خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين
صادف يوم أمس 20/11 "اليوم العالمي للطفل"، بعد أن أوصت به الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1954 وفق القرار (836) بناء على قرارت اللجنة الثالثة، وذلك بأن تقيم جميع البلدان يوماً عالمياً للطفل يحتفل به بوصفه يوماً للتآخي والتفاهم على النطاق العالمي بين الأطفال، وللعمل من أجل تعزيز رفاه الأطفال في العالم. واقترحت على الحكومات الاحتفال بذلك اليوم في التاريخ الذي تراه كل منها مناسباً. ويمثل تاريخ 20 تشرين الثاني/ نوفمبر اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة إعلان حقوق الطفل 1959 واتفاقية حقوق الطفل في العام 1989.
والحقوق التي يجب أن يتمتع بها الطفل تندرج بين الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية، الأمر الذي يحدد المعيار والحد الأدنى من مستوى الحياة التي من المتوقع أن ينالها الأطفال، وهم "مواطنو الغد"على حد تعبير الأمم المتحدة، بيد أن الحروب والنزاعات المسلحة وتدني الأوضاع الاقتصاية تساهم في خرق تلك الحقوق وتعرض الطفل لانتهاكات على كافة المستويات، كما تعمل على حرمان الطفل من الحصول على المتطلبات الغذائية الأساسية في الحياة، وقضاء العديد منهم لعدم توفر المواد اللازمة في البقاء كالمسكن والتعليم والغذاء مما يحرمه من حقه الأصيل في الحياة.
يتعرض مئات الأطفال الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، واللاجئون منهم ممن ولدوا في دول الجوار في سورية ولبنان، بشكل شبه يومي لانتهاكات واعتداءات تصل حد تهديد حياتهم بالموت، أو الحرمان من حق التعلم واللعب وخوض معترك الحياة والعمل في سن مبكر لإعالة العائلة، ومنها ما يؤثر في أفكارهم بطريقة تنحو اتجاه التطرف، ومواجهة الموت أحيانا في المحاكم بتهم باطلة، ويقبعون سنوات في أسوأ الظروف ضمن المعتقلات، ومنهم من يجنده في صفوفه ليزجهم ويستخدمهم في ساحات القتال، كما يقبع أطفال آخرون خلف الحصار حرموا الغذاء والدواء والتعليم فقضوا نتيجة تلك الأوضاع.
في سورية
تأثر الطفل الفلسطيني كباقي الأطفال في سورية بالنزاع المسلح خلال السنوات الماضية، فقضى نحو 211 طفلاً فلسطينياً لأسباب مختلفة، منها الحصار، كحصار مخيم اليرموك جنوب العاصمة دمشق، الذي ذهب ضحيته 190 لاجئاً بينهم 24 طفلاً، في حين حرم 1500 طفلاً من التعليم بسبب سيطرة تنظيم داعش على المخيم منذ العام 2015 وفرضها ممارسات وقوانين تمنع التدريس وتهدف إلى التجهيل في فرض مناهج التنظيم الخاصة، واستغلال صغر سنهم واستغلال ظروفهم في ظل الحصار في تشغيلهم بعمليات الحفر التي تقوم بها داعش لقاء مبالغ بسيطة جدا.
عدا عن وجود أطفال قضوا تحت التعذيب في سجون قوات النظام، ومعتقلين شاهدوا أطفال رُضَع في أحضان أمهاتهم المعتقلات، إلى جانب حالات القصف والقنص والمفخخات التي راح ضحيتها عشرات الأطفال في مناطق متفرقة من سورية كتفجيرات السيدة زينب، ناهيك عن حوالي 21 طفلاً قضوا غرقا أثناء محاولتهم الفرار من جحيم الحرب في سورية مع أسرهم عبر قوارب الموت.
كما تشهد بعض المخيمات انتشار ظاهرة التجنيد من قبل بعض الفصائل والتنظيمات الفلسطينية المسيطرة على المخيم، وهي ظاهرة يشهدها مخيم جرمانا، إذ بعد العسكرة التي حصلت خلال الأحداث في سورية، وهي ظاهرة التجنيد لشباب المخيم بشكل مُكثَّف، إذ ينتشر في المخيم عدد من مكاتب الفصائل الفلسطينية التي تقاتل إلى جانب النظام، منها (فتح الانتفاضة، الجبهة الشعبية- القيادة العامة)، وتقوم هذه الفصائل في إقامة معسكرات قتال دورية للشبان من أجل زجهم في ساحات القتال، غير آبهين بأعمار من يجندوهم، إذ تُظهر صور مأخوذة من أحد المعسكرات القتالية التي أقيمت في مخيم جرمانا أطفالاً دون سن الـ(16)، من حيث أشكالهم وبنية أجسادهم الضعيفة، وساهم في عملية التجنيد تلك عدة عوامل سهّلت على الفصائل تواصلها مع الأطفال والشباب من أجل تجنيدهم، منها الوضع الاقتصادي المزري وارتفاع نسبة البطالة بين أبناء المخيم، وهنا تُقدم هذه الفصائل خدماتها المالية لتسد بعضا مما يفتقر إليه أبناء المخيم في إيجاد فرصة عمل، إلى جانب الوضع النفسي من حيث انعكاس أجواء الحرب الكئيبة، وعدم الإمكانية في السفر مما يجعلهم يشعرون بانسداد الأفق وندرة الخيارات. كما أن الوضع الأمني غير المستقر والمسيطر على الأجواء، يجعل الشباب ترغب في توفير حماية أمنية خوفاً من الاعتقال، وتدفع البعض منهم إلى الالتحاق في صفوف المجموعات العسكرية الموالية للنظام، يضاف لهذه العوامل ظاهرة التسرب المدرسي في مخيم جرمانا التي تحدث لأسباب مختلفة مثل الظروف الإقتصادية بسبب عدم قدرة الأسرة على تحمل تكاليف دراسة الطفل، أو عدم توفر البيئة المناسبة للتعلم.
فيما يخضع قرابة 3000 آلاف طفل تحت الحصار في مخيم خان الشيح في الغوطة الغربية لدمشق، وقد قصفت مدارسهم أكثر من مرة، ودمرت مدرستان تتبعان لوكالة الأونروا، كما في مخيم درعا جنوب سورية، فلم يتبق مدرسة واحدة، وفقد طلاب المخيم صفوفهم بعد القصف المدفعي والمروحي الذي دمر البنى التحتية والخدمية في المخيم بنسبة 85%.
في لبنان
لا يتوفر للطفل الفلسطيني مقومات الحياة الجيدة من صحة وغذاء وتعلم ولعب، بسبب الظروف الاقتصادية السيئة في المخيمات الفلسطينية، وتقليصات الأونروا التي أثرت سلبا على حياة اللاجئين، وكانت بوابة اللاجئين قد اجرت تحقيقا بتاريخ 28 سبتمبر من العام الحالي تحت عنوان (أطفال مخيم عين الحلوة.. هل يحق لهم التعلم)، ووجدت أن العديد من الأطفال الذين يعيشون في مخيم عين الحلوة الواقع في مدينة صيدا، جنوب لبنان، محرومون من حقهم في التعليم، والأسباب تعود بالدرجة الأولى إلى تدني المستوى الاقتصادي للأهل، وللمشاكل الأسرية التي يعاني منها الأهل داخل المخيم.
والتقت البوابة الطفل "بلال محمد الخطيب" أحد الأطفال الذين حرموا من متابعة تعليمهم، والسبب في ذلك عائد إلى مشاكل أسرية وقعت بين الأم والأب، فاضطر بلال إلى الاعتناء بأخته الصغيرة، وأخيه، حتى عودة الأب من العمل، ويبلغ بلال من العمر خمسة عشر عامًا، يعمل في محل لتصليح ميكانيك السيارات في مخيم عين الحلوة، ترك المدرسة وهو في الصف الرابع الأساسي، يقول بلال شارحًا حالته للبوابة:
"لم أكن أريد ترك المدرسة، لكن ظروفي أجبرتني على ذلك، فكان والدي يلزمني البقاء مع أخوتي الصغار لأعتني بهم، وأختي التي كنت أهتم بها صارت تبلغ من العمر تسع سنوات، وبعد عودة حياتنا العائلية كما كانت عليه في السابق، كان قد فات الأوان لعودتي إلى المدرسة، لأنني نسيت الكتابة والقراءة، وصرت أكبر من زملائي الذين سيكونون في صفي، لذلك عزفت عن فكرة العودة إلى المدرسة، وفضلت أن أتعلم مصلحة تصليح السيارات".
ويعتبر التسرّب المدرسي من أهم المشكلات التي يعانيها الأطفال، في المخيمات الفلسطينية في لبنان، لاسيما المراهقين منهم.
أمّا عن الأسباب الحقيقيّة للتسرب، والمسؤول عنها، فيرى بعض الأهالي أنه قد تكون هناك أسباب مادية تعيق تعليم الولد، فيخرج الطفل من المدرسة ويعمل ليساعد أهله في مصروف البيت، وذلك لوجود ضائقة اقتصادية يعيشها معظم الفلسطينيين، بسبب قلة فرص العمل المتاحة للفلسطيني في لبنان، كما أن هناك أيضاً أسبابا تتعلق بالأولاد أنفسهم، فهم لا يريدون أن يتعلموا، خصوصاً إذا كان الطفل مقصّرًا في دراسته، فيضطر أهله لإخراجه من المدرسة وتعليمه مهنة.
في فلسطين
لا تقتصر انتهاكات حقوق الطفل لدى أطفال فلسطين، على الفقر المحيط بعائلاتهم وعدم تلبية احتياجاتهم أو البيئة غير الصحيّة أو الحرمان من التعليم فحسب، فتواجد الاحتلال الصهيوني على أراضيهم يشكّل انتهاكاً رئيسياً وتهديداً مستمراً على حياتهم.
فيعيش الأطفال الفلسطينيون في كل منطقة من فلسطين المحتلة بظروف معقّدة حسب طبيعة تواجد الاحتلال فيها، وتصل انتهاكات الاحتلال لحقوق هؤلاء الأطفال حد انتهاك كل يوم في الأراضي المحتلة التي تشهد إعدامات ميدانية وعمليات قتل متكررة إن كان بشكل فردي في الشوارع وعلى الحواجز أو بشكل جماعي خلال المواجهات والمظاهرات أو عمليات القصف، أو بالحصار الذي تفرضه على قطاع غزة ما يؤدي إلى حرمان آلاف الأطفال من الخروج للعلاج، والذين أصيب عدد كبير منهم خلال فترات العدوان على القطاع.
بالإضافة لحرمانهم من حريتهم من خلال عمليات الاعتقال والتنكيل بهم خلال التحقيقات والأحكام الظالمة التي تصدر بحقهم وتصل إلى سنوات، وأحكام الحبس المنزلي التي تصدرها محاكم الاحتلال بحق أطفال القدس، ومع بناء الاحتلال لجدار الفصل العنصري تزداد معاناة هؤلاء الأطفال في الوصول إلى مدارسهم، إذ تقع منازل بعضهم في مناطق يعبر من خلالها الجدار فيفصلها عن المدارس، وقيام قوات الاحتلال بهدم منازل في أنحاء متفرقة من فلسطين المحتلة وقرى بأكملها في النقب المحتل ما يحرم هؤلاء الأطفال من السكن.
وحسب الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال "فرع فلسطين"، فإن الطفل الفلسطيني لا يتمتع بأبسط حق تنص عليه المادة السادسة من الاتفاقية، وهو الحق في الحياة، ووفقاً لإحصائيات الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، فإن عدد الأطفال الفلسطينيين الذين قُتلوا على يد قوات الاحتلال والمستوطنين بلغ (2009) طفلاً منذ عام 2000 حتى الآن، بينهم (32) طفلاً في القدس المحتلة، وحياتهم مهددة بالخطر في كل لحظة، وتجاوز عدد الأطفال الأسرى في سجون الاحتلال (400) طفلاً من بينهم (118) مقدسياً.
ويقول مدير عام الحركة العالمية خالد قزمار أن منظومة حقوق الطفل التي تعترف بها المواثيق الدولية تكاد تكون منتهكة بشكل كامل في فلسطين بسبب وجود الاحتلال، فالانتهاكات بحق الأطفال المقدسيين مضاعفة وذلك لخضوع المدينة وسكانها للاحتلال بشكل مباشر، وعلى سبيل المثال يتم حرمان الطفل المقدسي من العلاج وتلقّي التعليم في المدارس التابعة لبلدية الاحتلال في حال كان يحمل أحد والديه هوية الضفة الغربية المحتلة "الهوية الخضراء" وهي هوية السلطة الفلسطينية، والآخر الهوية الزرقاء التي يمنحها الاحتلال للمقدسيين، وعلى الطفل أن يتقبّل فكرة العيش مع أحد الوالدين فقط بسبب حالة عدم الاستقرار لاختلاف نوع بطاقة الهوية.
وتطال انتهاكات الاحتلال إلى الجانب التعليمي لدى الأطفال الفلسطينيين، إذ تقوم وزارة المعارف "الإسرائيلية" بتحريف المنهاج الفلسطيني في المدارس التابعة لها في القدس المحتلة، ويخضع كذلك للحذف والتشويه، وتشكّل هذه المدارس ما نسبته 53% من قطاع التعليم.
وتصل انتهاكات حقوقهم في التعليم كذلك إلى مدارس وكالة الغوث التي تسعى مؤخراً لتثبيت سياسة "التشعيب" بزيادة أعداد الطلاب في الغرف الدراسية، ما يزيد من الضغط على الطلاب.
وحسب بيان صدر عن جهاز الإحصاء الفلسطيني، الأحد 20 تشرين الثاني الجاري، بمناسبة يوم الطفل العالمي، فإن عدد الأطفال أقل من 18 عاماً في فلسطين حتى منتصف العام 2016 يقدّر بحوالي (2207535) طفلاً، أي ما نسبته حوالي 45.8% من السكان، منهم (1127283) ذكراً و(1080252) أنثى، ويشكل الأطفال في قطاع غزة ما نسبته 49.6% من السكان، مقابل 43.4% من إجمالي سكان الضفة المحتلة.
وحسب بيان جهاز الإحصاء فإن 4.5% من إجمالي عدد الأطفال في الفئة العمري (10-17) عاماً هم أطفال عاملون سواء بأجر أو دون أجر خلال العام 2015، بواقع 5.7% بالضفة المحتلة و2.8% في قطاع غزة، ونسبة الذكور الأطفال منهم 8.5% مقارنةً بـ 0.4% من الإناث.
وبلغت نسبة الأطفال الملتحقين بالمدرسة ويعملون 2.3%ـ بواقع 2.8% في الضفة المحتلة و1.4% في قطاع غزة.
في حين بلغ معدل الأجر اليومي بالشيقل للأطفال (10-17) عاماً العاملين كمستخدمين بأجر، (48.7) شيقل، وبلغ معدل ساعات العمل الأسبوعية للأطفال العاملين (44.4) ساعة عمل أسبوعياً خلال العام 2015.
وبلغت نسبة التسرب في مرحلة التعليم الأساسي في العام الدراسي 2014/2015 حوالي 1.5% بين الذكور مقابل 1.1% بين الإناث، وفي المرحلة الثانوية بلغت هذه النسبة 2.1% بين الذكور مقابل 1.8% بين الإناث.