على وقع صرخات اللاجئين الفلسطينيين في مُخيّمات قطاع غزّة جرّاء تقصير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" تجاههم في ظل أزمة جائحة "كورونا"، خرجت أصوات تنادي وتناشد كافة الجهات المُختصة والفصائل الفلسطينيّة في غزّة لضرورة الضغط على الوكالة وإنقاذ المُخيّمات قبل الوصول مرحلةٍ لا يُحمد عقباها، أي الانهيار الفعلي.
في هذا الصدد، أكَّد المختص في شؤون اللاجئين الفلسطينيين سمير أبو مدللة لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أنّ "وكالة أونروا هي المسؤول الأوّل عن اللاجئين الفلسطينيين وبالتالي عليها في هذه الفترة أن تطلق نداء استغاثة جرّاء العجز الكبير في موازنتها، وللأسف الشديد مؤتمر المانحين لم يتبرّع بأكثر من 10% من المبلغ المطلوب".
عجز "أونروا" سيزداد
ورأى أبو مدلّلة أنّ "هذه الأزمة الماليّة ستزيد من عجز أونروا باتجاه تخفيض المزيد من الخدمات التي تقدّم للاجئين الفلسطينيين، أي المتضرّر من هذا العجز هم اللاجئ الفلسطيني الذي يُعاني ليس فقط من عدم تقديم المواد الغذائية، بل يُعاني من التراجع في قطاعي الصحة والتعليم، بالإضافة إلى أنّ التشغيل متوقّف منذ عدّة سنوات".
كما أشار إلى أنّه "يجب على وكالة أونروا أن يكون لديها مشاريع للتشغيل في ظل هذه الجائحة من أجل انتشال جزء من اللاجئين الفلسطينيين الذين يعانون في قطاع غزّة"، لافتاً أيضاً إلى أنّ "هناك دور أساسي على الجهات الحكوميّة سواء السلطة الفلسطينية في رام الله أو الحكومة في غزة في مساعدة اللاجئين الفلسطينيين سواء عن طريق صندوق (وقفة عز) أو عبر المنحة القطرية في غزة التي لم تصل إلّا إلى أعداد قليلة وضعيفة جداً".
دعوة لعدالة توزيع المساعدات
ورأى أنّه "يجب على السلطة الفلسطينيّة أنّ يكون لديها نظرة باتجاه مساعدة الفئات المهمّشة من شعبنا، سواء الفقراء، أو من يعانون من البطالة في ظل هذه الجائحة، وأن تضع أسماءهم وفق استراتيجيّة بعيداً عن توزيع المساعدات في جزء من الوطن وتناسي الجزء الآخر".
لكن في غزة، تقول الجهات الحكوميّة: إنّ "الحصار يؤثّر على خدماتها بشكلٍ كبير.
وأكدت عزيزة الكحلوت الناطقة باسم وزارة التنمية الاجتماعية في القطاع، أن "هناك نقصاً كبيراً في الموارد التي تدخل إلى قطاع غزّة ولا يوجد عدد كافي من المساعدات التي تقدم".
وأوضحت الكحلوت لموقعنا أنّ "الوزارة تعتمد بالجزء الأكبر في تقديم المساعدات على الجهات الداعمة من جمعيات خيرية، ومؤسسات دولية إغاثية، وفاعلي خير، ورجال أعمال، وغرف تجارية، وكل هذه الجهات التي نقوم بالاعتماد عليها اليوم في تقديم مساعداتنا داخل قطاع غزة سواء في الأماكن المحجورة أو داخل مراكز الحجر الصحي، بالإضافة إلى ما تقدّمه الحكومة الفلسطينيّة".
غضبٌ في المُخيّمات
وفي ظل الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها إدارة وكالة "أونروا" في غزّة من قِبل اللاجئين واللجان الشعبيّة للمُخيّمات في قطاع غزّة، خرج مدير عمليات الوكالة ماتياس شمالي مصرحاً بأنّ "أونروا تعاني من أزمة ماليّة خطيرة وقد لا تتمكّن من دفع رواتب موظفيها في شهر أكتوبر المقبل".
لكنّ اللجان الشعبيّة كان لها رأي آخر، إذ وصفت شمالي بأنّه يُمارس "سياسة المماطلة والتهرّب من المسؤوليّة في التعامل مع اللاجئين والتي ازدادت سوءاً في ظل جائحة كورونا وحالة الطوارئ التي يعيشها قطاع غزّة"، مُعلنين في بيانٍ لهم، أنّهم "قرّروا إمهال مدير عمليات أونروا في غزة مدة أسبوع آخر لتنفيذ وعوده، حيث سيتم القيام بخطوات تصعيدية ضد نهجه وسياسته في التقليصات".
على الأمم المتحدة التدخّل سريعاً
يوم الجمعة 25 سبتمبر/ أيلول، اعتبر رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار في قطاع غزة، النائب جمال الخضري، أنّ "إعلان وكالة "أونروا" مواجهة صعوبة في دفع رواتب الموظفين بسبب العجز المالي هو مؤشر خطير جداً".
وحذَّر الخضري في بيانٍ له، من أنّ "الأزمة بدأت تدخل منحنى جديداً حين بدأت تطال رواتب الموظفين، وهذا مساس بالموظفين وعوائلهم"، مُؤكداً أنّ "عدم توفر التمويل للأونروا يُمثل مشكلة كبيرة، وأن على المجتمع الدولي تداركها بشكلٍ عاجل وسريع".
ودعا الخضري الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى "التدخّل العاجل والعمل على تغطية العجز المالي لأونروا من خلال الدول المانحة، وتأسيس شبكة أمان مالية لضمان تنفيذ خدماتها، ومجاراة الوضع الطارئ بسبب جائحة كورونا".
المُخيّمات الفلسطينيّة الثمانيّة في قطاع غزّة حالها اليوم لا يخفى على أحد، إذ يشكو اللاجئين من الفقر المدقع الذي ازدادت وطأته في ظل جائحة كورونا، في المقابل لا تقوَ الجهات الحكوميّة المسؤولة في غزّة على تلبيّة كافة احتياجات المُخيّمات بسبب الحصار المطبق منذ أكثر من 14 عاماً، لكنّ وزارة الصحة تجري بين الحين والآخر فحوصات عشوائية لـفيروس "كورونا" داخل المُخيّمات وبالقدر الذي تستطيع.
وباء "كورونا" زاد من التحديات الجاثمة على صدر مُخيّمات اللاجئين في القطاع الذين يشكلون 70% من سكّان القطاع المحاصر، فمن المسؤول عن مساعدتهم؟.