فلسطين المحتلة
تُواصل الولايات المتحدة سياستها "التسويقيّة" بشأن خطتها لتسوية القضيّة الفلسطينيّة، حيث يظهر من وقت لآخر مسؤول أمريكي للحديث عن بعض التفاصيل "المُثيرة" والتسريبات تارة، والتصريحات الوقحة تارةً أخرى، بشأن ما تتضمّنه الخطة الأمريكيّة للتسوية، والمعروفة إعلامياً بـ "صفقة القرن"، وبشأن موقف واشنطن المُنحاز للاحتلال.
في تصريحات صدرت عن المبعوث الأمريكي الخاص لمنطقة الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، قال "أعتقد أنّ إسرائيل ضحية وليست طرفاً يتحمّل المسؤولية، ومنذ تأسيسها تعرضت لهجمات مُتكررة ولا تزال تتعرض لهجمات إرهابيّة."
وتابع في حديثه لشبكة "بي بي اس" الأمريكيّة أنه "لا يتذكّر حتى حالة واحدة أخطأت فيها إسرائيل أو تجاوزت سلطتها، وحتى إذا كانت هناك أخطاء فإنّ تل أبيب تفعل كل ما بوسعها لإصلاحها."
وعن المستوطنات المُقامة على أراضي الفلسطينيين، يقول غرينبلات إنّها "تجمّعات سكنيّة إسرائيليّة"، وهو يُفضّل مصطلح "البلدات والضواحي"، والضفة ليست أراضي مُحتلّة، بل "أراضِ مُتنازع عليها."
وبجملة مزاعمه، ادّعى غرينبلات أنه عقد لقاءات مع مسؤولين فلسطينيين في المنطقة، يتخوّفون من الإعلان عن تأييدهم لخطة السلام الأمريكية الجديدة، وطلبوا عدم الكشف عن هذه الاجتماعات.
من جانبها، استنكرت وزارة الخارجيّة الفلسطينيّة تصريحات المبعوث الأمريكي، واعتبرتها إمعاناً أمريكياً رسمياً في الانقلاب على الشرعيّة الدوليّة وقراراتها، وعلى القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، واستخفافاً بعقول القادة الدوليين.
وجاء في بيان الخارجيّة "إنّ غرور غرينبلات وتغوّله على حقوق شعبنا أوصله إلى مرحلة توزيع صكوك غفران للمسؤولين الإسرائيليين للتغطية على انتهاكاتهم وجرائمهم المُوثّقة بالصوت والصورة في الأمم المتحدة والمحاكم الدوليّة، وفي مئات التقارير الأمميّة والصادرة عن منظمات مختلفة بما فيها الإسرائيليّة."
وعن تصريح غرينبلات بأنّ "صفقة القرن ستكون واقعيّة، وهي لا تتعامل مع مصطلح حل الدولتين أو المستوطنات"، قالت الخارجيّة إنّ مفهوم "الواقعيّة" الذي يُروّج له دفعه لتحويلا الاحتلال بكل عنجهيّة من جلّاد مُحتل إلى ضحيّة، وأوصله إلى تبنّي رواية وأفكار اليمين الحاكم لدى الاحتلال، بإنكار وجود الاحتلال، ودفعه أيضاً لتكرار رغبته في تسمية المُستعمرات بـ "الأحياء والمُدن الإسرائيليّة"، مُتوهماً بانّ "الواقعيّة" تفترض تسليم الشعب الفلسطيني واستسلامه لأفكار وروايات غرينبلات وحكّام "تل أبيب"، وتبنّيها دون نقاش.
وفي تصريحات المبعوث الأمريكي لموقع "i24" التابع للاحتلال، زعم أنّ الصفقة الأمريكيّة "تُركّز على قضايا مسكوت عنها مثل الحل لوضع قطاع غزة، والتعامل مع فصائل مثل حركة حماس والجهاد الإسلامي."
وقال "نحن لا نستخدم عبارة حل الدولتين، لأنّ استخدام هذه العبارة يؤدي إلى لا شيء"، مُعتبراً أنه "لا يُمكن حل صراع مُعقّد مثل هذا الصراع بشعار مُكوّن من كلمتين."
وذكر أنّ الإدارة الأمريكيّة "لا تُقدّم أي ضمانات بخلاف الجهود المُخلصة لحل الموانع، كما أننا لا نستطيع دفع الأطراف للعودة إلى طاولة المفاوضات، وما ينبغي أن يجعل الفلسطينيين يعودون إلى الطاولة، عندما يرون الخطة السياسيّة التي سيتم ربطها بالخطة الاقتصاديّة."
ولفت المسؤول الأمريكي إلى أنه "لا يوجد أي قيمة للخطة الاقتصاديّة التي أعلن عنها خلال ورشة البحرين الشهر المُنصرم، والشق الاقتصادي من الخطة لن يتحرّك إلى الأمام دون اتفاق سياسي."
وفي رده على سؤال يتعلّق بمصير نحو (400) ألف مستوطن يُقيمون في مستوطنات الضفة المحتلة، قال "أفضّل استخدام لفظ الأحياء أو المُدن لأنها كذلك، لأنّ كلمة مستوطنات هي مصطلح تحقير يتم استخدامه بشكل مُتحيّز لوضع أصبع على جانب واحد من الصراع"، حسب قوله.