صابر حليمة – بيروت
إبراهيم.. طفل في السادسة عشر من عمره يعيش في مخيم مارالياس للاجئين الفلسطينيين، ترك المدرسة وهو في الرابعة عشر، ويعمل حالياً في محل لبيع النراجيل والقهوة.
ويقول إبراهيم، في نظرة يملؤها الإحباط واليأس، إن حزناً يتملكه حينما يرى زملاءه يذهبون إلى المدرسة، فيما يذهب هو إلى عمله ذي المردود الزهيد، ويؤكد: "حابب تعلم الحلاقة أو النجارة، بدي اتعلم صنعة حتى ما احتاج لحدا بالمستقبل".
وفيما تقول والدة إبراهيم إن المدرسة لم تعد تستقبله لتكرر رسوبه، سأل موقعنا مدير المدرسة والجيران وأهالي المخيم الذي يقطن فيه وجميعهم أكدوا أن الطفل كان كثير الغياب وأن المدرسة دوماً كانت مستعدة لاستقباله فيما ألقوا باللائمة على والده ووالدته لتقصيرهم بالاعتناء به ومتابعة دراسته.
حال إبراهيم، كحال آلاف من الأطفال المتسربين من المدارس في مختلف مخيمات لبنان، ظاهرة تغذيها بيئة فقر خصبة يرافقها استهتار وتجاهل أحياناً من المعنيين الرئيسيين، أي الأهل أوالمدرسة.
ما هو التسرب المدرسي؟ وما هي أسبابه؟
في حديث مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أوضحت المختصة في القضايا التربوية سامية الميناوي أن التسرب المدرسي يحصل حينما يترك الطفل المدرسة في وقت يكون مكانه الأصح والأنسب فيها.
وأشارت الميناوي، إلى أن أسباب هذه الظاهرة عديدة، أبرزها التأخر المدرسي أو الصعوبات التعليمية، أوالمشاكل بين الأهل، أو مشاكل اقتصادية تدفع الأهل إلى الاستعانة بأولادهم لإعانتهم مادياً.
وتوضح أن الطفل عندما يخرج من المدرسة لا يكون واعياً لحجم المشكلة، والمسؤولية تقع على الأهل وإدارات المدارس والمدرسين.
فيما حمّل مسؤول اللجنة التربوية في اللجان الشعبية في لبنان أبو محمود إسماعيل إدارة المدرسة، والمنهاج المرتكز أساساً على التلقين، المسؤولية الأولى لهذه الظاهرة، إذ تسبب ذلك في عدم رغبة الطلاب وحبهم للمواد.
"أونروا": نعمل لتأمين الدعم اللازم للطلاب
وإضافة إلى أسباب التسرب المذكورة سابقاً، أضاف رئيس برنامج التعليم في "أونروا" سالم ديب الزواج المبكر، الذي اعتبره عاملاً في الخروج المبكر للطلاب من المدرسة.
وذكرت دراسة صادرة عن "أونروا" في صيف عام 2013 أن "تدني التحصيل"، هو السبب الرئيس للتسرب في لبنان، لا سيما للذكور.
ولا توجد نسبة دقيقة لظاهرة التسرب المدرسي في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، كما لا توجد دراسات دقيقة لهذه الظاهرة المتزايدة في سبيل الخروج بحلول عملية.
لكن دراسة "أونروا"، المذكرة سابقاً، أشارت إلى أن "الطالب الذي يعيد صفه يكون احتمال تسربه من المدرسة عشرة أضعاف الطالب الذي لا يرسب".
وأكد ديب، في حديث مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أن قسم التعليم في الوكالة يحاول تأمين الدعم اللازم للطلاب سواء عبر التواصل مع الأهل، أو عبر دعم المعلمين لاتباع استراتيجيات مبنية على سياسة التعليم الجامع والتعاطي مع الأطفال حسب قدراتهم.
وأضاف: "عملياً، اتبعنا وفق استراتيجية الإصلاح التربوي، عدة برامج تناولت المعلمين والأهالي، للمحافظة على بقاء الطلاب في المدارس".
وفيما يتعلق بمجالس الأهالي، أشار إلى أن المجلس موجود في كل مدرسة، وهو يعمل بشكل هيكلي عبر التواصل بشكل منظم مع المدرسة عبر الاجتماعات الدورية والنشاطات والتخطيط المدرسي.
الحل الرئيس: تعاون المدرسة والأهل واللجان الشعبية
تحدث عن هذا الثالوث (الأهل المدرسة واللجان الشعبية) مسؤول اللجنة التربوية في اللجان الشعبية في لبنان أبو محمود إسماعيل مؤكداً أن الحل يتمثل في تعاون إدارات المدارس والأهالي واللجان الشعبية، بهدف التخفيف، قدر المستطاع، من هذه الظاهرة.
فعندما "يشعر التلميذ بمتابعة الأهل وإدارة المدرسة واللجان الشعبية، سيساهم ذلك نوعاً ما من تخفيف نسبة التسرب المرتفعة".
يذكر أن دراسة صادرة عن "أونروا" في أيلول/سبتمبر عام 2013، أكدت ضرورة معالجة نظرة الطلاب تجاه تحصيلهم الأكاديمي، وعدم اكتراثهم بالمدسة. وتخوفهم من الامتحانات.
ودعت إلى ضرورة إشراك أولياء الأمور في تعليم أطفالهم وضمان إكمالهم له.
شاهد التقرير