في الحالات الطبيعية يُفترض أن يُعامل اللاجئون الفلسطينيون معاملة المواطنين اللبنانين، بحسب ما تنص عليه الأعراف الدولية بخصوص التعامل مع اللاجئين، لكن مع كلّ أزمة تمرُ على لبنان، يجد اللاجئ الفلسطيني نفسه يدفع الفاتورة ذات الثمن الأبهظ.
و جديد الصّفعات التي تعرّض لها اللاجئ الفلسطيني في لبنانا، هي منعه من شراء الدولار بناء على قرار نقابة الصرّافين الذي حصر شراءه لمن يحملون الجنسية اللبنانية فقط، ووفق شروط صارمة، في محاولة للحد من آثار الأزمة الاقتصادية وانهيار قيمة العملة المحلية في هذا البلد.
إلا أن اللاجئ الفلسطيني الذي ولد في لبنان، ويعيش حياته فيها ممنوع بحسب نص القرار من شراء الدولار لحل مشاكله وتدبير شؤون عمله لا سيما إن كانت متعلقة بالتجارة ويحتاج التاجر فيها إلى توفر قليل من العملة الأجنبية لتأمين احتياجات عمله، وهي ذات مشاكل اللبناني.
استياء في أوساط الفلسطينيين
قرار لاقى استياء وغضباً واسعاً في أوساط المجتمع الفلسطيني الذي يساهم بشكل واسع في تحريك عجلة الاقتصاد اللبناني، بحسب تأكيد الفلسطينيين.
في هذا الشأن، يتساءل التاجر الفلسطيني المقيم في مخيم برج البراجنة فادي طافش، عن المنطق الذي تحتكم إليه المؤسسات عندما تحجز على أموال الفلسطيني في البنوك اللبنانية وتعامله معاملة اللبناني، وفي الوقت نفسه تمنع الفلسطيني من شراء الدولار من الصّرافين على مبدأ "الأولوية للبناني".
يقول طافش لبوابة اللاجئين الفلسطينين: "كيف سيحافظ الفلسطيني على قيمة ماله في ظل هذه الأزمة الخانقة التي تعصف بلبنان، وكيف سيستطيع التاجر الفلسطيني مواصلة عمله إذا لم يستطع شراء الدولار الذي في نهاية المطاف يصبُّ لصالح التاجر اللبناني، وأضاف طافش أن الفلسطيني منذ لجوئه إلى لبنان وهو يعمل ويصرف ماله هنا، وعليه فإنّ من حقه معاملته إسوة بأخيه اللبناني الذي يتشارك معه الهمّ ذاته".
تاجر فلسطيني: القيادة الفلسطينية في لبنان لا تفقه فن الديبلوماسية
كذلك قال التاجر الفلسطيني حسن الطوزة من أبناء المخيم: إنّ من حقّ الفلسطيني الذي يضخّ دولاراً في السوق اللبنانية أن يحصل عليه أيضا.
وأضاف: "إن الفلسطيني عليه قروض بنكية بالدولار وهذه القرارات ستمنعه من تسديدها، وحمّل طوزة القيادة الفلسطينية مسؤولية تدهور وضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، بالقول: "القيادة الفلسطينية إن وجدت لا تفقه ألف باء من التعاطي بدبلوماسية مع الأوضاع الطارئة في لبنان".
منظمة التحرير و"أونروا" يضخان الدولار في السوق اللبناني
من جهته قال مدير مركز التنمية الإنسانية للدفاع عن حقوق الفلسطينيين سامر منّاع:
إنَّ جزءًا من العقلية السياسية الاقتصادية اللبنانية ما زالت تميز اللاجئ الفلسطيني و تعتبره غريباً وأجنبياً، مشيراً إلى أن اللاجئ الفلسطيني يُحضر أموالاً من الخارج إلى لبنان عبر منظمة التحرير التي تصرف رواتب لموظفيها والمستفيدين منها بالدولار كذلك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"وغيرها من المؤسسات المدنية داخل المخيمات.
ويضيف: "وسط هذا كله والمشاركة الاقتصادية للاجئ الفلسطيني نجد هذه التصرفات التي ترقى إلى مستوى العنصرية".
وشدد منّاع على أنّ الفلسطيني عامل إيجابي في المجتمع اللبناني، "ونحن الجهة الوحيدة من غير اللبنانيين التي تجمع أموالها من الخارج وتجلبها للبنان، وما ننتجه في لبنان نصرفه في لبنان، فالفلسطيني ليس لديه بديل، وعليه يجب الاستفادة من هذا الواقع لإعطاء الفلسطيني دعماً أكثر وليس لحرمانه أكثر".
أزمة التعاطي مع الفلسطينيين من قبل الحكومات اللبنانية المتعاقبة، ليست بالجديدة، و تتضح بشكل أكبر مع كل أزمة يمر بها هذا البلد، إذ اعتاد المتابع أن يسمع من قبل المسؤولين في لبنان مع بداية كل أزمة لوماً وعتباً على وجود اللاجئين، ومنهم الفلسطينيون، وتحميلهم عبء الكوارث الاقتصادية التي تقع في هذا البلد، دون وجود أدنى دليل على دقة تلك التصريحات، التي يصفها كثير من المحللين اللبنانيين بأنها شماعة لتعليق فشل بعض المسؤولين اللبنانيين على اللاجئين، على حد تعبيرهم.
وفي المقابل يعترف مسؤولون وإعلاميون لبنانيون بالفائدة التي يجنيها لبنان من وجود اللاجئين، وآخرها تصريح للإعلامي اللبناني جورج غانم قال فيه عبر قناة MTV : "إن الدولار المتداول في السوق هو ما تنفقه أونروا و المفوضية العليا لشؤون اللاجئين على اللاجئين في لبنان، نحن نتنفس بصراحة من أموال اللاجئين".
وليس هذا فقط، فحين اندلعت في تموز/ يوليو العام الماضي أزمة تعامل وزارة العمل السابقة مع الفلسطينيين كأجانب خلال حملتها للحد من العمالة الأجنبية، كشف عن نحو ملياري دولار يودعها رجال أعمال فلسطينيون في البنوك اللبنانية، كانوا على وشك سحبها احتجاجاً على تلك الإجراءات، ما يعني أن أموال الفلسطينيين جزء من سوق التداول المالي اللبناني.
يذكر أن الفلسطيني يعاني منذ عقود من سياسات تمييزية تصعّب عليه الحياة في لبنان، أبرزها منع التملك أو شراء شقق سكنية في لبنان أو توريث أملاك سابقة، وعدم ممارسة أكثر من 70 مهنة .
شاهد التقرير