشاب يحيى حسن الذي قال لموقعنا: "إن أهل غزة علموني الصبر والصمود ولن أخرج من مخيمي حتى لو أطبق المخيم على جنبيه".