مع تسجيل عدد من الإصابات بفيروس "كورونا" داخل بعض المخيمات الفلسطينية في البقاع وبيروت والجنوب، ثمة سؤال يطرح نفسه حول الأوضاع في مخيمات الشمال، ومدى جدية الإجراءات والتزام اللاجئين الفلسطينيين بها، خصوصاً في ظل الأوضاع المعيشية والاقتصادية المأساوية وغير المسبوقة، خصوصاً في مخيم نهر البارد.
هذا التقرير يسلط الضوء على أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات الشمال، لناحية التعامل مع الإجراءات الاحترازية من فيروس "كورونا"، وسوء الأحوال المعيشية والأسباب التي تغذي تراجعها المتواصل.
لم تسجل أي إصابات بالفيروس حتى اليوم في مخيمات الشمال، وأوضح، أمين سر اللجان الشعبية في مخيمات الشمال، أبو ماهر غنومي، أن الفصائل واللجان الشعبية اتخذت إجراءات على مداخل المخيمات، وقامت وزارة الصحة اللبنانية، بالتعاون مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، بإجراء فحوصات عشوائية كانت جميع نتائجها سلبية.
وفي حديث مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، ذكر أن الإصابات في المخيمات محدودة جداً وتعافت جميعها بشكل إجمالي.
"كورونا" بين الاستخفاف والواقع المعيشي
ولم ينف غنومي أن اللاجئين الفلسطينيين، بشكل عام، يتعاملون باستخفاف واضح مع الفيروس، أعاده إلى عدم وجود عدد كبير من الإصابات، وقول البعض إن لقاحات "أونروا" منذ الصغر هي التي تمنع الإصابة.
وطالب "أونروا" بالاهتمام أكثر بالمجال الاجتماعي، معتبراً أنه "لا يمكن أن نطلب من الناس التزام المنازل والمخيمات ولا نقدم لهم مساعدة.. الناس تريد أن تخرج للسعي وراء لقمة العيش والفلسطيني لا مدخرات لديه ولا أرض يزرعها.."
غنومي: "المسؤولية تقع على عاتق الأونروا في توفير مقومات الحياة لشعب فقد أرضه وعلى م ت ف في إقامة مشاريع إنتاجية وتشغيلية في المخيمات"
وحذر من أن الوضع سيكون كارثياً في حال لم يتم تداركه، مشدداً أن مساعدات الوكالة لمرة واحدة لا تكفي، والمطلوب مساعدات دائمة ودعم لمشاريع إنتاجية.
واعتبر غنومي أن المسؤولية تقع أولاً على عاتق الوكالة الأممية، التي يجب أن توفر مقومات الحياة لشعب فقد أرضه وممتلكاته في وطنه، ثم تقع أيضاً على منظمة التحرير الفلسطينية التي يجب أن تقدم المساعدة وتقيم مشاريع إنتاجية وتشغيلية في المخيمات.
موعد: "أغلقت معظم المحلات التجارية وتعطلت الناس عن أشغالها".
كلام غنومي أكده الناشط في مخيم نهر البارد، أبو صالح موعد، الذي أشار إلى أنه في بداية أزمة "كورونا"، التزم الناس بتطبيق قرارات الحكومة اللبنانية وأغلقت معظم المحلات التجارية وتعطلت الناس عن أشغالها، بل وتطوعت جمعيات ومؤسسات محلية بالوقوف عند مداخل المخيم لتسليم الوافدين كمامات ومعقمات وإجراء فحص الحرارة، إضافة إلى تعقيم شوارع المخيم وكثير من المؤسسات ودور العبادة.
لكن، ومع امتداد وقت الأزمة، لم يعد باستطاعة الأهالي، وفق موعد، البقاء كثيراً في منازلهم بسبب الأوضاع المعيشية السيئة، إذ شرعوا تدريجياً بالعودة لأعمالهم بهدف تأمين قوت يومهم، وبات الوضع اليوم في المخيم شبه طبيعي.
وأكد أنه يجب أن توضع ضوابط للدخول والخروج والتجوال في المخيم، لأن الفيروس لم ينته، ولا تزال الإصابات في لبنان تشهد ارتفاعاً ملحوظاً.
مخيم نهر البارد بات "منطقة منكوبة"!
وفي سياق متصل، أوضح موعد أن الأزمة الخانقة في لبنان تلقي بظلالها على مخيم نهر البارد، خصوصاً لناحية ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي على حساب العملة الوطنية، ما ينعكس على ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية وغيرها.
وأكد أن الكثير من عائلات المخيم تعاني من الفقر المدقع، جراء توقف الكثير من الأشغال، ما ساهم بارتفاع نسبة البطالة، وزاد منه عجز المغتربين عن إرسال الأموال إلى عائلاتهم بسبب القيود على التحويلات، وأزمة فيروس "كورونا" المستمرة.
وعلى الرغم من محاولة بعض المؤسسات والمبادرات المحلية تخفيف الأعباء عن الناس، عبر تقديم الخبز ومساعدات غذائية وتموينية، إلا أن موعد أكد أنها لا تفي بالغرض المطلوب.
واعتبر موعد مخيم نهر البارد "منطقة منكوبة" بكل المقاييس، مشدداً أن هذه حقيقة يجب عدم إغفالها أو الهروب منها.
وحذر من كارثة حقيقة بكل ما تحمله الكلمة من معنى في حال لم يتم تدارك الوضع ودعم اللاجئين في المخيمات.
وفي هذا الصدد، أشار الناشط في المخيم، بشار نصار، أن الأوضاع تنحدر من سيء إلى أسوأ.
ولفت إلى أنه إضافة إلى جميع الأسباب التي ذكرت سابقاً، والتي ساهمت بتراجع الأوضاع المعيشية، فإن لإغلاق الطرقات آثار سلبية مهولة على مخيم نهر البارد، على اعتبار أنها حدّت من حركة العمال ومنعتهم من مزاولة عملهم.
وأكد أن الوضع الاقتصادي في المخيم "صفر"، وتحديداً في المخيم القديم، حيث يقدم العديد من أصحاب المحلات على إغلاقها بسبب قلة المردود المادي، وانعدامه أحياناً.