"الأمور أصبحت في مرحلة حساسة جداً" .. بهذه الكلمات يختصر مدير قسم الصحة في وكالة "الأونروا" الدكتور عبد الحكيم شناعة خطورة الكارثة التي تهدد مخيم عين الحلوة بعد تسجيل عدد من الإصابات بفايروس كورونا في صفوف سكانه.
تداعى ذلك إلى إعلان النفير العام على الصعيد الصحي والشعبي لتفادي وقوع إصابات أكثر، والحد من انتشار الفايروس داخل المخيم أحد أكبر المخيمات من حيث الكثافة السكانية.
وما إن سُجلت أولى الإصابات بفايروس كورونا في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا جنوب لبنان، حتى عقدت وكالة الأونروا اجتماعاً مع اللجان الشعبية والمؤسسات الصحية العاملة في الوسط الفلسطيني والقوى الأمنية للتباحث في التداعيات الصحية لانتشار الوياء ومحاولة السيطرة عليه.
مباحثات لاحتواء تفشي الفايروس
وفي حديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، يقول عبد الرحمن أبو صلاح، أمين سر اللجان الشعبية في منطقة صيدا: "إن اجتماع الأونروا واللجان المعنية ترجم ببيان يحث الناس على الالتزام بقرارات وتوصيات وزارة الصحة والمؤسسات العاملة في الوسط الفلسطيني، ولاسيما الأونروا التي يجب أن يكون لها الدور الأكبر في هذا المجال إذ تقوم الوكالة حالياً بإجراء فحوصات لمخالطي المصابين".
ودعا أبو صلاح وكالة الأونروا إلى إجراء المزيد من الفحوصات ليس فقط في مخيم عين الحلوة بل في كافة المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان.
كما دعا سكان مخيم عين الحلوة إلى "الانتباه والحذر والأخذ بعين الاعتبار وعلى محمل الجد وصول فايروس كورونا إلى داخل المخيم"، مشيراً إلى أنه "من الضروري الالتزام بالتباعد الاجتماعي الذي هو ضروري جداً في هذه الظروف، وارتداء الكمامة والكفوف بشكل واجب، ووقف الرحلات والنزهات والمسابح".
بدوره، قال الدكتور مجدي شحادة عضو اللجنة الصحية لمخيم عين الحلوة، وعضو في الهلال الأخضر الخيري: إنه "حين دخلنا الى المرحلة الثانية من انتشار الفايروس ألا وهي وجود حالات داخل المخيمات، أصبح هناك جو من الإسراع في تأهيل مراكز الحجر الصحي التي استحدثتها الأونروا داخل سبلين وبالطبع داخل مخيم عين الحلوة تحديداً في مستشفى السموع. هذه المراكز معدة لاستقبال الحالات التي تكون مخالطة لمصابين أو حالات مرضية غير شديدة الخطورة".
ويضيف: "ما إن أعلنت الحالة الأولى حتى عقدت اجتماعات مكثفة لغالبية اللجان الصحية الموجودة داخل المخيم في إطار التوجه نحو أن يكون هناك خطة توعوية شاملة تتضمن تصحيح المفاهيم عند الأفراد داخل المخيم، وأخذ الاحتياطات داخل المؤسسات الصحية والأحياء سعياً لأن لا يصبح هناك تفشي أكثر من الإصابات التي سجلت".
ويرى أن "اعتماد الحجر الصحي المنزلي الذي يُستخدم في العالم كله لأي مريض بفايروس كورونا، هذا الأمر صعب تطبيقه في مخيم عين الحلوة بسبب الكثافة السكانية. ولهذا الأمر استحدثت المراكز الصحية للحجر الصحي مثل مركز سبلين ومركز السموع. فالطبيعة الاجتماعية للمخيم والتقارب الاجتماعي الذي يكون أحياناً مبالغاً فيه يجعل موضوع التباعد الذي نطلبه غير ممكن، ولذلك فإن الجهود التي يجب أن تُبذَل في مخيم عين الحلوة خصوصاً لكثافته السكانية المرتفعة ستكون أكثر من أي جهود في أي مكان آخر في العالم".
إجراءات وقائية ذاتية
على المقلب الآخر، شكلت دعوات اللجان المختصة في مخيم عين الحلوة بضرورة أخذ الحيطة والحذر للحد من انتشار الفايروس بين السكان استجابة لدى بعض أهالي المخيم الذين باتوا يشعرون أن الخطر قاب قوسين أو أدنى منهم.
وفي جولة لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" داخل أحياء مخيم عين الحلوة استطلعت الاجراءات المتخذة من قبل الأهالي وأصحاب المحال التجارية فور وصول فايروس كورونا إلى المخيم.
وفي هذا الإطار، يقول اللاجئ ابراهيم ديب: "قدّر الله وما شاء فعَل بسبب الاستهتارات المعينة التي حدثت وعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة أصبحت الناس تستهتر كثيراً خلال زيارتها الأسواق والتجمعات والمسابح، بالتالي أدى ذلك لوجود حالات مؤكدة في المخيم".
ويضيف: "بالنسبة لي حين علمت بهذا الخبر مباشراً ارتديت الكمامة والمعقمات وضاعفت من إجراءات الوقاية لدي، ففي هذه المرحلة التي وصلنا لها الصغير والكبير يجب أن يأخذوا بالإجراءات أكثر لأن الفايروس لا يُرى بالعين المجردة ".
أما اللاجئ أحمد برناوي يؤكد خوفه على نفسه من الفايروس وعلى أولاده وأهل المخيم، معتبراً أنه "يجب أن يكون لدينا وقاية والتزام في البيت أكثر وأن لا نتجول كثيراً إلا في الحالات الضرورية، أي اذا استدعى الأمر للخروج لإحضار الطعام أو للذهاب إلى الطبيب".
ويذكر برناوي "بضرورة ارتداء الكمامة وغسل وتعقيم اليدين والأسطح التي نلامسها، والأهم من ذلك هو التزام الأطفال المنازل وعدم التجمع في بعض الأماكن بالألعاب الإلكترونية أو ركوب الدراجات النارية".
من ناحيته عبر اللاجئ محمد أبو أمجد عن عدم خوفه من وصول الوباء إلى مخيم عين الحلوة، قائلاً: "لماذا سأخاف؟ فأنا أرتدي الكمامة، وحين أعود إلى البيت أخلع الكمامة وأغسل يداي".
ويعتبر أن "الكمامة ليست كافية، ولكن هذا أدنى شيء ممكن أن أقوم به لأنني لا أستطيع البقاء في البيت ولا أخرج إلا لشراء الأغراض"، داعياً سكان المخيم إلى "عدم الاستهتار بفايروس كورونا لأنه موجود في المخيم الآن، يجب أن يتخذوا حذرهم ويرتدوا الكمامات ويعقموا أنفسهم ويبتعدوا عن التجمعات".
هذه الشريحة من اللاجئين الفلسطينيين، تعي الخطر المحدق إلا أن هناك شريحة أخرى كبيرة، لم تلتزم خلال الفترة الماضية بإجراءات السلامة، واستهانت بانتشار المرض في أغلب المناطق اللبنانية، فيما تبدو الدعوات التي يتحدث به مسؤولو الصحة في "أونروا" وباقي المؤسسات الفلسطينية خجولة، أمام فعل توعوي و إجرائي حقيقي على الأرض