فلسطين المحتلة
شهدت الساعات الأخيرة توتّر في قطاع غزة مع انطلاق مسيرات العودة الكُبرى في جمعة "لا تفاوض لا صلح لا اعتراف بالكيان"، التي تخرج أسبوعيّاً باتجاه مُخيّمات العودة المُقامة قبالة السياج الأمني العازل شرقي القطاع، حيث تتمركز قبالتها الأبراج العسكريّة وقوّات جيش الاحتلال وقنّاصته.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، في إحصاء اعتداءات الاحتلال على مسيرات العودة للأسبوع (66)، حتى الساعة (07:20) من مساء الجمعة، أنّ (55) فلسطينياً أصيبوا من قِبل قوات الاحتلال بجروح مختلفة، بينهم (33) إصابة بالرصاص الحي، كما تضررت سيّارتي إسعاف.
وعلى الصعيد الميداني، أفادت مصادر محليّة بإصابة (3) شبّان برصاص قوات الاحتلال شرقي مُخيّم البريج للاجئين وسط القطاع، حيث أطلقت قوات الاحتلال وابلاً من الرصاص وقنابل الغاز باتجاه المُتظاهرين، فيما تحدثت مصادر عن تمكّن الشبّان من تدمير "بوّابة المدرسة" شرقي المُخيّم.
وتأتي التظاهرات في هذا الأسبوع بعد ساعات من استشهاد فلسطيني برصاص قوات الاحتلال التي استهدفت مجموعة من الفلسطينيين شرقي بلدة بيت حانون يوم الخميس، ما أدى إلى إصابة أحد العناصر والذي أعلن عن استشهاده فيما بعد.
وكان جيش الاحتلال قد اعترف بإطلاق النار على الشاب عز الدين الأدهم، ما أدى لاستشهاده، بحجّة تنقّله في "منطقة محظورة" قرب السياج.
وفي أعقاب ذلك، عزّز جيش الاحتلال الجمعة منظومة القبّة الحديديّة جنوبي فلسطين المحتلة، بعد تقديرات باحتمال أن ترد المقاومة الليلة على استشهاد أحد عناصر المُقاومة مساء الخميس، وحسب ما ذكرت هيئة البث الرسميّة لدى الاحتلال "كان"، فإنّ الجيش نشر تعزيزات القبّة الحديديّة وقوّاته أيضاً على طول الحدود مع قطاع غزة.
وكانت "كتائب عز الدين القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس"، قد أصدرت بياناً يوم الخميس، قالت فيه إنّ الاحتلال تعمّد إطلاق النار على أحد المُقاومين، وإزاء ذلك إنها تُجري فحصاً وتقييماً لهذه الجريمة الصهيونيّة، وتؤكّد أنها لن تمر مرور الكرام وسيتحمّل العدو عواقب عمله الإجرامي، كما جاء في البيان.
وسبق ذلك تهديدات "إسرائيليّة" بشن عدوان على قطاع غزة، حيث توعّد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الخميس، بشن عدوان واسع ومُفاجئ على القطاع، وقال إنه يجري الاستعداد له.
وفي تصريحاته التي جاءت خلال مشاركته في جلسة لبلديّة عسقلان، قال "أنا أفضّل التهدئة، ليس بسبب توهّمنا أنه يُمكن التوصل إلى اتفاق سياسي مع هذه الجماعة التي تريد محو إسرائيل من الأرض، إنما لأننا نستعد لحرب لن تكون واسعة فقط، إنما مفاجئة كذلك."
وأضاف "لن أتردد في فعل ما هو مطلوب"، في محاولة لادّعاء أنّ الاعتبارات الانتخابيّة لا تُوجّهه في هذه التصريحات، بل إنه يدرس الأمر "بأعصاب باردة"، قائلاً "لكنني أريد في النهاية نتيجة تُمكّن هذه البلدة والبلدات الأخرى في الجنوب من أن تتطوّر وتزدهر، وأن يكون هناك شعور بالأمان وواقع آمن."
يُذكر أنّ نتنياهو كان قد صرّح في وقتٍ سابق من الشهر الجاري أنّ جيشه يستعد لشن عدوان على قطاع غزة.
وصرّح كذلك رئيس حزب "كاحول لافان"، بيني غانتس، كمُرشح لرئاسة حكومة الاحتلال، حول الوضع الأمني في قطاع غزة، بأنّ حكومة نتنياهو ليست "حازمة بالقدر الكافي تجاه الفصائل الفلسطينية"، قائلاً "لا ينبغي أن نسأل أنفسنا ما إذا كان هذا صاروخاً أو بالوناً أو مُخرباً يتسلّل من نفق، حلّقت طائرة ورقيّة نُطلق صاروخاً، الأمر بسيط جداً"، مُهدداً بشن عدوان واسع ضد القطاع.
ورغم إعلان واعتراف قوات الاحتلال أنّ إطلاق النار على الشاب الأدهم كان "سوء فهم"، إلا أنّ قوات الاحتلال مُستمرة في اعتداءاتها اليوميّة في القطاع، حيث أطلقت النار مُجدداً صوب مرصد للمقاومة شرقي خانيونس جنوب القطاع صباح الجمعة، كما أطلقت بحريّة الاحتلال النار باتجاه الصيّادين في بحر غزة، وكذلك استهدفتهم يوم الخميس.
فيما يُواصل الوفد الأمني المصري زياراته ما بين الأراضي المحتلة وقطاع غزة بشأن التفاوض المُستمر على تهدئة الأوضاع في قطاع غزة، تحسباً من مُواجهة مُقبلة.
وإن كانت تصريحات نتنياهو وغانتس مرتبطة باعتبارات انتخابيّة أم لا، فإنّ الاحتلال أيضاً له خططه العسكريّة وتهديداته المُستمرة للقطاع الذي يُخضعه لمنظومة حصار مُشددة منذ أكثر من (13) عاماً، شنّ خلالها (3) اعتداءات عسكريّة كُبرى بخلاف جولات التصعيد والعدوان التي خلّفت آلاف الشهداء وعشرات آلاف الجرحى، بالإضافة لتدمير البُنية التحتيّة والاقتصاد.