وكالات - بوابة اللاجئين الفلسطينيين 

نقلت "رويترز" عن مسؤولين أمريكيين ووثائق اطلعت عليها أن خطة الإدارة الأمركية للتسوية في فلسطين والمنطقة العربية، والمعروفة إعلامياً بـ "صفقة القرن"، تتضمن دعوةً لـ "إقامة صندوق استثمار عالمي لدعم اقتصاديات الفلسطينيين والدول العربية المجاورة وبناء ممر بتكلفة خمسة مليارات دولار يربط بين الضفة الغربية وقطاع غزة".

وقالت الوكالة الإخبارية إنها تفردت بنقل تفاصيل الشق الاقتصادي من خطة التسوية، والذي سيعلن عنها صهر الرئيس الأمريكي وكبير مستشارية "جاريد كوشنر"  في ورشة البحرين المنعقدة يومي 25 و26 من الشهر الجاري في العاصمة البحرينية المنامة.

الخطة المسماة "السلام من أجل الازدهار"  البالغ حجمها (50) مليار دولار تشمل بحسب الوثائق التي اطلعت عليها "رويترز" 179 مشروعاً للبنية الأساسية وقطاع الأعمال، ولن تطبق إلا إذا تم التوصل لـ "حل سياسي للمشكلات التي تعاني منها المنطقة منذ فترة طويلة".

مشاريع اقتصادية بأموال خليجية، ولا حلول سياسية

وتقترح الخطة أيضاً نحو مليار دولار لبناء قطاع السياحة الفلسطيني في وقت تقضي فيه ممارسات الاحتلال الإسرائيلي واعتداءاته المتككرة على الفلسطينيين على أي مظهر من مظاهر السياحة.

وأحد المشروعات الرئيسية المقترحة إقامة ممر لتنقل الفلسطينيين بين الضفة الغربية وقطاع غزة، يمر عبر الأراضي المحتلة عام 1948، ويشمل ذلك طريقاً سريعاً، وربما يشمل أيضا مد خط للسكك الحديدية، فيما يغيب الحديث عن أي مشاريع في القدس المحتلة التي يطوقها الجدار العازل والمستوطنات الإسرائيلية، بما يشير ربما إلى نية الإدارة الأمريكية الاعتراف بالقدس كاملة تحت السيادة الإسرائيلية، كما فعلت العام الماضي حين اعترفت بغربي القدس عاصمة للاحتلال، ونقلت سفارتها إلى هناك.

والحديث يتم عن مشاريع اقتصادية في أجزاء صغيرة من الضفة فقط، التي أعلن السفير الأمريكي لدى الاحتلال سابقاً اعترافه بالسيادة الإسرائيلية عليها.

وبحسب ما كشفت "رويترز" سيتم إنفاق أكثر من نصف الخمسين مليار دولار في الأراضي الفلسطيني على مدى عشر سنوات، في حين سيتم تقسيم المبلغ المتبقي بين مصر ولبنان والأردن، وسيتم إقامة بعض المشاريع في شبه جزيرة سيناء المصرية التي يمكن أن تفيد الاستثمارات فيها الفلسطينيين الذين يعيشون في قطاع غزة المجاور.

فيما الجزء الأهم من الخطة والذي يعول عليه "كوشنر " هو أن تقوم دول الخليج العربي الغنية بتغطية ميزانيات مشروعه.

وقال كوشنر لـ "رويترز":  "الفكرة كلها هنا هي أننا نريد أن يوافق الناس على الخطة ثم نجري بعد ذلك مناقشات معهم، كي نعرف من منهم مهتم، وبماذا مهتم؟"

وقال كوشنر عن منظمة التحرير التي رفضت الخطة بوصفها لا تحقق أدنى شرط من تحصيل الحقوق الفلسطينيية " أضحك عندما يهاجمون ذلك بوصفها صفقة القرن، تلك ستكون فرصة القرن، إذا كانت لديهم الشجاعة للالتزام بها“.

ولكن المسؤولين في منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية يؤكدون أن الحل السياسي فقط هو من سينهي "الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".

واعتبرت المنظمة أن أي قرارات وتوصيات ورشة البحرين الاقتصادية لن تفضي بأي التزام لها.

وفيما قال كوشنر إن بعض المسؤولين التنفيذيين من قطاع الأعمال الفلسطيني أكدوا مشاركتهم في المؤتمر، ممتنعاً عن كشف النقاب عنهم، قال رجال أعمال في مدينة رام الله لـ "رويترز":  إن الغالبية العظمى من أوساط قطاع الأعمال الفلسطيني لن تحضر المؤتمر.

لبنان: لا نريد استثمارات على حساب القضية الفلسطينية

ويقول محللون ومسؤولون أمريكيون سابقون إن كوشنر" يتعامل مع إحلال السلام بطرق مشابهة لصفقات الأعمال" فيما تواجه خطته رفضاً عربياً أكاديمياً وشعبياً واسعاً، وحتى رفضاً رسمياً رغم حضور ممثلين عن معظم الدول التي تمت دعوتها كمصر والأردن ودول الخليج العربي لورشة البحرين.

وفي هذا السياق كانت الخارجية الأردنية قد أصدرت بياناً قالت فيه إنها سترسل رسالة توضح "موقف الأردن الراسخ والواضح بأنه لا طرح اقتصادياً يمكن أن يكون بديلاً لحل سياسي ينهي الاحتلال ويلبي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق".
 

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري 


وفي لبنان الذي رفض المشاركة في الورشة، أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري إن بلاده لا تريد استثمارات على حساب القضية الفلسطينية، بعد أن تم الكشف عن النية الأمريكية بإنفاق بعض مبالغ خطة "كوشنر" على الأردن ولبنان وسيناء.

وقال بري في بيان صادر عن مكتبه: "يخطئ الظن من يعتقد أن التلويح بمليارات الدولارات يمكن له أن يغري لبنان الذي يئن تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة على الخضوع أو المقايضة على ثوابت غير قابلة للتصرف،وفي مقدمها رفض التوطين الذي سنقاومه مع الأشقاء الفلسطينيين بكل أساليب المقاومة المشروعة".

وأضاف البيان: "نؤكد أن الاستثمار الوحيد الذي لن يجد له في لبنان أرضاً خصبة، هو أي استثمار على حساب قضية فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني بالعودة إلى أرضه وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف".

رويترز: محللون عرب يعتقدون أن فحوى الصفقة شراء معارضة "إسرائيل"  بالمال

الموقف اللبناني ينسحب على اغلب القوى والحراكات في العالم العربي، حيث نقلت رويترز عن بعض المعلقين السياسيين استنكارهم لمقترحات كوشنر.

وقال المحلل المصري جمال فهمي: "الأوطان لا تُباع، حتى مقابل كل أموال العالم... هذه الخطة هي من بنات أفكار سماسرة العقارات لا الساسة. حتى الدول العربية التي تُوصف بأنها معتدلة غير قادرة على التعبير علنا عن دعمها".

وقال سركيس نعوم المعلق بجريدة النهار اللبنانية: "هذه الخطة الاقتصادية، مثلها مثل غيرها، لن تنجح لأنها بلا أساس سياسي".

وقال عزام الهنيدي نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن: "إن الخطة الاقتصادية تمثل بيع فلسطين تحت راية الازدهار مقابل السلام دون إعادة الأرض وإن دول الخليج العربية تتحمل الجزء الأكبر من الأموال، هي صفقة بأموال عربية".

وقال صفوان المصري، الأستاذ بجامعة كولومبيا: " من المضلل أن نقول إن هذه الخطة اقتصادية بحتة لأنها لها بعد سياسي له آثار تتعارض مع الطموحات السياسية“.

وأردف قائلا ”جزء كبير من الخمسين مليار دولار سيذهب إلى الدول المجاورة لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في تلك البلدان“.
 

وفي العراق، أبدى الشارع العراقي والمثقفون استياءهم من انعقاد ورشة البحرين.

ونقلت وكالة الأناضول التركية عن الشاعر أبو سعد العراقي قوله:  "للأسف هناك بعض القادة والملوك العرب ليس لديهم ولاء لأوطانهم بالتالي كان لهم تأييد لانعقاد مؤتمر المنامة الذي يعتبر تآمر على القضية الفلسطينية".

وأوضح العراقي أن "مؤتمر المنامة لم يخدم القضية الفلسطينية ولا الرأي العام العربي أو الدولي، وليس إلا تآمر صهيوني يستهدف فلسطين والمنطقة العربية".

ويرى الكاتب والصحفي عمار العبودي أن الورشة استكمال للتجاوزات على القضية الفلسطينية.

وكانت قوى المجتمع المدني في الكويت أصدرت بياناً استنكرت فيه إقامة هذه الورشة في دولة عربية، ووصفت "صفقة القرن" بأنها القطعة الأخيرة في أحجية طويلة تضمّنت العديد من مشاريع، و لم تخلف لنا إلا مزيداً من الاستيطان والتهجير والاستيلاء والتنازل.

وفي الجانب الآخر ، يبدو أن خطة "كوشنر" لا تقنع الكثير من المحللين السياسيين الذين يعتبرون محاولات هذا المستشار في البيت الأبيض تحديد الأولويات الاقتصادية أولاً، وتهميش الجوانب السياسية تجاهلاً لـ "حقائق الصراع" .

ويقول "آرون ديفيد ميلر" المفاوض السابق في ملف الشرق الأوسط : "هذا خارج عن السياق تماماً لأن جوهر القضية الإسرائيلية الفلسطينية يكمن في جروح تاريخية ومطالبات متناقضة بالسيادة على الأرض وعلى مواقع مقدسة".

 

وكالات - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد