صابر حليمة – بيروت
على امتداد أسابيع، عمّت التظاهرات المخيمات والتجمعات الفلسطينية للمطالبة بحقهم كـ "لاجئين" في العمل والعيش بكرامة لحين عودتهم إلى وطنهم، بما يشمل ذلك حصولهم على حقوق عدة مغيبة عنهم منذ عقود، وكانت هذه التحركات قد بدأت رداً على وزير العمل كميل أبو سليمان، الذي لم يستثن اللاجئ الفلسطيني في حملة وزارته لمكافحة "العمالة الأجنبية في البلاد، ما أدى إلى ملاحقة العمال وأرباب العمل الفلسطينيين والتضييق عليهم عبر فرض الحصول على إجازات عمل، ولم يُعر اهتماماً لصرخاتهم ومناشداتهم المعيشية، ولا للأوضاع المزرية التي يرزحون تحتها في مخيماتهم، ولا إلى توجيهات المستوى السياسي الرسمي في البلاد له باستثناء اللاجئ الفلسطيني من حملته إلى حين دراسة الأمر.
لكن، ومع اندلاع الاحتجاجات اللبنانية غير المسبوقة، والتي قدر عدد المشاركين فيها بمليون ومئتي ألف، من أقصى جنوب لبنان إلى أقصى شماله، أعلن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، منتصف ليل أمس، استقالة وزرائه من الحكومة، بينهم أبو سليمان.
"من عين الحلوة تحية.. للثورة اللبنانية"
وبغض النظر عن القراءات السياسية المختلفة لهذه الاستقالة وتوقيتها والآثار المترتبة عليها داخلياً وإقليمياً، كانت هناك فرحة عفوية في صفوف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وخرجت مظاهرة في مخيم عين الحلوة كان الهتاف البارز فيها: "من عين الحلوة تحية.. للثورة اللبنانية".
فيما التضامن مع الانتفاضة اللبنانية كان جزءاً أساسياً من تغريدات ومنشورات الفلسطينيين في لبنان عبر مواقع التواصل الاجتماعي، منذ الساعات الأولى للانتفاضة، مع توجه فلسطيني حريص في عدم المشاركة الميدانية في المظاهرات، كون القضية بالمقام الأول لبنانية داخلية، لا تتحمل التشويش.
وفي عبارة أخرى، يمكن القول إن الحراك اللبناني أكمل الحراك الفلسطيني ونادى بتحقيق مطالبه، حيث يترقب الفلسطينيون – بعيداً عن المشاركة الفعلية- الاحتجاجات الحالية لحظة بلحظة، أملاً في تغيير النظام الطائفي السياسي القائم في البلاد وبالتالي حصوله من خلال أي تركيبة سياسية مستقبلية على حقوقه الإنسانية، لا سيما وأن التحرك اللبناني مدني بحت يطالب بتغيير شامل في البلاد، وبما أن مبادئ الحرية والكرامة لا تتجزأ، ومن البديهي في حال تم إلغاء التركيب الطائفي القائم على المصالح وانتخاب حكومة كفاءات، أن يحصل الفلسطيني على حقه، وتتحسن أوضاعه المعيشية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية في بلد استقبله على مدى واحد وسبعين عاماً، وأضحى جزءاً أساسياً -إلى حين عودته- ومساهماً في البلاد.
"عين الحلوة نحنا معك حتى الموت"
وكما تضامن الشعب اللبناني مع حراك المخيمات وشارك فيه، لم ينس المحتجون لليوم الرابع على التوالي، اللاجئين الفلسطينيين، ومخيم عين الحلوة تحديداً، حيث عمّت هتافات: "فلسطين نحن معك حتى الموت"، "عين الحلوة نحن معك حتى الموت"، "برج شمالي نحن معك حتى الموت".
كما انتشرت صورة من الجموع الغفيرة في ساحة الشهداء وسط العاصمة اللبنانية بيروت، وفيها "اعتذار" عن ممارسات الدولة اللبنانية العنصرية بحق اللاجئين الفلسطينيين.
وفي لفتة أخرى، هتفت إحدى الفتيات: "لاجئين جوا جوا.. باسيل برا برا.."، تعبيراً عن تضامنها مع اللاجئين ورفضاً لتصريحات وزير الخارجية اللبناني، رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، والتي توصف دائماً بـ بالعنصرية"
لا يخفي الفلسطينيون في لبنان ترقبهم للتحركات الحالية، خصوصاً وأن النظام السياسي بأحزابه ومكوناته كافة، الذي
يهتف المتظاهرون ضده في ساحات وشوارع لبنان، طالما لم يرغب أو لم يستطع منحهم أبسط حقوقهم الإنسانية، وجعلهم يعيشون غربة ثانية في بلد من المفترض أنه عربي شقيق، تنادي معظم أحزابه بالقضية الفلسطينية كقضية محورية للأمة.