يصف اللاجئون الفلسطينيون من مخيم اليرموك إلى مخيم البداوي (شمال لبنان)، المخطط التتظيمي الذي تنوي السلطات السورية تنفيذه في مخيمهم بالمخيّب للآمال.
فبعد سنوات على إجبارهم على ترك المخيم إثر الأحداث التي وقعت في سوريا منذ عام 2011، وتم زج مخيم اليرموك فيها، وبعد أن طال حصاره لخمس سنوات، ومن ثم أعيدت السيطرة عليه من قبل جيش النظام السوري، تولد أمل لدى اللاجئين بإمكانية العودة إلى مخيمهم، وهو أمل مبعثه تصريحات عدة لمسؤولين في النظام والفصائل الفلسطينية الموالية له، لكن سرعان ما تبدد هذا الأمل مع إعلان محافظة دمشق في حزيران/ يونيو 2020 عن مخطط تنظيمي جديد لمنطقة جنوب دمشق حيث يقع مخيم اليرموك، سيقضي عل 60% من أراضي المخيم.
إلا أنه وبحسب المخطط الجديد الذي تنوي السلطات السورية تنفيذه، فإن المخيم سيقسم إلى 3 قطاعات وفقًا لنسبة الأضرار الذي لحقت به، جراء العمليات العسكرية خلال السنوات الماضية، الأمر الذي سيؤثر على الوحدة العقارية في المخيم، وسيحرم أبناءه من العودة إليه.
"رغم الاعتراضات.. محافظ دمشق يقول إن المشروع سينفذ"
في مخيم البداوي بمدينة طرابلس اللبنانية، حيث تقطن عشرات العائلات اللاجئة من مخيم اليرموك، يعيش عازف العود والملحن محمد عطية منذ عام 2012 يقول وفي عينيه دمعة أسى: "المخيم قد يتحول وفقًا للمخطط التنظيمي، إلى شوارع وحدائق وأبنية برجية، بالإضافة إلى بناء مدن، حيث من المتوقع بناء مدنيتين مكان المخيم".
ويضيف عطية لبوابة اللاجئين الفلسطينيين "منزلي في المخيم يقع في منطقة المدارس، هذه المنطقة بالإضافة إلى 60% من مساحة المخيم، قد تختفي بناء لما تخطط السلطات السورية ومحافظ دمشق فعله"، مشيراً إلى أن "الحكومة لم تعطي الناس تعويضات أو بدائل، كل ما قامت به هو إعطاء مهلة شهر لتقديم اعتراضات، إلا أن المحافظ يتحدث عن أن المشروع قائم وسيبدأ تنفيذه خلال أشهر قليلة".
"سنعود إلى حلمنا الأكبر فلسطين"
أما اللاجئ خالد قاسم، فتحدث عن اليرموك بكلّ حرقة، وقال: "يعني لي اليرموك الوطن الأصغر، وطن ربينا فيه مع أهلنا وأصدقائنا، ذاك الوطن الأصغر كان يعوّضنا عن وطننا الأكبر فلسطين، إذ كنا نشعر أننا في فلسطين بصدق، واليوم رحل اليرموك فعلينا أن نعود إلى حلمنا الأكبر فلسطين".
وعاش قاسم، في منطقة تدعى شارع الجوعاني، حيث يتخوف من عدم قدرته على العودة بسبب المخطط التنظيمي، يقول: "من المتوقع أن يتحول منزلي إلى شارع"، مؤكدًا حيازته لأوراق تثبت ملكيته لمنزله في مخيم اليرموك.
"أمنيتي العودة إلى اليرموك أو فلسطين"
بدورها قالت اللاجئة من مخيم اليرموك إلى مخيم البداوي أم قاسم: إن "حلمي هو أن أعود إلى مخيم اليرموك أو إلى فلسطين، فالاثنان متشابهان، لكن الأهمّ هو أن أخرج من لبنان، فالحياة هنا جدًا صعبة ومتعبة، والمعاملة معنا من قبل الأونروا سيئة جدًا خاصة أن جميع الفحوصات الطبية إن كانت في الهلال أو في عيادات الأونروا فهي تتطلب نقودًا لإجرائها".
وتابعت: "كنت أقطن في شارع اليرموك في حارة سالم، حيث كان لديّ منزل، إلا أنه وعقب الأحداث فالمنزل قد تمّ نهبه وسرقته، فلم يتبقى منه شيئًا سوى الجدران".
وتشير أم قاسم، وهي سيدة مسنة تعاني من أمراض التقدم في العمر "بالنسبة لمخطط التنظيم الجديد، لا نعلم إن كنّا سنعود إلى منزلنا أو لا، لأن المخطط سيشمل منزلي ما يعني أنهم قد يهدمونه".
أما زوجها اللاجئ الفلسطيني حسني أبو جاموس، فوصف المخطط التنظمي بـ "الغريب من نوعه"، وأضاف، "يريدون أخذ منزلي في اليرموك لتحويله إلى حدائق وعمارات وشوارع، وسيتركون لي ما مساحته 50 مترًا من منزلي، فكيف ذلك وأين سأقطن أنا وأولادي الأربعة؟"
وتابع: "طلبنا من جماعة قمة المخيم، وهم أشخاص من وجهاء المخيم، لقاء محافظ دمشق للاستفسار عن هذا المشروع، إلا أنهم لم يصلوا إلى نتيجة بعد".
يذكر أن عشرات الآلاف من أبناء مخيّم اليرموك، يتوزعون على امتداد جغرافيا التهجير، سواء داخل سوريا أم خارجها، حوّلهم تدمير مخيّمهم إلى مهجّرين، ولن تنتهي حالة تهجيرهم إلّا بإعادة إعمار مخيّمهم وإعادتهم إليه، وهو ما انتظروه طوال سنوات، ولا سيّما من يعيشون في دول الجوار ( لبنان- تركيا – الأردن) في ظل أوضاع قانونية ومعيشيّة هشّة ومعقدّة، يبدو أنهم سيظلون يعيشونها بعد أن سلبهم المخطط التنظيمي الجديد مبرر العودة إلى سوريا.