الكرم – تونس
تحتضن مدينة الكرم التونسية أكبر معلم خاص بالقضية الفلسطينية في العالمين العربي والإسلامي. وخصصت بلدية المدينة، ثلاث ساحات عامة، تجسد الأولى النضال الفلسطيني، والثانية باب المغاربة في القدس المحتلة، والثالثة خصصت لإحياء ذكرى الشهيد التونسي محمد الزواري، الذي صمم طارات دون طيار لصالح المقاومة الفلسطينية.
تداخل الدم الفلسطيني والتونسي
وقال رئيس بلدية الكرم، فتحي العيوني، إن هذه الخطوة تأتي لمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الواقع في التاسع والعشرين من شهر تشرين الثاني/نوفمبر، والذكرى الثالثة لاستشهاد المهندس التونسي محمد الزواري في الخامس عشر من شهر كانون الأول/ديسمبر، إذ يمثل الحدثان تداخل الدم التونسي والفلسطيني والتشارك في العطاء.
وأوضح العيوني، في حديث مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أن البلدية أرادت الخروج عن النمط التقليدي للتضامن مع فلسطين، وذلك عبر اتباع استراتيجية كاملة لترسيخ الذاكرة الفلسطينية وترسيخ ذاكرة الشعوب للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
وأضاف: "أردنا أن نرسخ شيئاً على الأرض يتفاعل يومياً مع القضية الفلسطينية عبر إقامة أكبر فضاء في العالمين العربي والإسلامي يؤسس ويرسخ الحق الفلسطيني"، ويتضمن ساحات ثلاثة.
"ساحة الحق الفلسطيني".. التفاعل بطريقة عقلانية مع فلسطين
أولى هذه الساحات هي "ساحة الحق الفلسطيني"، وتشمل على مجموعة جداريات؛ كل جدارية تثبّت شيئاً له دلالات عميقة في ضمير المواطن العربي.
وتتضمن الساحة أيضاً الخريطة الكاملة لفلسطين بتفاصيلها الدقيقة قبل النكبة، إلى جانب رموز المقاومة وحق العودة والأسرى، والقرارت الدولية الصادرة المؤكدة على الحق الفلسطيني، وفي مقدمتها القرار (194) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي يقر حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم الأصلية عام 1948.
وأشار العيوني إلى أن الهدف الكامن من هذه المعالم، هو التفاعل بطريقة عقلانية وليست عاطفية، تؤسس لدراية عميقة.
وأضاف أن الساحة تحتوي على شلال مائي، فـ "الماء هو رمز الحياة، والحق الفلسطيني نبع للحياة"، إلى جانب مشعل يشير إلى أن الحق الفلسطيني هو الضوء الذي يجب أن تسير من أجله الأجيال العربية.
ويسعى العيوني أن يجوب هذا المشعل عواصم العالم للتعريف بالقضية الفلسطينية، وليذكر بحق الشعب الفلسطيني.
أما الساحة الثانية، فهي "ساحة باب المغاربة"، وصمّم فيها باب يشبه بشكله المعماري والهندسي "باب المغاربة" في القدس المحتلة، ويهدف إلى تذكير المواطن المغاربي والعربي بأن له عمقاً وامتداداً في القدس، كما أن للباب رمزية إذ يمنع الاحتلال الفلسطينيين من استخدامه من أجل الدخول إلى المسجد الأقصى.
إحياء ذكرى الشهيد الزواري
والساحة الثالثة هي "ساحة الشهيد المهندس محمد الزواري"، وفيها نصب تذكاري صخري، على شكل خريطة فلسطين، يعلوه مجسم للطائرة التي صممها الزواري.
كما رُكّب في الساحة لافتة مرورية باتجاه القدس، وفيها المسافة بين مدينة الكرم التونسية والعاصمة الفلسطينية القدس.
وحضر الافتتاح سفراء فلسطين وتركيا وأندونيسيا، وعدد من الشخصيات الوطنية التونسية وعمادة المحامين والمهندسين.
رفض أشكال التطبيع كافة
وفي الوقت الذي باتت دول عربية تطبّع مع الاحتلال علناً وسراً، شدد العيوني أن التطبيع خيانة عظمى، وهذا التعريف المُجمع عليه تونسياً.
وأكد أن مظاهر التطبيع مرفوضة بجميع أشكالها، وإقامة مثل هذه الساحات ضربة صريحة لكل دعاة التطبيع.
وأشار إلى عزم التونسيين التصدي لكل أشكال التطبيع، فـ "كل من يحاول أن يتصرف بشبر من فلسطيني هو عدو وغاصب".