حلّ علينا موسم قطاف ثمار الزيتون لهذا العام ثقيلاً، لا سيما مع ازدياد وتيرة اعتداءات المستوطنين على الأراضي الفلسطينيّة واقتلاعهم لآلاف الأشجار المعمّرة والمثمرة بالزيتون، لكنّ الفلسطيني وكما دائماً يُثبت لعدوّه أنّه أقوى من الصلف، ومُحبٌ للحياة مُدافعاً عن أرضه من خلال التمسّك بها وبخيراتها وتراثها مهما كلّفه الأمر.
في هذا الموسم شارك "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" وشاهد عن قرب طقوس إحدى عائلات اللاجئين في مُخيّم دير البلح خلال قطافها للزيتون وكيف يمارسون الفرح على طريقتهم الخاصة بهذا الموسم.
موسم الخير والبركة
يقول اللاجئ الفلسطيني من بئر السبع محمد بركة: إنّ "موسم الزيتون موسم خير وبركة، واحنا ننتظره من العام للعام يعني فيه بهجة كبيرة لكل أهالي المنطقة ولكل الأهالي يلي عندهم زيتون، حتى يلي ما عندهم زيتون بيجوا وبيشاركوا أو بيشتغلوا بالأجرة في موسم الزيتون".
في حين قال جبر بركة وهو لاجئ فلسطيني من بئر السبع إلى دير البلح: إنّ "شجرة الزيتون أساسية في فلسطين لأنها أول ما ظهرت في الضفة الغربية وفي اللد والرملة وكمان في الشمال"، لافتاً إلى أنّ "كل هذا كان قبل النكبة عام 1948، وكان كل قطاع غزة يتجه نحو الضفة، وأهل الشمال كلهم بيشتغلوا في الزيتون".
مصدر رزق
كما أوضحت اللاجئة الفلسطينية المُسنة فرحانة بركة، أنّ "العائلات تصرف من الزيتون، يعني هو يلي معيشنا وهو يلي بيصف علينا الزيت والزيتون، واللي بيحتاج زيتون حب بنبيعه، ويلي برضك ما حدا اشترى بنعصره زيت".
يضيف محمد: "قطف الزيتون بهذا الموسم يعني زجل شعبي وتراث شعبي، وبيقوموا بالأغاني الشعبية والتراثية القديمة، طبعاً هي بتخفف عنهم أعباء العمل وما إلى ذلك، وبيصير الفطور الجماعي طبعاً بيكون عبارة عن فول مغمس بزيت أو زيت بزيتون وما إلى ذلك، وكمان الغداء يعني مشهورين بوجبة المقلوبة أو المنسف البلدي".
كيف كان موسم قطاف الزيتون قبل نكبة عام 1948؟
وأكملت الحاجة فرحانة بركة بالقول: "كان الزيتون زمان ينزرع في جبال وصخر ولا كان يشرب مي ولا حاجة، بس اليوم منسقيه مي، ويعني كان قبل أحسن لأنه في جبل يعني في صخر وبيجدوه (يقطفوه) الناس يعني وبيعصروه بيعطي زيت أكثر من اليوم".
ووافقها الرأي الحاج جبر، إذ قال إنّ "زيتون البلاد (الأراضي المحتلة عام 48) كان في الجبل بعلي بعدين في روماني بعدين هذاك الزيت بيجيب غلة كويسة جداً بسبب الأمطار إنها كويسة (جيدة) جداً، وما كان يشرب آبار مياه ارتوازية، فكانوا الناس غاد بيلموه وبيودوه على المعصرة.. قفاف (أحواض خاصة لعصر الزيتون) قفة وحجر.. اشي عالحيوانات واشي عالبني آدمين بيلفوها لأنه كان فش كهربا".
زيتونٌ غريب في أرضه إلى حين عودة أصحابه
في كل عامٍ عندما يحلّ هذا الموسم، نتذكّر زيتون البلاد الحاضر الغائب، والذي يُشعر بأنّه غريب رغم أنّه مغروسٌ في أرضه، لكنّ ما يُشعِره بذلك هو الاحتلال الجاثم على صدرِ حباته وأوراقه منذ أكثر من 72 عاماً من التشريد والقتل والاستيطان، إذ يُشتاق هذا الزيتون لغارِسه، أو كما قال الشاعر محمود درويش: "لو يذكر الزيتون غارسه لصار الزيتُ دمعاً".. فمتى يعود هذا الزيتون لأهله؟
شاهد التقرير