تقرير: محمد حامد
 

مخيم خان الشيح – ريف دمشق
 

شتاءٌ يفتتح موسمه في مخيّم خان الشيح للاجئين الفلسطينيين بريف العاصمة السوريّة دمشق، بالظلام والبرد والعتمة وارتفاع أسعار المواد الغذائية، بعد غياب شبه كامل للتيار الكهربائي خلال الأسابيع الاخيرة الفائتة.

ويستمر انقطاع التيار الكهربائي عن أهالي المخيم لأيامٍ متتالية، بالإضافة إلى غياب الإنارة في معظم شوارعه الرئيسيّة والفرعيّة، الأمر الذي أثار شكاوى اللاجئين من تبعات الظلام الدامس الذي أغرق المخيم وجعله كالقبر، بحسب وصف أبناء المخيم وناشطيه، الذين أطلقوا صرخة مناشدة تحت وسم #عتّمت_قلوبنا في رسالة منهم تعبر عن استيائهم من عدد ساعات التقنين، التي باتت أكثر من ساعات وصل التيار الكهربائي بكثير.
 

 

 

أبو حسن لاجئ فلسطيني من أبناء مخيم خان الشيح تحدث إلى بوابة اللاجئين الفلسطينيين قائلاً: الأمر لم يعد يحتمل ، تعبنا من هذه الحالة الوضع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم "عنجد عتمت قلوبنا".

 

عدنا إلى العصر الحجري

ويضيف أبو حسن: أنه بالإضافة إلى غياب التيار الكهربائي، هناك أزمة في تأمين مادتي الغاز للطبخ والمازوت للتدفئة، وإن وجدتا قد تضطر شراء "جرة الغاز" بأضعاف مضاعفة من سعرها الأصلي، وكذلك الأمر بالنسبة لمادة المازوت، لقد عدنا إلى خمسينيات القرن الماضي، نخرج لنلتقط الحطب والأخشاب الصغيرة لنعود بها للطبخ والتدفئة وكأننا بدائيين من العصر الحجري.

ويشير أبو حسن الى أن اسعار المواد الغذائية ارتفعت أسعارها بحجة ارتفاع الدولار وكل يوم في ارتفاع، كل شيء في ارتفاع إلا نحن مازلنا نهوي إلى اسفل حتى اصبحنا تحت الأرض.

يذكر أن ارتفاع الأسعار قد طال كلّ شيء، بشكل يفوق القدرة الشرائيّة لمعظم العائلات التي ليس لديها مورداً ثابتاً، وفق تأكيدات الأهالي، فباستثناء موظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"،  ومن يتلقون تحويلات من أبنائهم المغتربين في الخارج، تنعدم الموارد الماليّة الثابتة لدى معظم العائلات التي فقدت أعمالها تأثرّاً بالظروف الراهنة، كأصحاب الدكاكين والتجّار الصغار، وأصحاب المهن الحرّة والحرف، والذين يشكّلون نسبة عاليّة من تركيبة  مخيّم خان الشيح السكّانية.

يأتي كل ذلك، في ظل تردي كبير في الواقع الخدمي لأبناء المخيّم، وبحسب ما أكّد عدد من اللاجئين لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" فإنّ الحصول على ربطة خبز، يعتبر من الصعوبات الكبيرة التي تواجه الأهالي، نظراً لعدم تأهيل الأفران وإعادتها للعمل، باستثناء فرن واحد جرى إعادة تأهيله الّا أنّ وزارة التموين السوريّة لم ترفد له المخصصات اللازمة من مادة الطحين منذ أشهر، وهو ما يثير تساؤلات الأهالي الذين يضّطرون للحصول على الخبز من أفران بعيدة خارج المخيّم بشكل يومي.
 

رغم "عودة الاستقرار" تراجعت الخدمات

وبالعودة للحديث عن الكهرباء قال أبو حسن: إن الكهرباء كانت في أفضل حالاتها قبل توقيع المصالحة بين النظام والمعارضة السورية قبل ثلاث سنوات تقريباً أي قبل خروج الأخيرة من منطقة خان الشيح والمزارع المحيطة، حيث إن ساعات انقطاع الكهرباء كان لا يتجاوز أربع إلى ست ساعات في اليوم كله، لكن مع دخول قوات النظام الى المخيم بدأت الخدمات بالتراجع والغياب ، و"كأنهم يعاقبون المخيم لوقوفه في الوسط، وعدم تدخله بالشأن السوري الداخلي" بحسب تعبير اللاجئ الفلسطيني.
 

حملة من اللاجئين في الخارج

وللتخفيف من حدة انحسار الخدمات، لا سيما الكهرباء في المخيم، أطلق ناشطون من أبناء المخيّم قبل أيّام مبادرة، تحثّ أبناء المخيم اللاجئين في الخارج كدول أوروبا وأمريكا والخليج العربي على مساعدة أهالي المخيم في وضع وتركيب "أجهزة طاقة شمسية لتأمين الكهرباء وإنارة منازلهم، كحلّ شبه جذري لهذه المشكلة المزمنة التي تتجاهلها الجهات البلديّة منذ سنوات".

وقال مسؤولون عن هذه المبادرة، رفضوا ذكر أسمائهم إلى حين نجاحها: سنقوم بوضع الجميع أمام مسؤولياته من وجهاء وفصائل فلسطينية، والخطوة التالية هي طرح الحلول التي في جعبتنا من مشاريع قد تلبي احتياجات المخيم الضرورية.

وتأتي هذه الشكاوى، عقب أكثر من 3 أعوام على إبرام التسوية التي انتهت على إثرها الأعمال الحربيّة بين فصائل المعارضة السوريّة المسلّحة من جهة، وحكومة النظام السوري من الجهة الثانيّة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، لم يشهد عقبها المخيّم تحسّناً في أوضاع سكّانه الخدميّة والمعيشيّة، بل ازدادت سوءاً وفق ما تشير شكاوى الأهالي.

ويعتبر مخيم خان الشيح  ثالث أكبر المخيمات الفلسطينية  المعترف بها في سوريا، وهو من أقدم المخيمات الفلسطينية والأقرب إلى حدود فلسطين المحتلة بمسافة لا تتعدى ستين كيلومتراً، فيما يعاني اللاجئون الذين بقوا فيه اليوم ظروفاً معيشية صعبة، لا سيما على صعيد الخدمات والصحة، إذ لا يضم المخيم سوى مستوصف واحد تابع لـ "أونروا".

خاص

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد