لبنان
في غرفة العناية المركزة بمشفى صيدا الحكومي يرقد الشاب حسين زعرب ذو الـ25 عاماً منذ اليوم الأول من رمضان، دون حراك ولا كلام إلا من بعض الآهات الناتجة عن أوجاعه.
حسين الفلسطيني المهجر مع عائلته من بلدة دوما السورية إلى لبنان جرّاء الحرب، يعاني من ضمور في المخيخ وصل أثره إلى أعصاب العين، ونوبات صرع حادة، كان قد فقد القدرة على المشي، وينتظر داخل المشفى أملاً ضئيلاً بأن تتمكن والدته من تأمين مبلغ سبعة وخمسين مليوناً وستمائة ألف ليرة لبنانية أي ما يعادل تقريباً (39 ألف دولار ) لتركيب جهاز في رأسه يخفف من حدة نوبات الصرع التي قال الأطباء إنها ربما تجهز على حياته.
احتمال بفقدان فلذة الكبد تضعه الوالدة وصال صيداوي في حساباتها دون القدرة على تقبله، تقول لبوابة اللاجئين الفلسطينيين إن الأمر يتعلق بالمال، وهي ما زالت تأمل بأن تجد من يعينها على تأمين المبلغ "من أهل الخير والجمعيات" لتنقذ حياة ابنها.
غير أن لهذه الأم الفلسطينية القاطنة مع أولادها في مخيم المية ومية للاجئين الفلسطينيين شرقي مدينة صيدا أربعة أولاد آخرين، جميعهم مصابون بهذا المرض "ضمور في المخيخ" يؤثر على كل واحد منهم بطريقة مختلفة لكنها تحمل ذات طعم العجز والألم .
لن يصدق المرء حتى يرى بأم عينه، كيف أن أحداً من الأخوة لم يسلم من الإصابة بهذا المرض، ما يحمل أمهم أعباء قد تفوق قدرة الإنسان على التحمل بعد وفاة زوجها متأثراً بجلطة قلبية أصابته "حزناً وكمداً على أبنائه المرضى الذين تحولوا إلى مهجرين ، بعد أن فقد بيته وعمله في مدينة دوما السورية جراء الحرب"
تسرد الأم تفاصيل مرض كل ولد من أولادها، تخبرنا عن محمد ذي الـ21 عاماً الذي لم يسمح لنا برؤيته، أغلق الباب على نفسه حين دخلنا البيت، فهو مصاب بالإكتئاب الحاد بعد أن فقد القدرة كلياً على المشي فيما تصيبه أيضاً نوبات الصرع.
أما ريان ذات الـ23 عاماً، تمشي بصعوبة إذا ما ساعدها أحد من أقاربها، وتخبر فريق "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" عن أحلامها البسيطة التي يمتلكها معظمنا كأن تخرج من المنزل لوحدها وتزور خالاتها وأن تتزوج كباقي الشابات.
تتحدث في غمرة من الدموع البريئة عن هذه الأمور العادية بالنسبة لأي شخص معافى، وكأنها ضرب من المعجزات تتمنى أن يتحقق.
أخوها مصطفى الذي يصغرها بأربعة أعوام، فقد القدرة على الرؤية، يتمنى الشفاء له ولأخوته، ولكنه يعلم تماماً أن ذلك ربما لن يتحقق إذا ما وجدت أمه من يساعدها في تأمين علاجاجات لأبنائها.
تقول الأم المصابة أيضاً "بالديسك" و"الضغط" أن لا جمعيات ولا مؤسسات تبنت حالة أبنائها، فيما وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" تعطيها بعض الأدورية وليس جميعها، وبالنسبة لعملية حسين فأنها ستقدم لها ما يقارب 800 دولار من أصل 39000 دولار ، هي تكلفة عملية حسين التي يحتاج مثلها أخواه محمد ومصطفى، ما يرفع المبلغ المطلوب.
في حال تمكّنت الأمّ من تأمين تكاليف العلاج لأبنائها، فنسبة التحسّن في حالاتهم قد تصل إلى 70% وفق تأكيدات الأطبّاء، وهي ككل الأمهات تتمسك بهذه الاحتمال مع أمل أن تجد من يساعدها في علاج أبنائها.
قصة هذه العائلة هي ليست الوحيدة بالطبع داخل مجتمعات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، إذ تتعدد قصص الحالات المرضية التي لا يجد أصحابها العلاج المطلوب، ويضطرون إلى للجوء للإعلام والمناشدات لجمع التبرعات، وهو وضع شاذ في أي مجتمع، بأن لا يجد الفرد فيه تأميناً صحياً، من المفترض أن المسؤول عنه في هذه الحال وكالة "أونروا" التي بدورها تركت اللاجئين الفلسطينيين في لبنان دون تأمين شامل على حيواتهم الصحية، متذرعة بالتقليصات التي طالت تمويلها، وأيضاً تقع المسؤولية على منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين في العالم، والتي لا تملك برنامجاً صحياً يشمل اللاجئين الفلسطينيين في بلد تكلفة المشافي والأدوية والعلاج فيه لا يستطيع تأمينها العامل ذو الراتب المرتفع، فكيف بلاجئ محروم من حقه في العمل ويعاني البطالة المستشرية في المخيمات؟؟
شاهد الفيديو