شهدت الساعات الماضية إدانات رسميّة وشعبيّة واسعة للاعتداء الذي تعرضت له عائلة الحاجة المُناضلة أم جبر وشاح التي لطالما عُرفت باسم "عميدة أمهات الأسرى"، في مُخيّم البريج للاجئين وسط قطاع غزة، وسط مُطالبات بمحاسبة المسؤولين.
في بيانه الذي صدر الخميس 18 حزيران/يونيو، اعتبر نادي الأسير الفلسطيني الاعتداء على أم جبر "حالة رمزيّة بمثابة الاعتداء على الأم الفلسطينية وعلى الذاكرة النضاليّة التي لا تزال حيّة بأمثال أم جبر، وأمهات الأسرى والشهداء."
وذكر في بيانه أنّ هذا الهجوم الذي وصفه بالهمجي، يُمكن أن يقوم به فقط "من تجرّد من إنسانيّته ووطنيّته مهما كانت الأسباب والمُبررات التي يُحاول البعض تسويقها في تبريره تحت ذريعة تنفيذ القانون."
هذا وطالب نادي الأسير حركة "حماس" بتحمّل مسؤولياتها ومُحاسبة كل مُتورط في الاعتداء على أم جبر وشاح وتقديمهم للعدالة.
وكانت قد تعرّضت العائلة يوم الخميس للاعتداء على يد عناصر الشرطة والقوّة الخاصة في غزة، ما أدى إلى نقل الحاجّة أم جبر وبناتها إلى المستشفى لتلقّي العلاج، بالإضافة لاعتقال عدد من أفراد العائلة.
حسب مصادر في العائلة وشهود عيان، إنّ ذلك جرى على خلفيّة شكوى تقدّم بها أحد الجيران لفتح شارع تم إغلاقه منذ أكثر من (25) عاماً، حيث قام أحد الجيران بالبناء على قطعة أرض عند المدخل الآخر للشارع فتم إغلاقه من الجانبين لاحقاً.
وأوضحت المصادر أنّه صدر أمر من محكمة دير البلح بفتح الشارع، حيث حضرت جرّافة وعدد من عناصر الأمن لهدم غرفة لعائلة وشاح لفتح الشارع ليؤدي إلى منازل الجيران وليس لإزالة كافّة التعديات على الشارع من قِبل جميع المُعتدين على الشارع.
واعترضت عائلة وشاح على الهدم مُطالبةً بإنفاذ القانون على جميع المُعتدين على الشارع وليس فقط على البعض، ما دفع الأمن لمُهاجمة العائلة والاعتداء على أفرادها وعلى عدد من المواطنين الذين تدخّلوا بالدفاع عن العائلة ومحاولة صد الاعتداء.
من جانبها، استنكرت الشرطة ما نُشر حول الاعتداء على الحاجة أم جبر، ووصفته بـ "اعتداء مُدّعى" على عكس ما شهد به العديد من المواطنين في المُخيّم، نافيةً ذلك جُملةً وتفصيلاً.
وحسب بيان الشرطة الذي صدر مساء الخميس، فقد نفّذت قراراً صادراً عن محكمة دير البلح بإزالة تعدّ عن أحد الشوارع العامة وفتحه أمام حركة المواطنين في مُخيّم البريج، بما في ذلك غرفة مُلحقة بمنزل لعائلة وشاح.
واعتبرت الشرطة أنّ ما جرى هو مُحاولات من قِبل "بعض المُغرضين قلب الحقيقة ونشر شائعات وأكاذيب، واستغلال تنفيذ قرار إزالة التعديات لحسابات فئوية ضيّقة لا تخدم مصلحة شعبنا."
فيما أكّد المُحرر جبر وشاح أنّ والدته لم تتعرّض لاعتداء، عقب انتشار مقطع مُصوّر للحاجة وابنتها على أسرّة المستشفى، قائلاً "والدتي بخير ولم تتعرض لاعتداء من عناصر الشرطة اليوم خلال أحداث البريج، ولكن هناك سوء عام في التعامل خلال إنفاذ القانون."
من جانبه، أدان حزب الشعب الفلسطيني الاعتداء الفظ وغير المُبرر الذي طال العائلة، وقال إنّ هذا الاعتداء لا يُمكن تبريره بأي حال من الأحوال، مُعتبراً أنّ "استخدام السلاح والعصي في مواجهة أبناء شعبنا لن يُعالج المشاكل المُتراكمة في قطاع غزة"، مُطالباً بتقديم الاعتذار لعائلة وشاح وللأيقونة أم الأسرى أم جبر وشاح.
كما استنكرت حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية بشدّة هذا الاعتداء مُطالبةً بمحاسبة كل من أقدموا عليه، وأكّدت أنّ ما حدث "يمس ليس فقط هذه العائلة المناضلة، بل كل النسيج الوطني الفلسطيني ويُمثّل اعتداءً فظاً على حقوق الإنسان الفلسطيني."
وتُلقّب أم جبر وشاح بحارسة الحلم الفلسطيني، حيث تبنّت العديد من الأسرى العرب في سجون الاحتلال وكانت تزورهم باستمرار وتُلبّي احتياجاتهم، نظراً لعدم قدرة عائلاتهم على زيارتهم، فصارت الأم الروحيّة لكل أسير عربي داخل سجون الاحتلال، ولطالما شاركت في اعتصامات أهالي الأسرى وخاضت إضرابات مع الأسرى في سجون الاحتلال.
ومن الجدير بالذكر أنّ المُناضل جبر وشاح نجلها الأكبر هو من عُمداء الأسرى القُدامى الذين جرى اعتقالهم قبل "اتفاقيّة أوسلو"، وقضى في سجون الاحتلال (15) عاماً إلى أن تحرّر عام 1999، ورغم تحرّره استمرت والدته بزيارة أبناءها الأسرى الذين تبنّتهم، بالإضافة إلى مُشاركتها المُستمرة في اعتصامات أهالي الأسرى في مقر الصليب الأحمر.