انتصار الدّنّان - بوابة اللاجئين الفلسطينيين
تضيق أماكن اللعب على أبناء سكان المخيمات الفلسطينية، فهم لا ينعمون بأماكن للعب كغيرهم من الأطفال الذين يعيشون خارج المخيم، المتاح لهم الملاعب الواسعة والساحات الكبيرة المفتوحة، وكذلك النوادي التي يستطيع أبناء العوائل المترفة الالتحاق بها.
في مخيم عين الحلوة تضيق تلك المساحات التي يبحث عنها الأولاد، بعد عناء يوم دراسي طويل، وفي ظل حصار طويل الأمد، وضمن وضع اقتصادي صعب لا يسمح لهم بالانتساب لأي ناد رياضي أو ترفيهي خارج المخيم، لذا يبحثون عن أماكن ليلعبوا فيها، وكل ولد من الأولاد بنات أم صبيان يجدون أماكن لعبهم في أزقة المخيم ووسط حاراته الضيقة.
العديد من الأولاد شكوا همهم، وكانت الحارة بحسب قولهم هي المكان الذي يلعبون فيه، والمكان الذي يعرضهم للخطر في معظم الأحيان في الوقت نفسه، ولكن البحث عن متنفس للعب ينسيهم عواقب اللعب ضمن وضع أمني متوتر باستمرار.
إبراهيم ميعاري، يبلغ من العمر أحد عشر عاماً، هو في مدرسة صفد في مخيم عين الحلوة، يعبر عن معاناته بقوله: عندما ينتهي دوام المدرسة وأبحث عن مكان للعب لا أجد غير الحارة التي نسكنها وشوارعها الضيقة لألعب فيها، باختصار" الحارة" مكان لعبي.
خليل ميعاري
كذلك خليل ميعاري والبالغ من العمر ثلاثة عشر عاماً، فكانت لديه الإجابة ذاتها، لكن حمزة في المدرسة الرسمية التابعة للدولة اللبنانية يبدو أن وضعه أفضل بقليل، فهو بالإضافة إلى الحارة الأساس في لعبه، إلا أنه قال :أيضا أنا منتسب إلى الكشاف وفي بعض الأحيان أذهب إلى النادي لأقوم ببعض التدريبات الرياضية؟
يوسف الميعاري
ويوسف لا يلعب إلا في الحارة القريبة من بيته مع بعض الصبية الذين هم في مثل عمره. أما البنات فوضعهن مختلف، وقد يكون ذلك بفعل العادات والتقاليد التي يتبناها أهالي المخيم ويعيشون عليها، فالبنات في معظمهن ولو كن صغيرات يمارسن لعبهن داخل البيت، فهديل ومريم ومروة جميعهن قلن: إننا بعد أن ننهي دراستنا لا نذهب إلى أي مكان، بل نعود إلى البيت ونلعب بألعابنا في البيت ولا نخرج منه حتى اليوم التالي وقت ذهابنا إلى المدرسة. لكن "قمر عمار" البالغة من العمر سبع سنوات تختلف عنهن قليلا فهي الوحيدة التي قالت: عندما أنهي دوامي في المدرسة أحضر إلى مركز التنمية لأدرس دروسي المطلوبة مني لليوم التالي، ومن ثم بعد عودتي إلى البيت ألعب مع رفاقي في الزاروبة القريبة من بيتنا، فأنا أسكن في الشارع التحتاني للمخيم.
معظم الأولاد ليس لهم أمكنة للعب غير أزقة المخيم وزواريبها، الأمكنة المحببة إلى قلوبهم على الرغم من ضيقها إلا أنها تتسع لهم ولفرحهم المنشود الذي يسعون لتحقيقه، ولا تعنيهم قساطل المياه التي تلعب معهم، ولا أشرطة الكهرباء المتدلية من السماء، ولا طلقات الرصاص التي مع كل حدث أمني تصاحبهم، بل كل ما يعنيهم هو البحث عن مكان لفرحهم ولعبهم.
معظم أولاد المخيم لا يستطيعون شراء دراجة مميزة، أو كرة باهظة الثمن، وحتى البنات في معظمهن لا يستطعن شراء لعبة مميزة مثل الألعاب التي تشتريها بنات الطبقة المترفة ممن تعيش خارج المخيم.
وبالإضافة إلى الزواريب والحارات يوجد في المخيم أندية للكشاف ينتسب إليها بعض أبناء المخيم، كحمزة محمد، وهو في الصف السادس الأساسي، وفي المدرسة الرسمية التابعة لعين الحلوة، حيث انتسب إلى الكشاف فيجد مكانًا مناسبًا فيه لتحقيق حلمه في اللعب وأخذ قسطًا منه.
كل ما يجب أن يقال: إن أولاد مخيم عين الحلوة يصنعون الفرح، ليستمروا في الحياة، وهذه الحياة يجب أن تدعّم من قبل الآخرين. فليفسحوا المجال أمامهم ليتمكنوا من صناعة الفرح الذي يريدون.