تقرير محمد شهابي
لعل مخيم الجليل أو مخيم "ويفل" كما تحب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" تسميته، واحد من أقل المخيمات الفلسطينية في لبنان التي يتم إلقاء الضوء عليها وعلى أوضاع اللاجئين فيها.
في هذا المخيم الواقع قرب مدينة بعلبك في قلب البقاع اللبناني، كغيره من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، عانى قاطنوه من التهميش الرسمي الفلسطيني وجملة القوانين اللبنانية التي تحرم اللاجئ الفلسطيني من حقوق كثيرة.
وخلال وباء "كورونا" الذي تفشى في البلاد، حال سكان هذا المخيم كحال غيرهم من اللاجئين الفلسطينيين، حيث إن إجراءات الوقاية المتمثلة بإقفال المتاجر، والتزام المنازل، أجبرت كثير من العمال المياومين في المخيم على ترك أعمالهم، ملتزمين بقرار التعبئة العامة، لمنع تفشي الوباء في صفوفهم،إلا أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" االمفترض أنها المسؤولة عن تأمين احتياجاتهم ومساعدتهم، بعيدة كل البعد عن الاطلاع على أحوالهم. ولكن.. وفي الطرف الآخر، هناك ضوء لأمل صغير، ربما يخفف من آلامهم ومعاناتهم، تقوم عليها مبادرات تطوعية.
آمنون.. نحو تأمين سلامة المخيم
حملة "آمنون"، إحدى تلك المبادرات، التي انطلقت نتيجة لغياب دور وكالة "أونروا" في مجال الوقاية، كما يقول كثير من ابناء المخيم.
منسق حملة آمنون بالبقاع اللبناني، فؤاد حسين، أكد أن الحملة تعمل ضمن ثلاثة محاور، هي: "أولًا، تعقيم المخيم وبشكل كامل ويومي، ثانيًا، التركيز على العناية الطبية، عبر فريق (المنتدى الصحي الفلسطيني) التابع للحملة، وهم فريق مؤلف من ممرضين وأطباء".
ويتابع حسين لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "الفريق الطبي يقوم بجولات يومية على الأهالي في المخيم، للاهتمام بكبار السن وتوجيه الإرشادات لهم، وتقديم خدمات فحص السكري والضغط مجانًا، ومتابعة أوضاع أصحاب الأمراض المزمنة".
ويقدر عدد سكان المخيم الواقع على بعد 90 كلم من العاصمة بيروت وفقًا لإحصائيات وكالة "أونروا" بنحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني، بمقدار 600 عائلة فلسطينية، يضاف إليهم ما يقارب من 200 عائلة من فلسطيني سوريا.
وأردف منسق الحملة، أن "المحور الثالث، هو "تقديم خدمة الإرشاد العام لسكان المخيم، واطلاعهم على تطورات فيروس كورونا في لبنان والعالم، وتوضيح مخاطره وكيفية الوقاية منه".
وأضاف حسين، أن "غالبية العاملين في الحملة هم من المتطوعين خاصة فئة الشباب منهم، ممن تلقى دورات طبية أو عامل فيها"، مؤكدًا أن عناصر الحملة، "وخلال جولاتهم الطبية، أو الآخرين المخصصين لحملات التعقيم، يقومون بارتداء الملابس الخاصة بهم للوقاية من أي عدوى".
وأكد، "تعليماتنا واضحة، أنه وفي حال الاشتباه بأي حالة عليها عوارض الفيروس، أن يتم التواصل مع الجهات الطبية المختصة، عبر وزارة الصحة اللبنانية أو وكالة الأونروا بشكل مباشر".
كذلك يعاني المخيم من ظروف معيشية سيئة، محدودية فرص العمل، ومعدلات تسرب عالية من المدارس.. هذه الأمور الثلاثة نجدها على موقع وكالة "أونروا"، ضمن خانة، المشاكل الرئيسية التي يعاني منها مخيم "ويفل"، إلا أنه أيًا منها لم يتم معالجته بل زاد الوضع سوءًا!
أين دور الأونروا في مخيم الجليل؟
في هذا السياق، اتهم عضو أمانة سر اللجان الشعبية في البقاع اللبناني، أسامة عطواني، الوكالة بالتقصير والتهرب من القيام بدورها، وقال عطواني في حديثه مع بوابة اللاجئين الفلسطينيين: "للأسف الشديد اقتصر عمل الأونروا من بداية أزمة كورونا، على المحاضرات وتوزيع الملصقات فقط، وبذلك أسأل المدير العام للأونروا كلاوديو كوردوني، هل يقتصر عمل الوكالة على هذه المهمة فقط؟"
وحمّل عطواني، المسؤولية المباشرة عن تقاعس عمل "أونروا"، للمدير العام للوكالة، متابعاً "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، هي اسم من دون عمل، للأسف الشديد نحمل المدير العام، المسؤولية الكاملة عن غياب الخدمات وعدم تقديم المساعدات للاجئين الفلسطينيين في ظل هذه الأوضاع الصعبة".
واصفًا دور الوكالة، "الأونروا.. خارج السمع".
واشتكى عطواني أيضًا، من قرار خفض العمل في العيادات التابعة لأونروا، وقال: إن "المدير العام، قد وزع قرارًا على العيادات، يقضي باستقبال الحالات الطارئة فقط، ما أدى إلى تراجع نسب المعاينات إلى حدود الـ 10%"، متسائلًا، "من هم الأشخاص الذين يرتادون العيادات، أليسو هم المرضى فقط!"
مساعدات إنسانية لكافة سكان الجليل
في هذا الوقت، عمدت الفصائل الفلسطينية ومنظمة التحرير إلى توزيع مساعدات إغاثية على اللاجئين في المخيم، حيث وزِّع ما يقارب من 1000 حصة غذائية على العائلات الفلسطينية في مخيم الجليل لتغطي بذلك 100% من سكان المخيم، بالإضافة لتوزيع مساعدات على الفلسطينيين من سكان خارج المخيم لحوالي 95% منهم، يضاف إليهم مساعدة 85 عائلة من فلسطينيي سوريا، كانت المساعدات بمجملها مقدمة من الهلال الأحمر القطري.
إضافة إلى بعض حملات التعقيم التي تشرف عليها دائرة شؤون اللاجئين وحملة آمنون، والدفاع المدني الفلسطيني، هنالك حواجز يشرف عليها الأخير بهدف التوعية والتعقيم ومراقبة حرارة الوافدين إلى المخيم.
ودفع فيروس كورونا، بالعائلات الفلسطينية إلى الالتزام بقرار التعبئة العامة الذي أعلنته الحكومة اللبنانية، فيشهد مخيم الجليل إغلاقًا كاملًا للمقاهي ومحال الانترنت الرائجة هناك، فيما تعمد البقال ومحال الأغذية إلى فتح أبوابها صباحًا وإغلاقها عند الساعة 7 مساءً.
الجدير بالذكر أن المخيم، وكباقي المناطق اللبنانية، يشهد حالة من غلاء الأسعار، متأثراً بارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية، لتأتي أزمة كورونا وتزيد الطين بلة، وتوقف حياة العامل المياوم وتؤثر عليه بشكل خاص.