تقرير : الوليد يحيى _ سوريا
تحظى بشغفٍ شعبي بارز، وتتصفُ رياضةُ كرة القدم في مخيّم جرمانا للاجئين الفلسطينيين بريف العاصمة السوريّة دمشق كإحدى علامات المخيّم دائمة الظهور، فغالبا ما تشاهد شبّاناً يافعين يحملون كرةً إمّا خارجين إلى الملعب الترابي المحاذي للمخيّم، وإمّا عائدين، او متجمّعين يخططون لمباراة في عطلة نهاية الأسبوع أو بعد انتهاء الدوام المدرسي.
ملعب ترابي وحيد بقرب المخيّم، على طريق مطار دمشق الدولي، هو الفسحة الوحيدة للشغوفين باللعبة، ولم يحل الضيق الذي تتسم به أزقة المخيم الصغير دون أن يمارس الفتيان فيه لعبة كرة القدم التي تحتاج إلى مساحة واسعة، لا يوفّرها لهم سوى ذلك الملعب، ليصير حاضناً وحيداً لأنشطة رياضيّة ودورات وبطولات، آخرها الدورة الرمضانيّة الجارية حاليّاَ خلال شهر رمضان، ويتنافس فيها 7 فرق، بمباراتين أسبوعيّاَ، وسط أجواء تفاعليّة من قبل المتابعين من أبناء المخيّم الذين يتجمّعون في الملعب الترابي خلال كل مباراة.
بدأت أنشطة كرة القدم في مخيّم جرمانا بالظهور بشكل واضح، في منتصف سبعينيات القرن الفائت، حيث بدأ تأسيس فرق وأندية كروية شعبيّة، واحد منها فقط يتبع الاتحاد الرياضي الفلسطيني العام، وله مقرّ رسمي ممنوح من قبل مؤسسة اللاجئين، وهو نادي الجليل الرياضي الذي تأسس عام 1975، وله عدّة أنشطة رياضيّة ومشاركات رسميّة، الّا أنّه يعاني من نقص الموارد والمستلزمات، ولا يحصل على دعم مالي من أيّ جهة، ويقوم كليّاَ على جهود العمل التطوعي التي يبذلها رياضيوه الشغوفين في تطوير المهارات الرياضيّة للشبّان اليافعين.
باندفاع شباب المخيّم، ظهرت على ساحته فرق تعتبر الأكثر مهاريّة بين فرق الأحياء الشعبيّة في مناطق ريف دمشق، كالأخوّة – القدس – شباب الصالحية – الصداقة – المحبّة – سراج الأقصى – الحولة – الكرامة – النسور – الفداء – الكرامة – الوثبة و سواها، بعضها يتلّقى دعما طفيفاً من بعض الفضائل الفلسطينية حيث لكل فصيل إطار رياضي تنظيمي يمارس بعض الأنشطة، أمّا معظم الفرق، تسيّر أمورها بالمبادرات الفرديّة الخلّاقة من قبل أعضائها وينظّمون اجتماعاتهم في منازلهم، وتتصاعد أنشطتهم التدريبيّة خلال فصل الصيف بشكل دوري.
يجمع كثيرون من أبناء المخيّم، على اعتبار كرة القدم الرياضة الأولى لدى أبنائهم، من حيث المتابعة والممارسة ضمن حدود إمكانياتهم الماديّة شبه المعدومة، ما جعل مخيّم جرمانا يشكّل في هذا المضمار، نقطة علام بين مخيّمات سوريا، من حيث الشغف بهذه الرياضة الشعبيّة، التي برز معظم نجومها العالميين من الأحياء الشعبيّة والفقيرة، بعد احتضانهم من قبل منظّمات رياضيّة واندية وحكومات، في حين يبقى الشغف الكروي لأبناء مخيّم جرمانا والمخيمات الفلسطينية عموماً في سوريا ولبنان والأردن والضفة وغزة، بلا دعم ولا حاضنة من قبل الأطر الرياضيّة التابعة لمنظمة التحرير والفصائل الفلسطينية وكافة المسؤولين عن اللاجئين الفلسطينيين.
ويقع مخيم جرمانا للاجئين الفلسطينيين إلى الجنوب الشرقي من مدينة دمشق،على بُعدٍ يقاربُ نحو ثمانيةِ كيلومتراتٍ منها، وعلى الطريق المؤدي إلى مطار دمشق الدولي.
تأسس عام 1948 فوق مساحةٍ من الأرض تَبلُغُ أقل من كيلو متر مربع واحد، تُشرِفُ عليه الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين في سوريا، وفي ظلِ وجود وكالة الأونروا التي تؤدي خدماتها المُتعلقة بالإغاثة الإجتماعية والصحة والتعليم، هجر إليه عدد كبير من أهالي مخيمي اليرموك وخان الشيح بعد تعرضهما للقصف، رغم أنه ظل يعاني فترة طويلة من قذائف الهاون التي كانت تنهال على أطرافه، قبل أن تهدأ الأوضاع الأمنية في دمشق ومحيطها.