بيروت - بوابة اللاجئين الفلسطينيين
وجه المفوض العام لوكالة الأونروا "بيير كرينبول" رسالة للعاملين في الأونروا يوم 24/11 متحدثا خلالها عن قضية اللاجئين الفلسطينيين ومعاناتهم والظروف الصعبة التي تحيط، إلى جانب حديثه عن المخاطر التي يتعرض لها العاملون في الأونروا والعجز المالي الذي تعاني منه الوكالة والخطوات التي اتخذتها لمعالجة العجز .
نص الرسالة
زميلاتي وزملائي الأعزاء،
أنه لمن دواعي سروري أن أشارككم آخر التطورات الخاصة بالوكالة ويطيب لي بداية التعبير عن خالص تقديري لكم جميعا على جهودكم وعزيمتكم وتفانيكم ودعمكم الموصول.
ما زالت منطقة الشرق الأوسط تعاني من أزمات كبيرة مع أوضاع عالمية تبدو غير مستقرة وغير قابلة للتوقع. وخلال تنقلاتي مؤخرا في عدة دول حول العالم فغالبا ما كنت أواجه بالسؤال لماذا يجب على الأشخاص الاستمرار بالاهتمام باللاجئين الفلسطينيين في ظل وجود العديد من الأزمات الأُخْرَى.
في كل اجتماع أو كلمة لي فقد أكدت على أنه لا يسمح للعالم أجمع بغض النظر أو بتجاهل مأساة ومعاناة اللاجئين الفلسطينيين ولا يسمح أيضا بالتقليل من الأمل، والموهبة، والتحفيز، والرغبة في المساهمة من قبل اللاجئين الفلسطينيين الشباب. وفي معظم دول العالم، حتى تلك البعيدة جدا عن منطقتنا، فهنالك تضامن متعاظم مع فلسطين ومع اللاجئين الفلسطينيين ولكن هذا يتطلب الكثير من الجهود والإبداع والعزيمة لضمان أن لا يتم نسيان القضية.
وفي هذا الصدد، فعلينا جميعا أن نشعر بالفخر الشديد بما حققته الوكالة. لقد كان هذا العام صعبا ومتقلبا. إن حجم الضغوط علينا ليس بالسهل وخاصة على صعيد الاستجابة لاحتياجات اللاجئين وأيضا في الحفاظ على جودة الخدمات وتحسينها في كل مجال ممكن. أنني أدرك تماما أنكم واجهتم العديد من الأوضاع التي تشكل تحديات لكم وتمنيتم، كما تمنينا جميعا، بأن نقدم أكثر مما قدمنا.
وأدرك أيضا أن العديد من الزملاء تعرضوا لأوضاع أمنية شائكة تتكرر نتيجة لتوغل الأجهزة الأمنية الاسرائيلية، وآثار الاحتلال والحصار، والأعمال العدائية في سوريا، والتظاهرات في لبنان، وردود الأفعال من المنتفعين الغاضبين أو من الآخرين. لقد فقدنا يوم الثالث عشر من تشرين الثاني زميلا آخر، وهو حسين علي محسن، احد زملائكم الذي خدم الأونروا طوال 24 عاما وقد قتل في غارة جوية على مخيم خان الشيح قرب دمشق. إننا لنعجز عن وصف الألم لمقتله ونقدم كل مشاعر التعزية والمواساة لزوجته وأطفاله كما نقدمها لجميع أقارب الزملاء الآخرين الذين فقدناهم هذا العام.
ندرك أنه خلال تقديم الأونروا لخدماتها ولعملياتها الحيوية فهي تستمر بمواجهة أوضاع مالية غير مستقرة. نتذكر جميعنا الصدمة التي شعرنا بها عندما أوشك العام الدراسي على التأجيل العام المنصرم. وقد تمكنا من تجنب تكرار تلك الأزمة هذا العام 2016 وهذا شيء ايجابي. وعلى الرغم من إجراءات حازمة اتخذتها إدارة الوكالة والدعم القوي من شركائنا فقد كان العجز المالي هذا العام أيضا حرجا جدا.
وقد بذل جميعنا جهدا كبيرا ومهدت لنا سياستنا في حشد الموارد في الحصول على دعم إضافي من الولايات المتحدة الأمريكية، والسويد، وسويسرا، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية ودولة الكويت. وهذا في مجمله إيجابي، ولكن ما زال علينا بذل المزيد لإغلاق العجز المالي للعام 2016 والذي يبلغ 37 مليون دولار أمريكي وهذا ليس بالعجز البسيط حيث اضطررنا للإقتراض من صندوق خاص بدعم جهود الخدمات الانسانية التابع للأمم المتحدة لنتمكن فقط من تأمين رواتب الموظفين لشهر كانون الأول.
وأنه ليسعدني الإعلان الرسمي الذي صدر الأسبوع الفائت بأن كندا قد قررت استئناف دعمها المالي وعلاقاتها مع الأونروا بعد إنقطاع دام ما يقارب أربعة أعوام. لقد عملنا بعزم شديد لتحقيق هذا الهدف وأنني لأعبر عن إمتناني لجميع الزملاء الذين ساهموا في الوصول لهذا التطور الناجح. وما يشجعني أيضا الحوار المهم الذي بدأناه على أعلى المستويات مع البنك الدولي في سعينا لدعم برنامج التعليم لدى الوكالة.
وهنالك خطوة مهمة أُخْرَى اتخذت بهدف تعزيز استقرار الوضع المالي للوكالة وتلك كانت على مستوى الجمعية العامة للأمم المتحدة. وفي جهود بذلت من جانب الدول المضيفة، رافقها دعم متواصل من الأونروا، فقد أضيفت فقرات جديدة ضمن القرار الخاص بعمليات الأونروا. وإذا وافقت الجمعية العامة على إعتماد المسودة الحالية بداية كانون الأول فسيتم الطلب من الأمين العام الجديد إجراء المشاورات وتقديم التوصيات بخصوص كافة السبل والوسائل لضمان تمويل الأونروا بشكل مستدام وقابل للتوقع، بما في ذلك من خلال المساهمات المالية الطوعية والمقدرة.
وبينما لا تتطرق هذه الفقرات إلى تحديد المبالغ المحتملة وليس لدينا أية ضمانات بنجاح مسعانا، فهذه هي المرة الأولى التي تنظر الجمعية العامة لمثل هذه الخطوة. إنها علامة على الإقرار بأن خدمات الأونروا للاجئين الفلسطينيين حيوية لضمان كرامتهم وللاستقرار في المنطقة. لقد أطلعت الأمين العام المكلف السيد أنتونيو غوتيريس على هذه التطورات والذي عبر عن إلتزامه بالعمل مع الأونروا بشكل وثيق بهذا الصدد.
أنني لأشعر بالفخر أننا نعمل جميعا وعلى وجه المساواة في تنفيذ عملياتنا في الاقاليم الخمسة وفي جميع برامج الوكالة، بالإضافة إلى عملنا على استراتيجياتنا لتحسين وتأمين استقرار تمويلنا. هذا نضال صعب ولكنه يستحق كل الجهد وسأبقيكم على إطلاع حول الخطوات القادمة بهذا الخصوص.
ومن أجل النجاح في تحقيق هذه الأهداف المهمة فعلينا أن نبقى متحدين. أنني اتفهم جيدا توقعاتكم بخصوص ظروف العمل وأتعامل معها بكل الجدية. وأنني لأولي أهمية خاصة لأن تكون الوكالة مكان عمل يقر ويقدر ويدعم مساهماتكم ومهنيتكم العالية. ولهذا السبب، وانسجاما مع سياساتنا الحالية، أجرينا مسوحات الرواتب في الاقاليم الخمسة وشهد هذا العام مشاركة أكبر في تلك العملية من جانب ممثلي الاتحادات في جمع البيانات وتحليلها. وكما كان دائما، فقد اعتمدنا في تحليلنا كيف أن مختلف الوظائف تقارن برب العمل في الدولة المضيفة.
يسعدني أننا توصلنا لتفاهمات مع ثلاثة من اتحادات الموظفين وأود تقديم الشكر لقياداتهم على مناصرتهم الحثيثة لقضاياهم نيابة عن الموظفين وعلى منهجيتهم البناءة خلال المفاوضات.
لقد قرر إثنان من اتحادات الاقاليم في فلسطين اللجوء إلى نزاع العمل وهذا حق لهم. أنني مدرك بأن الموظفين يتوقعون المزيد ولكنني أعلم بأننا جميعا نتفهم أن علينا احترام السياسات والإجراءات المعمول بها لإحداث أية تغييرات وإلا فإننا نخاطر في إخفاق الأونروا كمنظمة.
وأعلم أيضا أننا نتفهم أن الوضع المالي الخارجي حرج جدا وأن الحاجة للحفاظ على الخدمات للاجئين الفلسطينيين هي أولويتنا جميعا. إن مسؤوليتي هي في ضمان حماية ولاية الأونروا، وقوة خدماتها، والالتزام، والأمن وظروف عمل موظفي الوكالة فضلا عن السلامة العامة والاستقرار المالي للأونروا. أسعى دائما للالتزام بهذه المسؤولية ولدي إحساس عميق بالاحترام والتقدير لكم جميعا لما تقدمونه للاجئين والأونروا.
وفي ظل كافة التحديات التي نواجهها فيجب علينا الوقوف متحدين. عندما نجابه خلافات داخلية فيتعين علينا إيجاد الحلول ومراعاة الاحترام. إن التحركات التي تعيق الخدمات فضلا عن الرسائل التي تحمل بطياتها تهديدات وإهانات شخصية وتفتقر للاحترام هي غير مقبولة ولن نقبلها أبدا. أنني أؤكد لكم جميعا ما قلته سابقا: أنني مهتم بالحوار والذي يستند على الاحترام والتفاهم المتبادل. خلال السنوات الماضية، أثبت الحوار أنه الوسيلة الوحيدة للتوصل للحلول التي تصب في مصلحة الموظفين. أنه لمن الضروري أن نركز على التزامنا الجماعي في حماية امكانيات الأونروا الحالية والمستقبلية بهدف التعامل مع التحديات العديدة التي تواجهها.
إن إحدى مواطن القوة للأونروا هي في عدم استسلامنا ابدا على الرغم من المحن والتحديات. نحن لا نستسلم لأن لدينا الولاية التي هي من أهم الولايات في نظام الأمم المتحدة ونتعامل معها بكل الجدية. نحن لا نستسلم لأن من واجبنا المناصرة دائما ودونما تعب أو كلل لحقوق اللاجئين الفلسطينييين. نحن لا نستسلم لأن لدينا شغف كبير بكل ما نقوم به لخدمة اللاجئين.