تقرير الوليد يحيى
سجّلت أسعار المواد الغذائيّة في سوريا، أرقاماً قياسيّة تفوق القدرة الشرائيّة للاجئين الفلسطينيين بأضعاف، في حال غير مسبوق هبط بالمستوى المعيشي والغذائي لأهالي المخيّمات إلى حدّ باتت معظم الأطباق الغذائيّة التي كانت تعتبر "أطباق الفقراء" خارج متناولهم، وفق ما تشير وقائع رصدها " بوابة اللاجئين الفلسطينيين".
2200 ليرة سوريّة بلغ سعر الكيلوغرام الواحد من الليمون أيّ ما يربو عن دولارين أمريكيين، كما سجّل سعر الكيلوغرام الواحد من الطماطم 900 ليرة، في حين بلغ سعر طبق البيض 2400 ليرة سوريّة، وسجّل سعر الفول الأخضر 400 ليرة، في حين فاق سعر كيلوغرام الأرز عتبة 1000 ليرة، وفق ما رصد "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" في مناطق ريف العاصمة السوريّة دمشق التي تضمّ مخيمات " خان الشيح – خان دنون – جرمانا- سبينة – الحسينية- السيدة زينب " والتي تؤوي ما يزيد عن 141 ألفاً و 650 لاجئ فلسطيني.
ارتفاع جنوني في الأسعار، أوصل معظم اللاجئين الفلسطينيين إلى مرحلة انعدام الأمن الغذائي، كحال عائلة اللاجئ من أبناء مخيّم جرمانا في ريف دمشق " أبو وسام بلقيس" الذي لم يعد يتمكّن من تلبيّة سلّته الغذائيّة اليومية وفق ما أكّد لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" قائلاً:" حتّى الخضراوات باتت خارج قدرتنا الشرائيّة، وصرنا نعتمد على مؤونة المنزل التي توشك على النفاد".
وقال "أبو وسام": إنّ تكلفة طبق شوربة الخضار وهو طبق رئيسي لاسيما في شهر رمضان، باتت تفوق أجرة يوم عمل كامل، موضحاً أنّه يعمل في إحدى ورشات الخياطة في منطقة جرمانا بأجر أسبوعي قدره 8 آلاف ليرة سوريّة، أي ما يعادل 1140 ليرة سوريّة يوميّاً، وذلك قبل أن تتوقف الورشة عن العمل بسبب إجراءات الوقاية من فايروس " كورونا"، إلّا أنّ صاحب الورشة استمر في تقديم نصف أجرة له رغم توقف الورشة لكونه عامل قديم، معتبراً ذلك من حسن حظّه، ولا يشاركه هذا الحظّ بقيّة اللاجئين من شريحة العمّال.
وفي ظلّ هكذا واقع مادّي، أوضح "أبو وسام"، أنّ أسرته باتت عاجزة عن تلبية احتياجاتها الغذائيّة، فسعر الكيلوغرام الواحد من مادة البازيلاء وهي "طبق الفقراء" بلغ في منطقة جرمانا 650 إلى 700 ليرة سوريّة وبلغ سعر الكيلوغرام من الأرز 700 ليرة، ما يعني أنّ هذا الطبق صار حلماً صعب المنال حسبما قال.
حال اللاجئ أبو وسام، صار واقعاً عاماً وشاملاً بات يلفّ معيشة معظم اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، بعد مضي نحو الشهر ونصف الشهر، على الإجراءات التي فرضتها الحكومة السوريّة للوقاية من انتشار فايروس " كورونا" وتوقفت على إثرها معظم الأعمال التي تشكّل مصادر عيش لأبناء المخيّمات، والتي تزامنت بالأساس مع انهيار متواتر للعملة السوريّة مقابل الدولار الأمريكي، وما تبعه من ارتفاع تدريجي لأسعار السلع الغذائيّة وسواها.
وكانت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" قد صنّفت نحو 91% من أسر اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، على أنّهم "يكابدون الفقر المطلق" ( أقل من دولارين في اليوم)، في حين تم تحديد 126 ألف لاجئ كضعفاء للغاية، وذلك في تقرير النداء الطارئ الصادر عنها مطلع العام 2020 الجاري، وذلك قبل أن تطيح أزمة "كورونا" بما تبقّى من مقوّمات معيشيّة، دفع اللاجئين إلى إطلاق نداءات استغاثة بشكل متواصل من أجل اتباع خطّة طوارئ إغاثيّة عاجلة، وإعادة توزيع سلّة المعونات الإغاثيّة.
وتكتفي الوكالة، باتباع سياسات إغاثيّة يصفها اللاجئون بغير عادلة منذ منتصف شباط/ فبراير 2019 الفائت، من حيث معاييرها التي حرمت غالبيّتهم من الإغاثة العينيّة، وقصرت دورها الإغاثي على مساعدات ماليّة تقدّم كل 3 أشهر، وقدرها 28 ألف ليرة للحالات العاديّة، وهو مبلغ أقلّ من رمزي وفق المعايير المعيشيّة السوريّة المستجدّة و لا يكفي أجرة منزل لشهر واحد وفق ما يؤكد اللاجئون.