الوليد يحيى - صيدا 

تأثّر اللاجئون الفلسطينيون المهجّرون من سوريا إلى لبنان، معيشيّاً بشكل حاد بما تشهده البلاد من حالة شلل وتوقف للأعمال، جرّاء قطع الطرق والإضرابات الممتدة في المناطق اللبنانية في إطار الانتفاضة الشعبية في البلاد.

توقّف الورش الصغيرة وإغلاق الأسواق لأبوابها وكذلك المطاعم والمرافق الخدمية الصغيرة، أوقف حال فلسطينيي سوريا في لبنان المعيشي بشكل كامل، ومعظمهم يعتمدون في عيشهم على أجور يوميّة يحصّلونها جرّاء أعمال في تلك القطاعات، ما يشير إلى هشاشة حادّة في أوضاعهم الاقتصاديّة وتأثرهم الشديد بأي اهتزازات قد توصلهم إلى عتبة الجوع وفق ما يؤكد كثيرون.

اللاجئ أبو محمد نعيمي من أبناء مخيّم اليرموك والقاطن في مدينة صيدا، أحد المتأثرين بشكل حاد جرّاء عدم تمكنّه من القيام بعمله كبائع جوّال للخضار منذ أيّام، بسبب قطع الطرق وإغلاق سوق الحسبة في المدينة وفق ما أكّد لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين".

يقول اللاجئ نعيمي وهو متزوّج ولديه طفل: إنّ دخله الوحيد الذي يعتاش منه هو وأسرته، محصور ببيع الخضار على العربة التي يجرّها في شوارع مدينة صيدا، وبالكاد تدرّ عليه ما يكفيه قوت يومه ومتطلبات بيته، مشيراً إلى أنّ رزقه يأتيه "يوماً بيوم" فتوقفه ليوم واحد يفقده إمكانيّة شراء مستلزمات بيته من طعام وشراب.

ويعمل 43% من اللاجئين الفلسطينيين السوريين في لبنان، في المهن اليدوية والقطاعات الخدميّة (مطاعم، كافتريات، أفران، ورش.. الخ) لتحسين واقعهم المعيشي في البلد الذي يعتبر الأغلى معيشيّاً في المنطقة، في ما يعاني 57% المتبقّين من البطالة وفق أرقام صادرة عن " أونروا".

الشريحة الأكثر ضعفاً في البلاد

توقّف البلاد، أوقف حال فلسطينيي سوريا فيها ووضع العديدين منهم على حافّة الجوع، وفق اللاجئ نعيمي، الذي أوضح لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أنّ حجم المصاريف الواجب دفعها شهريّاً لقاء السكن والكهرباء، لا يتيح لهم توفير المال من أجل الأيّام السوداء وفق تعبيره، فمعظم فلسطينيي سوريا الذين يعملون في لبنان، يتلقون أجراً يبلّغ في حدّه الأقصى 15 ولاراً في اليوم، وهي قيمة بالكاد تكفي للطعام اليومي في ظل ارتفاع الأسعار في لبنان.

أوضاع معيشيّة هشّة، يعيشها نحو 29 ألف لاجئ فلسطيني مهجّر من سوريا إلى لبنان، تُصنّفهم "أونروا" من ضمن الأكثر تهميشاً وضعفاً من بين مجتمعات اللاجئين في العالم، ووفق الوكالة الدولية فإنّ نحو  90 % منهم يعيشون تحت خطّ الفقر، أي بأقل من دولارين في اليوم الواحد، وهو المعيار العالمي المُحدد من قبل البنك الدولي، في حين يفتقد 95 % منهم للأمن الغذائي، أي لا تتوفّر لديهم كميّات الغذاء التي تحميهم من الجوع.

نداءات لـ"أونروا" من أجل الإغاثة الطارئة

وفي هذا السياق، أطلق العديد من فلسطينيي سوريا في لبنان، نداءات لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" من أجل الالتفات لمعاناتهم المعيشيّة في ظل ما يشهده لبنان من احتجاجات يترتب عليها تعطيلاً فعلياً للبلاد، نظراً لهشاشة أوضاعهم الاقتصاديّة واعتمادهم على ما يمكن أن يحصّلوه من أعمال يوميّة توقّفت جميعها، مطالبين الوكالة بإعداد خطّة طوارئ لإغاثة اللاجئين.

اللاجئ أبو وسام المقيم في صيدا، انتقد عبر "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" غياب وكالة " اونروا" عن متابعة أحوال العائلات الفلسطينية المهجّرة من سوريا، في ظل هذه الأوضاع التي يشهدها لبنان، وقال موجّهاً كلامه بنبرة حادّة لمسؤولي الوكالة :" كثر خيركم عم تعطونا 100 دولار بالشهر ومفكرين حالكم حلّيتوا الأزمة".

وأشار أبو وسام، إلى أحواله، بعد توقّف عمله في ورشة لحدادة السيّارات وهو المسؤول عن إعالة أسرته المكوّنة من 3 أفراد؛ ويقول :" أتقاضى يوميّاً من صاحب العمل 20 إلى 30 الف ليرة لبنانية، وأحياناً 10 آلاف في أوقات العمل القليل، ومنذ خمسة أيّام لم يدخل إلى جيبي ليرة واحدة".

وأكّد أبو وسام، أنّ أحوال فلسطينيي سوريا في لبنان لا تقارن بغيرهم من فلسطينيي لبنان أو اللبنانيين، موضحاً أنّ جميع الناس في لبنان باستثناء الفلسطينيين السوريين المهجّرين، لديهم ما يستندون عليه وقت الأزمات، "لكونهم قد أسسوا حياتهم هنا ولديهم بيوت ومصالح ولا يدفع معظمهم إيجارات منازل وسواها، وبالتالي قادرون على تحمّل الأزمات، بينما نحن ليس لدينا شيء" حسبما قال لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين".

وحمّل أبو وسام مسؤولية التدهور المعيشي للاجئين الفلسطينيين السوريين في لبنان، والذي ممكن أن يصل بمعظمهم إلى الجوع في حال امتدّ أمد الاحتجاجات في البلاد ، إلى وكالة "أونروا" لكونها المسؤول الأوّل عن إغاثة اللاجئين وفق ما أضاف، مشيراً إلى ضرورة وضع خطّة طارئة لإغاثة العائلات الفلسطينية السوريّة، "ولو عبر توزيع كراتين إغاثة" وفق قوله.

وعبر موقع التواصل الاجتماعي، أطلق بعض الناشطين نداءات للوكالة ومنظمة التحرير وفصائلها، من أجل الالتفات إلى أوضاع اللاجئين الفلسطينيين السوريين.

وكتب الناشط أحمد الكردي عبر صفحته في "فيسبوك" متوجهاً للمعنيين " ماحدا سائل على فلسطينيي سوريا، ولا حدا حاسس أنّو ما يجري على الأراضي اللبنانية له أثر سلبي علينا" في إشارة إلى وكالة " أونروا" ومنظمة التحرير".

وأكّد الكردي أنّ معونة وكالة "أونروا" التي تقدمّها لفلسطينيي سوريا، لا تكفي أجرة منزل، في حين أنّ معظم الأعمال التي كان يعتاش منها اللاجئون قد توقفت، وتساءل عن غياب الوكالة ومنظمة التحرير وتقاعسهم عن وضع خطط طارئة لإغاثتهم.
 

خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد