فلسطين المحتلة
حددت نيابة الاحتلال، ولأول مرة، مكان دفن 123 جثماناً لشهداء فلسطينيين، دفنوا في "مقابر الأرقام".
وأكد مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الانسان أنه تلقى نسخة من رد النيابة في المحكمة العليا التابعة للاحتلال على الالتماس المقرر النظر فيه يوم العاشر من شهر شباط/فبراير الحالي، والذي أرفق لأول مرة بقائمة تضم الأسماء الرباعية لـ 123 شهيداً مشمولين بعدة التماسات أمام المحكمة لأخذ عينات من عائلاتهم كجزء من مطلب للحملة بإنشاء بنك للحمض النووي وتكثيف البحث عن الجثامين.
ووصف المحامي سليمان شاهين، ممثل عائلات الشهداء، الخطوة بـ"الهامة والاختراق المهم"، بعد أن كانت نيابة الاحتلال قد أبلغت المحكمة في بداية الإجراءات عام 2016، "أنها لم تستطع تحديد مكان أي من الجثامين المشار إليها"، وذلك نظراً لعدم التوثيق، ودفن الجثامين أحياناً بواسطة شركات خاصة دون أعداد أو حفظ وثائق الدفن، ما عدا جثمان الشهيد أنور أبو السكر والشهيدة هنادي جرادات، اللذين تعرفت على مكان دفنهما ولكنها رفضت تسليمهما.
ويطالب المركز باستمرار بتسليم الجثامين، كون احتجازها مخالف للقوانين والأعراف الدولية، إضافة إلى انتهاج محكمة الاحتلال "مبدأ الاحتجاز" كأوراق لمساومات سياسية، وهو ما يعني الاتجار بجثامين البشر، كسلوك غير مسبوق للدول.
وذكر أنه قبيل أيام من الجلسة المحددة في العاشر من الشهر الحالي، قدمت نيابة الاحتلال بلاغها الخطي في الالتماسات المقدمة من قبل المركز، والتي تمت المطالبة فيها بشكل جماعي ولأول مرة بإقامة قاعدة بيانات للحمض النووي DNA، وأخذ عينات من أسر الشهداء للمساعدة في التعرف على جثامينهم.
وشدد أن حجم الفوضى والإهمال فيما يتعلق بتوثيق مكان دفن الجثامين وطرق دفنهم، والموثق عبر حالات سابقة التي تابعها المركز منذ سنة 2008، يحتّم إجراء فحوصات DNA للتعرف على الجثامين، مثلما كان الحال في ملف استرجاع جثمان الشهيد مشهور العاروري والشهيد حافظ أبو زنط، وغيرهما من الحالات التي استطاع المركز والحملة إعادة جثامينها.
وأضاف: "وفي حالات أخرى، مثل جثمان الشهيد أنيس دولة، والذي لم يعرف حتى الآن مكان دفنه رغم استشهاده في سجون الاحتلال، ما يضع علامات استفهام كبرى حول استخدامات غير شرعية وغير إنسانية لبعض الجثامين".
يذكر أن مركز القدس قدم التماساً لمحكمة الاحتلال العليا في عام 2016، طالب فيه إقامة قاعدة بيانات للحمض النووي للجثامين وعائلاتهم، للتعرف على هوية الجثامين.
وتواصل سلطات الاحتلال احتجاز 304 جثامين لشهداء فلسطينيين وعرباً، بواقع 253 جثماناً في ما تسمى بـ"مقابر الأرقام" و51 جثماناً في ثلاجات الاحتجاز، ومن بينهم 4 جثامين تعود لأسرى في سجون الاحتلال أقدمهم، الشهيد أنيس دولة، أحد القيادات العسكرية في الجبهة الديمقراطية، والمحتجز منذ العام 1980.
ووفقا لما أكدته ورقة حقائق نشرتها الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء المحتجزة لدى الاحتلال في وقت سابق، فإن نحو 22 شهيداً من قطاع غزة لا يزال مصيرهم مجهولاً وترفض سلطات الاحتلال الإفصاح عن مكان احتجاز جثامينهم.
وأقامت سلطات الاحتلال مقابر عسكرية مغلقة عرفت باسم "مقابر الأرقام"، تحتجز فيها رفات شهداء فلسطينيين وعرب، وتثبت فوق القبور لوحات بدلاً من الشواهد الحجرية المعتادة، وتحمل أرقاماً معينة بدلاً من أسماء الشهداء.
ويحيي الشعب الفلسطيني في 27 آب/أغسطس من كل عام، "اليوم الوطني لاسترداد جثامين الشهداء"، الذي أقر رسمياً من مجلس الوزراء الفلسطيني عام 2009 بعد انطلاق الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء في 27 آب/أغسطس عام 2008، والتي نجحت أيضاً في أخذ قرار من جامعة الدول العربية باعتبار ذلك اليوم، يوماً عربياً لاسترداد جثامين الشهداء، وكذلك إقراره يوماً عالمياً لاسترداد الجثامين.