نشأ مُخيّم بلاطة كغيره من مُخيّمات اللاجئين الفلسطينيين إبان النكبة الفلسطينية عام 1948 نتيجة الاحتلال الصهيوني لفلسطين وتهجير أهلها من قراهم.

وتأسّس المُخيّم عام 1950م، وسرعان ما أصبح أكبر مُخيّمات الضفة الغربية من حيث عدد السكان الذين تجاوز عددهم 23,000 لاجئ مسجل، وينحدر أصل سكّان المُخيّم من 60 قرية تابعة لمناطق اللد ويافا والرملة، وهناك العديدين من السكان ممن ينحدرون من أصول بدوية.

 

المساحة والمكان

وتقدّرُ مساحة المُخيّم بـ252 دونماً، وهو يقع ضمن حدود بلدية نابلس على أراض زراعية تابعة لقرية بلاطة في أقصى الطرف الغربي لسهل عسكر، وتوسّعت مساحته لاحقاً حتى أصبحت 460 دونماً، ويعود اختيار مكان المُخيّم إلى خصوبة أرضه، حيث كان في ذهن المؤسسات الإغاثية الدولية تمكين اللاجئين من العمل في الزراعة.

 

سبب التسمية

ويرجع سبب تسمية المُخيّم باسم بلاطة إلى عدة روايات منقولة من جيلٍ لآخر، وقد ذكر السيد مصطفى مراد الدباغ في كتاب بلادنا فلسطين (الجزء السادس): "بَلاطة بالفتح وهي مفرد "بلاط"، وقد أخطأ السيد الدباغ في كتابه: معجم البلدان، حيث ذكرها باسم بُلاطة بالضم، وقد ذكر سكان هذا البلد أن الماء يخرج من بلاطة من الصخور الموجودة تحت مستوى سطح الأرض.

أمّا الرواية الثانية فهي أن ساحة العين وعين الماء كانتا في الحارة الغربية، أي أنهما تبعدان عن عين الماء الحالية من جهة الغرب حوالي مائة متر تقريباً، وعلى جانب عين الماء كانت شجرة بلوط، حيث سمّيت القرية بالبلوطة في بادئ الأمر، وبعدها سميت بلاطة نسبة إلى البلوطة.

أمَّا الرواية الثالثة فتقول: "سكن هذا البلد قبل السكان الحاليين سكان يدعون البلالطة (أو البلاطيون)، وسميت بلاطة نسبة إليهم، والأرجح أنهم سُموا البلالطة نسبة إلى بلاطة، ولم تنسب إليهم.

وهناك رواية رابعة ذكرت في كتاب (بلادنا فلسطين)، وهي أن الاسم مفرد بلاط، والبلاط من الأرض وجهها الصلب، وقد شبهت بالبلاطة لاستواء سهولها وصلابة صخورها.

8-1.jpg


 

نشاط سياسي حقوقي ونضالي

وبحسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فإنّ الناشطين السياسيين والناشطين على صعيد المجتمع المدني في مُخيّم بلاطة يعدون أقوياء بشكلٍ خاص، حيث أن المجموعة الأولى في الضفة الغربية التي قامت بالدفاع عن حقوق اللاجئين، وهي لجنة اللاجئين للدفاع عن حقوق اللاجئين، قد تأسست في بلاطة في بدايات عام 1994، ولجنة المُخيّم هي واحدة من أكثر اللجان نشاطاً في المنطقة، حيث أن ثلاثة من أعضائها هم أعضاء أيضاً في المجلس التشريعي الفلسطيني.

ويقوم مركز الأنشطة الشبابية ومركز برامج المرأة بتنظيم العديد من النشاطات أيضاً. وقد وقع المُخيّم تحت وطأة ضغط شديد من قبل الجيش الصهيوني خلال الانتفاضتين الأولى والثانية.

ويعتبر مخيم بلاطة من أوائل المخيمات التي تفجرت فيها الانتفاضة الاولى – انتفاضة الحجارة عام 1987.

يقول مدير مركز "يافا الثقافي"، فايز عرفات، أن مراكز الشباب في الثمانينيات كانت هي الشعلة ومفرخة العمل الوطني،مشيراً إلى أن مراكز النشاط النسوي، التي لطالما كانت الشعلة خلال الانتفاضة الأولى.

كما لعب اللاجئون الفلسطينيون داخل المخيم دوراً بارزاً أيضاً.

وفي شباط/فبراير عام 2002 شنّ جيش الاحتلال عمليّة عسكرية واسعة على مُخيّم بلاطة، تعرّض خلالها لاستهدافٍ جوّي من طيران الاحتلال، وآخر على الأرض بالقذائف المدفعيّة والرشاشات الثقيلة والمتوسطة من قِبل قوات الاحتلال، بهدف تصفية المُقاومة في المُخيّم الذي كان يُطلق عليه "رأس الحيّة" و"عش الدبابير" آنذاك، وامتدت المواجهة لنحو (10) أيام قبل اقتحام المُخيّم الذي استمر لنحو (12) يوماً تخلّله اقتحامات شرسة لمنازل الأهالي بالجنود والكلاب البوليسيّة أدى إلى سقوط العديد من الشهداء والجرحى الفلسطينيين، وتدمير المُخيّم.

ما مثّله مُخيّم بلاطة خلال الانتفاضة الثانية وما سبقها من أحداث ومواجهة مُباشرة مع الاحتلال ومستوطنيه وحتى مع السلطة الفلسطينيّة، دفع لتصفية حالة المُقاومة داخل المُخيّم وإهماله وتهميشه، ما ضاعف مُعاناة الأهالي، وزاد على ذلك مُحاولات استغلال بعض الجهات لأوضاع أبناء وعائلات المُخيّم، في خلافاتها وغاياتها، حيث شهد المُخيّم خلال السنوات الماضية مُواجهة مُسلّحة مع الأجهزة الأمنيّة التابعة للسلطة التي ترى في الكثير من أهله "خارجين عن القانون"، وتتجدّد مُحاولات الأجهزة الأمنيّة لفرض سيطرتها على المُخيّم من وقت لآخر.

 

تحويل لشكل المخيم

تشير سجلّات وكالة الغوث إلى ارتفاع نسب البطالة في مُخيّم بلاطة، حيث تصل إلى (25) بالمائة، علماً بأنّ نحو (20) بالمائة من سكان المُخيّم أعمارهم بين (15-24) عاماً، وما نسبته (35) بالمائة أعمارهم (25-60) عاماً، وهي الأعمار الفتيّة والشابة والمرتبطة بالتعليم والإنتاج وسوق العمل ومستقبل العائلات في المُخيّم، وتتأثر نسبة البطالة بسبب الظروف التي يُعاني منها المُخيّم والإهمال الذي يتعرّض له، بالإضافة إلى عدم إمكانيّة الوصول إلى سوق العمل داخل الأراضي المُحتلّة عام 1948.

وبجملة الأزمات التي يُعاني منها أهالي مُخيّم بلاطة، هناك شبكة المياه والمجاري والبُنية التحتيّة السيئة، والمدارس المُكتظّة، حيث تتوزع في المُخيّم (4) مدارس فقط تابعة لوكالة الغوث، ومركز توزيع أغذية واحد، بالإضافة إلى مركز صحي واحد يتبع لـ "أونروا"، ومركز إعادة تأهيل مجتمعي واحد، ومركزين للأطفال، ومركز واحد للبرامج النسائيّة، بالإضافة لانعدام مساحات اللعب للأطفال ومشاكل التسرّب من المدارس وغيرها من المشاكل.

 

هدف لجهات معادية

يشير رئيس اللجنة الشعبية في مخيم بلاطة، أحمد ذوقان، إلى أن خُمُس شهداء محافظة نابلس هم من مخيم بلاطة، هذا إضافة إلى الأعداد الكبيرة من المعتقلين والجرحى، ما جعله، بحسب ذوقان، هدفاً لما سماها جهات معادية.

كما أوضح ذوقان أن "الوضع المالي والاقتصادي يؤثر بشكل أو بآخر على المخيم، خاصة وأنه حسب الإحصاء الفلسطيني، هو أكثر منطقة فيها بطالة وفقر في الضفة الغربية".

يذكر أن 23 ألف لاجئ فلسطيني في المخيم يعيشون على مساحة ربع كيلو متر مربع فقط.

وفيما يتعلق بالمخصصات المالية التي تحولها الحكومة الفلسطينية إلى المخيمات، أشار ذوقان إلى أن هذه المخصصات أقرت من أيام رئيس السلطة الفلسطينية السابق ياسر عرفات (أبو عمار) وأكد عليها الرئيس الحالي محمود عباس.

وأكد أنه من الضروري جداً بقاء هذه المخصصات دون أي انقطاع، بل وزيادتها، موضحاً أنه، وعلى الرغم من زيادة حكومة رامي الحمدلله للمخصصات بنسبة 100%، لكنها لا تزال غير كافية.

وقال ذوقان إن اللجنة الشعبية تعمل بالحد الأدنى من أجل أن تأمين المستلزمات المعيشية اليومية في المخيم.

 

شاهد الفيديو

 

خاص/بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد