الوليد خالد يحيى - بوابة اللاجئين الفلسطينيين
يخوض الفلسطينيون في مراكز استقبال اللاجئين في بلجيكا، حراكاً احتجاجيّاً منذ نحو أسبوع، كان آخر تمظهر له أمس الأربعاء، 23 تشرين الأوّل/ أكتوبر، حيث اعتصم المئات منهم أمام مراكز "موسكرون، كابيلين أنتويربن، أونس ليج، سينغي، وشالواه" وسواها من المراكز المنتشرة في أنحاء البلاد، احتجاجاً على سياسات الحكومة البلجيكية تجاه طالبي اللجوء الفلسطينيين، والمماطلة في البت بطلباتهم لجوئهم ومنحهم الإقامة والسكن، كما عمدوا إلى رفض تناول طعام الغداء والعشاء المقدّم لهم وذلك في إضراب جزئي ضمن تحركاتهم الاحتجاجية.
"محتجزون" في مراكز اللجوء
وأطبقت سياسيات الحكومة البلجيكية الخناق على طالبي اللجوء الفلسطينيين بشكل كبير، تماشياً مع سياسيات أطلقها منذ العام 2018 الفائت وزيرة الهجرة واللجوء في حكومة اليمين المتشدد الذي يقودها، ثيو فرانكين، اعتبرت في صيغها أنّ "الوضع في فلسطين مستقرّاً"، وبالتالي لا يحق لهم تقديم طلبات اللجوء في بلادها.
سياسات سجنت المئات من الفلسطينيين وغالبيتهم من أبناء قطاع غزّة المُحاصر، في مراكز اللجوء إلى آجال غير معلومة، نظراً لعدم تمكّنهم من الحصول على المنازل الاجتماعيّة "سوسيال"، التي تُمنح للاجئين في البلاد، في حين لا يقوى غالبيتهم على تحمّل البقاء في تلك المراكز، التي تقيّد حياتهم وتوقفها عند محددات الإقامة فيها، وبالتالي توقّف مستقبل العشرات من الشبّان التعليمي والمهني والاجتماعي وسواه.
جهاد البحيصي فلسطيني من أبناء قطاع غزّة المحاصر، قد يضطّر للبقاء في مركز "موسكرون" للجوء لسنوات بسبب تجميد ملّف لجوئه من قبل مؤسسة اللجوء والهجرة البلجيكية، ويقول لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" : " إنّ الحصول على سكن اجتماعي -سوسيال- صار مستحيلاً لأنّ ذلك بات مشروطاً بالحصول على الإقامة التي لا تمنحنا إياها الحكومة البلجيكية".
يؤكّد جهاد، أنّ الإجراءات تطال كافة الفلسطينيين بغض النظر عن أوضاعهم الاجتماعيّة او الصحيّة، فالجميع ينتظرون سواء كانوا شبّاناً بمفردهم أو عائلات بأطفالها ونسائها وشيوخها، وحتّى ذوي الاحتياجات الخاصّة لا استثناء لهم، فهم جميعهم يجهلون مصيرهم في مراكز اللجوء.
تهميش رسمي وإعلامي وحقوقي
بعض الفلسطينيين في مراكز اللجوء مضى على وجودهم قرابة العام، نظراً لكون الإجراءات الجديدة قد بدأ تطبيقها منذ ديسمبر/ كانون الثاني 2018، الأمر الذي دفع بطالبي اللجوء للتحرك من أجل لفت أنظار السلطات والمنظمات الحقوقية لقضيتهم التي يتجاهلها الإعلام البلجيكي بشكل كامل.
يؤكد جهاد البحيصي لـ"بوابة اللاجئين" أنّ أكثر من 300 لاجئ في مركز "موسكرون" غالبتهم من قطاع غزّة المُحاصر، جاءهم رفض أوّلي لطلبات لجوئهم، بالإضافة إلى المئات في مراكز اللجوء الأخرى، لم يتبقّى أمامهم سوى الاعتصام والتحرّك لإظهار قضيتهم.
ويشير جهاد، إلى التهميش الكامل الذي يتلقوه من قبل السلطات البلجيكية والصحافة في البلاد وكذلك المنظمات الحقوقية، ولا يعوّل كغيره من اللاجئين الفلسطينيين في بلجيكا سوى على التحرّكات الاحتجاجيّة وتعميمها لتصل إلى المعنيين، مؤكّداً على استمرارها والتخطيط للمزيد من التحرّكات الموحّدة والإجراءات التصعيدية في الايّام القادمة.
إلى الشعب البلجيكي .. مطالبنا إنسانية
تجاهل رسمي وإعلامي وحقوقي، لم يخلُ سوى من التمنيّات التي يقدّمها مدراء مراكز اللجوء للمحتجّين، وفق جهاد البحيصي، الذي ينتقد اكتفاء مديرة مركز "موسكرون" بتقديم المشاعر الطيّبة والتمنيات لهم بمستقبل أفضل، حيث لا تمتلك صلاحيات أكثر من كونها مجّرد مديرة للمركز.
ولهذا، يوجّه اللاجئون عبر حراكهم، رسائل للشعب البلجيكي ومنظماته الحقوقية والإنسانيّة، وكذلك للإعلام البلجيكي، من أجل الإضاءة على حقيقة طالبي اللجوء الفلسطينيين، وعكس الصورة المغايرة التي تعتمدها وزيرة الهجرة واللجوء البلجيكية التي تعبر الوضع في فلسطين "آمن" وفق رؤيتها، وتبني سياساتها على هذا الأساس.
وعبّر اللاجئون في مركز "موسكرون" في رسالة وجهوها للشعب البلجيكي عن خيبة أملهم مما تلقّوه منذ وصولهم إلى البلاد كطالبي لجوء، دفعتهم ظروف الحرب والقمع والاحتلال إلى البحث عن مستقبل أفضل.
وجاء في الرسالة التي وصلت لـ" بوابة اللاجئين الفلسطينيين": "من اللاجئين الفلسطينيين في مراكز اللجوء إلى الشعب البلجيكي والمسؤولين عن ملف الفلسطيني، أتينا من واقع قمعي وغي انساني يتسّم بالاضطهاد، وتركنا أهلنا وأطفالنا تحت هذا القمع وأتينا إلى بلجيكا للبحث عن مستقبل أفضل لأطفالنا ولنا".
وأضاف اللاجئون في رسالتهم: "عبرنا البحار والغابات للوصول إلى هنا ومنّا من توفي على الطريق، وفي أنفسنا أمال بأن نكون بأمان واستقرار في بلادكم ونقدّم للمجتمع البلجيكي أفضل ما عندنا، ولكّنا أصبنا بخيبة أمل شديدة".
واعتبر اللاجئون الإجراءات التي تتخذها السلطات البلجيكية بحقّهم "غير مبررة" مشيرين إلى الظروف غير الإنسانيّة التي يعيشونها في مراكز اللجوء، والتي وفق الرسالة، "لا تعبّر عن صورة بلجيكا الإنسانيّة الحضاريّة، التي يوجد فيها معظم مقرّات المنظمات الحقوقية الدوليّة".
وحدد اللاجئون مطالبهم بـ" الإسراع في النظر بملفات اللجوء الخاصة بالفلسطينيين، ووقف المماطلة والتأجيل التي امتدّت لسنوات في بعض الملفات" وبالتالي كي يتسنّى لهم الحصول على منازل وممارسة حياتهم بشكل طبيعي بعيداً عم الظروف التي يعانوها في مراكز اللجوء.
باقي الصور: