جالساً وسط مجموعةٍ من أطفال المُخيّم وآلة العود في يده، ربّما لا يتحدّث كثيراً مع من حوله ويخاطبهم كما هو معتاد، بل غالباً ما يُخاطب من حوله بالموسيقى، خاصةً أبناء المُخيّمات الفلسطينيّة في قطاع غزّة.. هكذا يُمارس الفنان الفلسطيني توفيق شناعة من مخيم الشابورة برفح، حياته اليوميّة بعد فرض حظر التجول إثر تفشي فيروس "كورونا" في القطاع المحاصر، إذ يجمع أطفال المُخيّم يومياً حوله ويعزف ويغني لهم ما تيسّر من الأغنيات، للترفيه عنهم، وملء وقتهم في ظل تعطّل المسيرة التعليميّة بفعل أزمة "كورونا".

"بحب الموسيقى من زمان"

يقول الفنان توفيق عبد الرحمن عمور شناعة لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" بعد أن انتهى للتو من عزف إحدى الأغنيات: "أنا إنسان بحب الموسيقى من زمان يعني وبخاصة في الأزمات، بيجيبني الوحي فبعد العصر بعود بجيب كباية شاي أو كباية قهوة وبقعد ومنشرب وبعدين بمسك العود.. بيلتموا الأولاد الصغار حوليّ ومنبدأ نغنيلهم أغاني وطنية، وأغاني بيحبوها الأطفال".

"الظروف القاسية تدفعنا للبحث عن الفرح"

wfwe.jpg

 

وحول مبتغاه من هذا النشاط اليومي، يوضح شناعة أنّه "يبعث الأمل في نفوس الأطفال في ظل المعاناة التي يعيشونها والقهر الموجود في المُخيّمات الفلسطينية، وفي ظل الحصار وأزمة فيروس كورونا وعديد الأزمات المختلفة"، مُؤكداً أنّ هذه الظروف تدفع "الإنسان للبحث عن شيء يسعده.. والخروج من حالة النكد الموجودة".

"كانت البدايات في عمّان"

وعند حديثه عن البدايات، يعود شناعة بذاكرته: "أنا كنت طالع أدرس في الجامعة الأردنية سنة 1975، وفي أوقات الفراغ جبت عود من عمّان، ولأني أنا هاوي العود وبحبه كنت أقعد أدندن عليه"، مُتابعاً حديثه: "كان عنا في فندق فلسطين واحد من القدس بيعزف عود وكان زلمة كبير وقديم، كان يمسك العود ويقعد يعزفلي كل يوم وأسمع واستمتع بهالعود".

وأكَّد بعد ذلك: "طبعاً صارت هوايتي إني أنا أمسك العود، وطبعاً بعد ما خلّصت من عمّان أجينا على غزة هنا وجبت عود ثاني وبقيت أتعلم البدايات مثل أحرف الموسيقى والسلم الموسيقي".

"الموسيقى غذاء الروح"

شناعة يرى أنّ الموسيقى "عبارة عن غذاء للروح، وبتخلي الإنسان في راحة نفسية"، مُشدداً على أنّها "علاج لكثيرٍ من الأمراض".

وبرغم جمال اللحظات التي يقضيها الفنان شناعة برفقة عوده وألحانهما، إلّا أنّه لا ينسى وجع أبناء المُخيّمات وضرورة السعي لشحذ هممهم دوماً: "ببعث رسالة لأهل المُخيّم ولغيره من المُخيّمات الفلسطينية: فش حرية من دون ثمن.. الحرية بدها ثمن وبدنا نتحمّل المآسي، ونحمّل الأوبئة، ونتحمّل الأمراض، ونتحمّل الحياة المرّة والعيش التعيس يلي احنا عايشينه، والفقر المدقع عند العباد"، وراح يُغني للأطفال "يا ديرتي حملوا.. يا ديرتي شالوا.. يا ديرتي وأشعلوا.. في القلب نيراني!.."، لفرقة العاشقين الفلسطينيّة.

وتأتي هذه الأغنيات والمبادرات المبهجة من بعض فناني القطاع، في ظل حالٍ يُرثى له للمُخيّمات الفلسطينيّة في قطاع غزّة المحاصر منذ قرابة 14 عاماً من جانب الاحتلال الصهيوني، وفي ظل أنّ هذه المُخيّمات بوجهٍ عام تُعاني من قلة الأماكن المفتوحة والمناطق الترفيهيّة والمساحات الخضراء، وهو ما ينعكس بالتأكيد سلباً على حياة السكّان لا سيما الأطفال الذين لا يجدون ما يفعلونه في ظل حالة حظر التجوال المفروضة سوى البحث عن الفرح في أزقّه المُخيّم هرباً من ضنك الحياة.

شاهد التقرير:

 

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد