متابعات
منذ أربع سنوات بالتمام والكمال، وُجد الشهيد عمر النايف، الأسير المحرر، والمطارد من قبل الاحتلال لأكثر من عقدين، مضرجاً بدمائه في ساحة مبنى سفارة السلطة الفلسطينية في بلغاريا.
ومنذ ذلك الحين، لا تزال قضية النايف مشوشة وغير واضحة، وملف التحقيق معطل ولم تكشف أي من خيوط الجريمة على الرغم من تشكيل السلطة الفلسطينية لجنة للتحقيق في ملابسات ما جرى في حرم سفارتها في صوفيا.
في هذا السياق، حمّلت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، شخصياً المسؤولية الأولى عن تعطيل ملف التحقيق في قضية الاغتيال".
وأكدت، في بيان أصدرته اليوم الأربعاء، أنها دعت باستمرار لتشكيل "لجنة وطنية مهنية ولديها كافة الصلاحيات للتحقيق في ظروف اغتيال النايف دون استجابة من السلطة، وذلك بعد أن توصلت لقناعة أن لجنة التحقيق السابقة التي شكلتها السلطة بعد حادثة الاغتيال مباشرة كانت شكلية، وهدفت لحرف الحقائق ومسار التحقيق، والتغطية على تورط بعض المسؤولين الفلسطينيين في هذه الجريمة".
كما لفتت إلى "مسؤولية أجهزة الأمن عن ارتكاب الجريمة من خلال أدوات فلسطينية عميلة من داخل أو خارج السفارة، مما لا يعفي القيادة الفلسطينية من مسؤوليتها في فتح ملف التحقيق".
وطالبت الجبهة بـ "إقالة كل من السفير أحمد المذبوح ووزير خارجية السلطة رياض المالكي وكل المسؤولين الأمنيين الذين ثبت أنهم تعاملوا سلبياً وبطريقة مشبوهة مع الشهيد أثناء مكوثه داخل السفارة، التي كان من المفترض أن يتم توفير حماية كاملة للرفيق داخلها".
محاولات لإغلاق ملف الجريمة وتهديدات منعت اعتصاماً بالسفارة
من جهتها، كشفت رانيا النايف، زوجة الشهيد عمر النايف، عن محاولات لإغلاق خيوط الجريمة ومسح أدلتها من أطراف مختلفة مرتبطة بالتحقيق في حادث الاغتيال.
وقالت، في تصريح إعلامي: إن التحقيقات من طرف السلطات البلغارية لا تزال متواصلة، "لكننا لا نشعر بجديتها وكلما وصلوا إلى خيط لكشف ملابسات الجريمة يجري التغطية عليها من أطراف مختلفة".
وشددت تأكيدها على مسؤولية السفارة عن استشهاد زوجها من خلال الضغوط التي مورست عليه أولاً، ثم المحاولات العديدة للتخلص منه وطرده من المبنى، وتورط السفير في الإساءة للشهيد، وليس انتهاءً بتركه في حرم السفارة دون حماية".
من هو الشهيد عمر النايف؟
ولد الشهيد عمر النايف عام 1963، في بلدة اليامون قضاء مدينة جنين شمال الضفة المحتلة، وانتمى في صغره إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وأصبح فيما بعد أحد قادتها.
في منتصف العام 1986، نفذ النايف عمليةً فدائية، أدت لمقتل مستوطنٍ صهيوني، بالاشتراك مع شقيقه الأسير المحرر حمزة النايف، وصديقه الأسير سامر المحروم.
اعتقلت قوات الاحتلال الثلاثة وحكمت عليهم بالسجن المؤبّد، حيث مارس عناصر مخابرات الاحتلال عليهم شتى أساليب التعذيب.
خاض الشهيد النايف إضراباً مفتوحاً عن الطعام عام 1990، ما أدى إلى تدهور في وضعه الصحي، وبعد 40 يوماً قضاها في معركة الإضراب، تم نقله إلى مستشفى فلسطيني في بيت لحم، وقد نجح خلال تواجده بالمستشفى بالهرب، حيث خرج فيما بعد من الأراضي المحتلة.
بعد خمس سنوات، وصل النايف إلى بلغاريا وتزوّج وعاش فيها، على الرغم من مطالبات الاحتلال المستمرة باعتقاله وتسليمه.
وفي منتصف كانون الأول/ ديسمبر عام 2015، قدمت النيابة العسكرية التابعة للاحتلال الإسرائيلي، بشكل رسمي وللمرة الأولى، طلباً لدى وزارة العدل البلغارية بتسليم عمر النايف، وصدر قرارٌ من النيابة العامة البلغارية باعتقاله إلى حين التقرير بشأن وضعه.
لهذا، اضطر الشهيد النايف إلى اللجوء لسفارة السلطة الفلسطينية في بلغاريا لحمايته، خصوصاً بعد تهديده بالقتل، لكنه تلقى ضغوطاتٍ كبيرة من قبل السفارة الفلسطينية، وقد حيكت المؤامرة ضده من أجل تسليمه، ولم يجد الحماية الكاملة فيها آنذاك، بحسب ما يؤكد المقربون منه.
في ذلك الحين، هددت الجبهة الشعبية السفارة الفلسطينية من تداعيات تسليم النايف للسلطات البلغارية، وقالت "إن عمر لجأ للسفارة الفلسطينية باعتبارها الموقع الطبيعي والوحيد الذي يمكن أن يوفر له ولكل فلسطيني وفلسطينية الحماية القانونية والسياسية".
وفي صباح يوم الجمعة 26 شباط/فبراير عام 2016، وبعد نحو شهرين من لجوء النايف إلى سفارة السلطة الفلسطينية في صوفيا، وجد مضرجاً بدمائه في ساحة مبنى السفارة، وقد تبين وجود ضربات على وجهه وجسده، وقال سفير السلطة في صوفيا حينها: إن "النايف وُجد داخل سيارة في السفارة". لا كما نُقلت الرواية الأصلية حسب البلغاريين وزوجته.
وقالت مصادرفلسطينية بدورها: إنّ النايف عُثر عليه مصاباً وقد نُقل حتى توفي في المستشفى، وقد دُعيت زوجته رانيا النايف من قبل السلطات البلغارية، وتم تبليغها أن زوجها قد يكون خاض عراكاً قبل مقتله، وذلك لوجود آثار الضرب على جسده.
ووري الجثمان الثرى في مقبرة بوتانتس بالمدينة، وأقيم بعد التشييع حفل وداع للشهيد في صوفيا.
واتهمت الجبهة الشعبية جهاز الموساد الإسرائيلي بالتدبير لاغتيال عمر النايف، المطلوب لسلطات الاحتلال، ولم تنف أن يكون هناك دورٌ من بعض أفراد السفارة في تدبير العملية والمشاركة فيها.
وحمّل بيان للجبهة الشعبية في ذلك الوقت السلطات البلغارية مسؤولية إغلاق ملف القضية استجابة لضغوطات الاحتلال، أو تزوير الحقائق، والتهرب من مسؤولياتها في إعداد تقرير طبي شامل عن تفاصيل استشهاد النايف.