أصدرت دائرة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، يوم أمس الاثنين 3 آب/ أغسطس، تقريراً بعنوان: «هل من إمكانية فعلية لجعل تمويل وكالة الغوث مستداماً»، قالت فيه إنّ "الفترة الأخيرة شهدت سلسلة من الاجتماعات والمؤتمرات الدولية والعربية بحثت في تداعيات الأزمة المالية التي تعيشها وكالة الغوث منذ سنوات وتفاقمت مع إجراءات الإدارة الأميركية التي قضت بموقف المساهمة المالية الأميركية، إضافة إلى البيان السياسي الذي وقعه عشرات السياسيين الأوربيين ويؤكدون فيه على الدور الهام الذي تلعبه الوكالة في منطقة تتسم بأنها مشتعلة للغاية".
وأوضحت الدائرة في تقريرها، أنّ "من ضمن القضايا التي أثارتها تلك المؤتمرات وآخرها مؤتمر المشرفين على شؤون اللاجئين الفلسطينيين الذي عقد في 27 تموز الحالي بمشاركة الدول العربية المضيفة ومصر وجامعة الدول العربية مسألة: تحميل الأمم المتحدة والدول المانحة مسؤولية إيجاد مصادر تمويل ثابتة ومستدامة لميزانيتها، ونعتقد أن هذا المسعى، وإن تأخر ثلاث سنوات، إلا أنّه حل يمكنه وضع حد للمزاجية التي تتحكّم ببعض الدول المانحة في تعاطيها مع قضايا تمويل موازنة وكالة الغوث".
واعتبر التقرير أنّ "هناك بعض المؤشرات الايجابية التي استجدت ويمكن استثمارها لصالح تحقيق هذا الانجاز، بما يحمي وكالة الغوث وخدماتها ويبعدها عن دائرة الابتزاز السياسي والمالي المتواصل، خاصة من قبل الادارة الاميركية وإسرائيل، وتثمن الدائرة كل الجهود التي بذلت وتبذل سواء عبر مؤتمرات دولية أو عربية والتي أدت إلى التعهد بتقديم (130) مليون دولار خلال المؤتمر الذي عقد في نيويورك مؤخراً، في تأكيد جديد على ثقة غالبية دول العالم بوكالة الغوث وبدورها الهام في تقديم الخدمات لملايين اللاجئين الفلسطينيين، رغم أن المبلغ المقدم ما زال قليلاً، ولا يعالج مشكلة العجز الذي ما زال كبيراً ويتجاوز قيمة المساهمة الأميركية، بالمقارنة مع الاحتياجات المتزايدة التي تقدر انطلاقاً من حجم الموازنة العامة بنحو مليار وأربعة ملايين دولار".
وشدّد التقرير على أهمية دعوة الأمين العام للأمم المتحدة خلال المؤتمر "لجعل تمويل الأونروا مستداماً وقابلاً للتنبؤ وكافياً، ومعالجة النقص المزمن في التمويل وأزمات التدفق النقدي المستمرة من خلال الالتزامات ليس فقط لمدة عام واحد ولكن لسنوات عدة"، وهي دعوة من شأنها اعادة الاعتبار لتقرير سابق للأمين العام (عام 2017) دعا فيه إلى جعل التمويل مستداماً، لكن تم تعطيله من قبل الادارة الأميركية وإسرائيل".
ورأى أيضاً أنّ "هناك امكانية فعلية اليوم لترجمة دعوة الأمين العام إلى واقع ممكن، إذا ما تم الاستفادة من بعض نقاط القوة التي استجدت مؤخراً ويمكن استثمارها لصالح تحقيق التمويل المستدام، ومن هذه النقاط التي ينبغي بذل الجهود من أجل تحقيقها والاستفادة منها خلال الدورة القادمة للجمعية العامة: انتخاب الدبلوماسي التركي فولكان بوزكير رئيساً للدورة الـ 75 للجمعية العامة، وهو ما يفترض منح أفضلية في هذه القضية، لجهة التعاون بينه وبين الأمين العام من أجل دراسة امكانية الدعوة لعقد جلسة احاطة تشارك فيها جميع الدول الأعضاء، يليها طرح قضية التمويل المستدام كنقطة على جدول أعمال الدورة (75) للجمعية العامة للأمم المتحدة".
وقالت الدائرة في تقريرها: "أبرزت المشاورات التي أجراها الأمين العام للأمم المتحدة عام 2017 مع حوالي 54 دولة ومنظمة حكومية الحاجة الماسة لوجود وكالة الغوث ولدور أكثر ميدانية، من خلال تخصيص موازنة ثابتة لأونروا من موازنة الأمم المتحدة وعلى قاعدة أن دور الوكالة لا يمكن الاستغناء عنه، طالما أنّ الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ما زال متواصلاً، وهذا يشكل احدى أهم مسؤوليات الجمعية العامة ازاء قضية فلسطين واللاجئون ووكالة أونروا".
كما رأت الدائرة أنّه "اذا كانت اسرائيل والولايات المتحدة الأميركية قد اعتبرتا أن عامي 2019 و 2020 هما العامين اللذين سيشهدا الغاء وكالة الغوث، فان مهمة اللجنة الاستشارية للوكالة ومنظمة التعاون الاسلامي، والجامعة العربية ودول عدم الانحياز والجامعة العربية هي في تحقيق اختراق ممكن الوصول اليه عام 2020، وعلى أرضية الدعم الذي حظيت به الوكالة عام 2019، عندما تم تجديد التفويض للوكالة بنسبة كبيرة من دول العالم التي ما زالت تعبر عن استعدادها لدعم الوكالة وانقاذها من أزماتها المالية".
وشدّدت على أنّ "النجاح في جعل تمويل وكالة الغوث مستداماً، لا يعني التخلي عن المانحين التقليديين وامكانية استمرار دورهم في مجالات شتى، بل أن المطلوب احداث التكامل بين ما يمكن أن تقدمة الأمم المتحدة من موازنتها الثابتة إلى أونروا، وبين مشاريع الدعم المختلفة التي ينبغي دعمها من قبل المانحين التقليديين وأيضاً الدعم الذي تعهدت بتقديمه بعض الأطر الدولية كمنظمة التعاون الإسلامي التي قررت في دورتها 46، تشكيل "صندوق وقف" لضمان التمويل المستدام لوكالة أونروا".
وبيّنت الدائرة أنّ "اللاجئين الفلسطينيين الذين لطالما عبروا عن تقديرهم للدعم الذي تقدمه الدول المانحة لوكالة الغوث، ينظرون اليوم بأمل كبير إلى الدور المطلوب من هذه الدول لحماية أونروا واخراجها من دائرة الابتزاز المالي والسياسي الذي تمارسه الولايات المتحدة بخاصة، وبما يعطي وكالة الغوث الحرية في تطبيق برامجها بحرية ودون تدخل خارجي، خاصة وأن وكالة الغوث ترتبط بـ (10) من (17) هدف من أهداف التنمية المستدامة التي قررتها الامم المتحدة، ما يعني أن أي تخلي دولي عن أونروا في هذه المرحلة سيعني حكماً إخلالاً بالمسؤوليات السياسية والقانونية والأخلاقية للمجتمع الدولي تجاه ملايين اللاجئين الفلسطينيين المنتشرين في عدد من الدول ويحتاجون كل دعم ومساعدة".