نيويورك – الشرق الأوسط
قال المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، إنّ بلاده قطعت الأموال عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، لأنها "نظام فاشل يُطيل بقاء الوضع السيء للفلسطينيين الذين يعيشون في مُخيّمات اللاجئين، ولا يُقدّم لهم أي مُستقبل"، مُدعياً أنه يتم استخدامهم كأدوات سياسيّة.
جاء ذلك في حوار أجرته صحيفة "الشرق الأوسط" مع المبعوث الأمريكي، قبيل مُغادرته منصبه، ويزعم فيه أنّ ما قامت به الولايات المتحدة، هو في سبيل أن يعيش اللاجئون الفلسطينيّون حياة أفضل خارج المُخيّمات، مكرراً الديباجة الإسرائيلية حول ما يسميه سلاماً، بالقول: "نحن نقف إلى جانبهم، وإذا لم نتخذ هذه القرارات، فلن نكون أقرب إلى السلام، ومن خلال هذه القرارات يُمكن أن نُحقّق السلام، ولا يُمكن بناء السلام إلا على الحقيقة".
وعن عدم مُشاركة الولايات المتحدة في مؤتمر المانحين للفلسطينيين في نيويورك، قال غرينبلات، إنه ربما كانت الدول التي اجتمعت في هذا المؤتمر نصف السنوي حسنة النوايا، لكن جهودهم أثبتت أنها غير فعالة.
وتابع ادعاءته، قائلاً: "الفلسطينيّون هم بين أكبر المُستفيدين من المُساعدات المُقدّمة للفرد في العالم اليوم، ومع ذلك ورغم عقود من العمل ومليارات الدولارات واليورو والشيقل والدينار، التي تم التبرع بها، فإنّ الحياة لا تزال تزداد سوءاً للفلسطينيين، ولا يُمكن للعالم أن يستمر في إلقاء الأموال والموارد بالطريقة نفسها، ونحصل على النتائج نفسها التي نحصل عليها منذ عقود، وهي مجرد مُعاناة مُستمرة للفلسطينيين".
ومستغلاً الحال السياسية الداخلية الفلسطينية المتردية، قال: "يجب على الدول المانحة أن تسأل نفسها لماذا تستمر في توفير الأموال، بينما ترى بوضوح أنّ حماس والسلطة الفلسطينية تُبددان الفرص لمستقبلٍ أفضل للفلسطينيين لا توفره أموال الدول المانحة؟. الولايات المتحدة لن تستمر في الاستثمار في حلولٍ مؤقتة تؤدي فقط إلى إطالة دور المُعاناة والعنف، لقد حان الوقت لمساعدة الفلسطينيين على عيش حياة أفضل، ونأمل أن نُحقّق السلام أيضاً".
وبالحديث حول قرارات وسياسات الرئيس الأمريكي ترامب المُتحيّزة لصالح الكيان الصهيوني، يقول غرينبلات: "أعتقد أنّ الناس يخلطون بين القضايا، فكل تلك القرارات الاعتراف بالقدس ونقل السفارة الأمريكية والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، لم يتم اتخاذها من خلال منظور عمليّة السلام فقط، بالطبع نأخذ في الاعتبار التأثير المُحتمل على عمليّة السلام، ولكم هذا منظور واحد".
واعترف صراحة أن بلاده لا تعمل سوى لتحقيق أمن الكيان الإسرائيلي، بالقول: "اتخذنا تلك القرارات لأنها القرارات الصحيحة للولايات المُتحدة"، فقرار اعتبار القدس عاصمة للكيان جاء اعتماداً على قرار نقل السفارة، وهو قانون في الولايات المُتحدة منذ عام 1995، وكذلك نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وقرار الجولان كان قراراً سياسيّاً لأمن إسرائيل، وليس له علاقة بالقضيّة الفلسطينيّة، على حد زعمه.
وتابع: "تخيّلي ما كان يُمكن أن يحدث لإسرائيل إذا كانت سوريا تُسيطر على الجولان!".
وأشار المبعوث الأمريكي إلى أنّ إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينيّة جاء بناءًا على قانون صدر حينما هدّد رئيس السلطة الفلسطينيّة، محمود عباس، بإحضار كيان الاحتلال إلى المحكمة الجنائيّة الدوليّة.
فيما أشار غرينبلات إلى دوره فيما أسماه "تثقيف الناس حول الصراع" وتغيير طريقة التعامل معه، بالإضافة إلى التقريب بين الكيان الصهيوني والعالم العربي، وهو ما وصفه بأنه أمر كان يصعب تخيّل حدوثه قبل عام ونصف العام، والفضل يرجع بالتأكيد إلى إدارة ترامب وكل القادة العرب ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ويُضيف: "لقد درسنا الصراع وأكملنا رؤيتنا للسلام، وأعتقد أنّ هذا هو الوقت المُناسب للقيام بالانتقال"، على حد قوله.
وحول الإعلان عن خطة التسوية الأمريكيّة المُتعارف عليها باسم "صفقة القرن"، قال المبعوث الأمريكي: إنّ واشنطن ستصدر الخطة حينما يحين الوقت، "وعندما نعتقد أنّ هناك فرصة أفضل للنجاح، ونعتقد أنّ كلا الطرفين والعالم بأسره يُريد حلاً واقعيّاً لهذا الصراع".
وفي رسالة للفلسطينيين بأن عليهم قبول الخطة الأمريكية كما هي قال: "نأمل أن تتمكّن رؤيتنا من المُضي قُدماً في قضيّة السلام، والجمع بين الأطراف لبدء مُناقشة واقعيّة مُثمرة حتى لو لم يتم تبنّيها على الفور، لكن من المُهم أن نتذكّر أنه لا يُمكن لأحد فرض هذه الرؤية على أي شخص، وعندما يتم إصدار الخطة فإنّ الأمر متروك للجانبين لتحديد كيفيّة المُضي قُدماً، ونأمل أن يقرأها الطرفان بعناية، ولا يتخذا قرارات مُتسرعة".
وفي حديثه حول أي مُحادثات مُستقبليّة بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني، يقول غرينبلات: "إذا بدأنا السير على طريق شروط مُسبقة لأي مُحادثات مُستقبليّة، سيكون لدى الطرفين شروط، ولن نصل إلى أي مكان حتى، وإن كنّا نتفق مع شروط هذا الطرف أو ذاك".
وأشار هنا إلى أنّ الولايات المتحدة تُريد التعامل بطريقة مُختلفة، عن طريق القول: "ضعوا الشروط جانباً وها هي الخطة، ويُمكنكم في سياق المفاوضات تناول هذه الشروط المُسبقة، فإذا لم يكن بالإمكان مُعالجتها، فمن المُحتمل ألا يُحققوا اتفاقية سلام في أي حال".
واستطرد قائلاً: "مع ذلك، لا أتخيّل توقيع اتفاقية سلام بينما تدفع السلطات الفلسطينيّة الأموال في برنامج يُكافئ الإرهابيين الذين يُهاجمون أو يقتلون الإسرائيليين، فلا يُمكن تشجيع الناس على القتل، ثم نتوقّع التوصل إلى اتفاق سلام ناجح"، في إشارة إلى مُخصصات عائلات الشهداء والأسرى الفلسطينيين، التي حرمت الولايات المتحدة السلطة الفلسطينية من مساعداتها بسببها.
وتابع قوله: "ولا أستطيع أن أتخيّل أنّ الحكومة الإسرائيليّة تُوقّع على اتفاق، فالأمر لن يكون له أي معنى، وهو يتناقض تماماً مع مفهوم السلام، وقد قطعت الولايات المتحدة كل التمويل للسلطة الفلسطينيّة، رداً على هذا البرنامج البغيض، ونُواصل رفع الوعي بهذه القضيّة إلى الدول المانحة الأخرى، ولا أستطيع أن أفهم لماذا تستمر الدول المانحة في التبرع بأموال تُستخدم لتمويل الإرهاب وقتل الإسرائيليين".