دعاء عبد الحليم – بيروت
في وقت يحتاج فيه الفلسطيني في مخيمات لبنان إلى صوت ينقل للعالم معاناته وقساوة ظروفه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، تواصل القوانين اللبنانية فرض مزيد من التضييقات التي تعيق تحرّك الفلسطيني وتمنعه من ممارسة حقه في العمل لا سيّما الصّحافة التي احتفل العالم بيوم حريتها في الثالث من أيار/ مايو الجاري.
الصّحفي الفلسطيني في لبنان.. رهينة ظلم القانون وإهدار الحقوق
وحول هذه الموضوع، قال عضو اتحاد الكتاب الفلسطينيين سهيل الناطور إن "هناك مظلومية للفلسطيني في عدم إعطائه حقوقه كإنسان مساوي لأخيه اللبناني، ومدنياً في قضايا مثل هذه يتعلم لكن لا يجد فرصة عمل وفي حال وجد يظلم في الراتب وفي التوقيت والاستخدام".
وأشار الناطور في لقاء مع موقع بوابة اللاجئين الفلسطينيين إلى أن حرية الصحافة في فلسطين تأخذ معنى مباشراً ضد العدو الإسرائيلي الذي يطلق النار على الصحافة وغيرها وأن هناك العدو واضح، أما في لبنان يوجد عداء حقيقي لتنمية قدرات الشعب الفلسطيني بتطبيقات قانونية ظالمة سلبية المضمون يجب أن تنتهي منها منذ زمن طويل، "لا سيما أن هناك إبداعات وكتابات فلسطينية وبعض الشباب حضّر دراسات عليا عن المجتمع الفلسطيني" لذا أكد أن الصحفي الفلسطيني بأمله سيخط طريقه.
أزمة عدم توفر فرص عمل في المجال الإعلامي زادت بحسب الناطور مع جائحة كورونا، لأن الفلسطيني عندما يريد أن يتحرك يصعب عليه أكثر من غيره وبالتالي "أعان الله الفلسطيني الذي يعمل في مجال الصحافة لأنه من أصعب وأندر المجالات".
وفي ذات السياق، أكد مسؤول إعلام الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين فتحي كليب أنه لا يمكن النظر الى الفلسطينيين العاملين في مجال الصحافة والإعلام خارج إطار عدد من القوانين التي تحرم اللاجئ الفلسطيني في لبنان من ممارسة عشرات المهن بما فيها مهن الصحافة والتحرير وغيرها من مهن تدخل في هذا الإطار.
صحفيون خارج القانون!
وأضاف "رغم ان هناك الكثير من الفلسطينيين يمارسون مهن إعلامية وصحافية وتحريرية وبعضهم الآخر في مجال المهن التلفزيونية والإذاعية، لكن عمل جميع هؤلاء يقع خارج إطار القوانين التي لا تقر للاجئ الفلسطيني بحقه في العمل".
وأوضح كليب أنه "حتى لو تعاطينا بحسن نية مع بعض القوانين فإننا دائما ما نصطدم بترجمة القوانين على الارض أو ما يصطلح على تسميته عادة بالاستنساب الذي يصل الى درجة إقفال جميع الأبواب في وجه الفلسطيني".
وأشار إلى أنه "لو اعتمدنا على نصوص القوانين فنحن أمام قانون المطبوعات اللبناني الذي يعرف الصحفي بأنه "كل من اتخذ الصحافة مهنة ومورد رزق، ويشترط في كل من يريد ممارسة مهنة الصحافة أن يكون لبنانياً قد اكمل الحادية والعشرين من عمره، وأن يكون مسجلاً في الجدول النقابي للصحافة وكل من يخالف هذا النص يحاكم بتهمة انتحال صفة ويعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنة وبغرامة مالية".
ورغم أن قانون المطبوعات وضع استثناء بالنسبة للأجانب، ما يزال الصحفي أو المحرر الفلسطيني محروماً من حق ممارسة مهنة الصحافة نتيجة الشروط التي يجب توافرها بالأجنبي كي يستطيع ممارسة المهنة حيث ورد نصاً: يجوز للأجنبي أن يمارس التحرير دون الانتساب للنقابة وله الحق بالبطاقة الصحفية كمحرر صحفي منحى عن الجدول ضمن الشروط التالية:
أولاً: أن يكون مأذوناً بالإقامة في لبنان وبالعمل فيه.
ثانياً: أن تكون قاعدة المقابلة بالمثل مطبقة بين بلده ولبنان.
بما يعني أن أمام الفلسطيني عائقين هما، الحصول على إجازة عمل ومبدأ المعاملة بالمثل، إذ إن لا بلد للفلسطيني اللاجئ ليتحقق هذا المبدأ، ما بالنسبة إلى الانتساب لنقابة الصحافة فلا يمكن للفلسطيني او الأجنبي الانتساب إليها لأن القانون اشترط في من يريد امتلاك مطبوعة صحفية أن يكون لبنانيا ًفقط.
وأمام هذا الواقع بيّن كليب لبوابة اللاجئين "أن المشكلة التي تنتصب أمام اللاجئ الفلسطيني الذي يريد ممارسة مهنة الصحافة هي نفس الإشكالية التي عانى ولا زال يعاني منها العامل الفلسطيني وهي اعتبار اللاجئ الفلسطيني بنظر الاستنساب القانوني أجنبيا من نوع خاص، وهنا تكمن المشكلة الأساس بأن "مطلبنا كفلسطينيين ليس استثناءنا وغض النظر عن ممارسة عملنا بقرارات إدارية من هذا المسؤول أو ذاك، بل بتشريعات قانونية تتعاطى مع الفلسطيني انطلاقاً من وضعيته القانونية كلاجئ فلسطيني لا ينطبق عليه قانون تنظيم عمل الأجانب، وهذا القانون يعتبر محور السياسات التمييزية ضد الفلسطينيين في لبنان".
80 % من خريجي الإعلام الفلسطينيين في لبنان عاطلون عن العمل
الصحفي زياد أبو غزالة عمل في قناة فلسطين اليوم ومن ثم انتقل إلى قناة القدس الفضائية ومنذ إغلاقها إلى الآن هو بلا عمل.
يقول أبو غزالة إن هاتين المؤسستين هما الوحيدتان اللتان يمكن للفلسطيني أن يعمل بهما، وبعد إغلاق قناة القدس أصبحت فرص العمل أقل كون مؤسسات الإعلام اللبنانية قلّ ما توظف الفلسطينيين في مؤسساتها، الأمر الذي دفع بعض خريجي الإعلام إلى الانصراف عن مزاولة مهنة الصحافة.
من ناحية أخرى أشار أبو غزالة لبوابة اللاجئين الفلسطينيين إلى أنه "لو لم تكن بلدنا محتلة لحمل الصحفي بطاقة من وزارة الإعلام وكان لديه نقابة تدافع عنه وتحميه وحصل على ضمان صحي وتعويض نهاية الخدمة وهذا غير موجود في لبنان"
ووجه أبو غزالة تحية الى الصحفي في فلسطين الذي حظي بشرف الدفاع عن فلسطين ومقارعة الاحتلال الاسرائيلي بالكاميرا والقلم.
أما للصحفي في لبنان طالبه أن يردد دائما " فلسطين محتلة وسأدافع عن قضيتي بكل الوسائل والطرق".
مسيرة الصحفي محمد لوباني من مخيم نهر البارد شمالي لبنان كانت حافلة بالإنجازات إلى وقت قريب، فمنذ تخرجه عام 2007 من جامعة بيروت العربية عمل مباشرة معداً للبرامج السياسية مع الإعلامية جزيل خوري واستمر العمل حتى عام 2011 وعندما تسلم مهمة مراسل الرياضة لقناة العربية في بيروت واصل العمل حتى العام 2016 ، وحين أغلق مكتب العربية في بيروت انتقل إلى موقع "كورة" وكان لديه برنامج رياضي مختص بالكرة العربية لمدة سنتين، وفي عام 2017، انتسب إلى شبكة قنوات ابوظبي الرياضية الرائدة في مجال الرياضة العربية والعالمية.
ورغم نجاح مسيرته الإعلامية، وهذه تعد حالة نادرة للاجئ فلسطيني في لبنان، ليس لأنه لا يملك الإمكانات اللازمة بل بسبب القوانين كما أسلفنا الذكر، أشار لوباني إلى أنه "يبقى العامل الأساسي الذي يخيفنا دائماً هو أن فكرة الفلسطيني في لبنان محروم من أكثر من 72 مهنة ومنها الإعلام والصحافة لذلك حتى كل الاشخاص الذين يمتلكون المؤهلات والمقومات التي تساعدهم على النجاح قد يعانوا في مجال سوق العمل."
وبناء عليه طالب بإيجاد سوق عمل يعتمد على الكفاءة والخبرة ولا يعتمد على الواسطة لأن الصحفي الفلسطيني مختص في مجاله ولديه مقومات وقدرات ويمتلك كل أدوات النجاح.
مطالبات بإنشاء نقابة تحمي الصحفيين الفلسطينيين
كان حلم الصحفية زينب أبو ضاهر أن تضع بصمتها في المجتمع الفلسطيني وتكون صوتاً وعيناً لشعبها حين قررت دخول مجال الإعلام، وهو حلم سرعان ما تلاشى بسبب القوانين التي وصفتها بالظالمة وأصبح هدفها فقط أن تعمل وليس أن تمارس مهنة الصحافة، زينب تخرجت بشهادة إعلام من الجامعة العربية في بيروت، وعملت لثلاث سنوات بقناة فلسطين اليوم وبعدها كمتطوعة بدائرة الإعلام في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في لبنان، ومنذ ذلك الوقت مشوارها في البحث عن عمل مازال مستمراً حتى اليوم ولكن للأسف دون جدوى.
لذا طالبت أبو ضاهر لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني والفصائل الفلسطينية في لبنان أن تعمل على حل هذه المعضلة التي يعاني منها اللاجئ الفلسطيني، وأن تسعى لتغيير القوانين وتعديلها خاصة فيما يتعلق باللاجئ الفلسطيني باعتباره حالة استثنائية بتواجده في لبنان.
بدوره أكّد الصحفي الفلسطيني محمد خالد أن الصحفي الفلسطيني في لبنان يعاني من مشاكل عديدة أهمها صعوبة الحصول على فرصة عمل لذلك طالب الدولة اللبنانية والمؤسسات الفلسطينية بضرورة العمل الجاد من أجل دعم الصحفي الفلسطيني وتوفير فرص العمل له.
شاهد الفيديو