"إنتِ مصدقة جد إنو في كورونا" .. جملة عامية تقولها نسبة لا بأس بها من سكان المخيمات الفلسطينية في لبنان، رفضاً لارتداء كمامة وقفازات طبية منعاً للإصابة بفايروس كورونا الذين يعتبرونه مؤامرة للقضاء على المخيمات، ضاربين بعرض الحائط كافة الإجراءات الوقائية المطلوبة للتصدي لهذه الجائحة التي اجتاحت العالم بأكمله.

ورغم إحصائيات "وكالة الأونروا" حول أعداد الاصابات في المخيمات والتي وصلت لـ 1369 والعدد لا يزال إلى ارتفاع، إلا أن هذه الأرقام لم تحرك ساكناً لدى بعض المشككين.

 

خرق التباعد سبب الإصابة

وديع العلي لاجئ فلسطيني في مخيم عين الحلوة  أصيب بفايروس كورونا رغم اتخاذه إجراءات وقائية شديدة لمنع تعرضه للإصابة. وبعد شفائه من الفايروس قرر عبر موقع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أن يخبر قصته مع الفايروس لتكون تجربته بين أيدي اللاجئين الفلسطينيين ويستفيدوا منها في وقاية أنفسهم منم المرض.

يقول العلي: "أنا كنت أتّخذ إجراءات بشكل كبير جداً منذ أن أعلنت الدولة اللبنانية التعبئة العامة. أنا أعمل سائق أجرة، توقفت عن العمل وقمت بحجر الأولاد والعائلة، والأولاد كانوا قد قاموا بالحجر قبل التعبئة العامة وقبل إقفال المدارس بأربعة أيام كانوا في المنزل، كنا نأخذ احتياطاتنا بشكل كبير جداً، وأنا أخرج من المنزل مرتدياً الكمامة دائماً، ومعتمداً التباعد الاجتماعي من دون المصافحة".

العلي هو ناشط شباب في مخيم عين الحلوة، وكان يساهمك في نشاطات التقيمن والتوعية كافة في المخيم، إلا أنه لم يكن بمنأى عن الإصابة بالمرض، لمجرد خطأ صغير ارتكبه ربما، يتعلق بالتباعد الاجتماعي.

نحن في مجتمع لا يمكننا حتى بعد انتشار المرض صدّ الزوار.

يوضح: "تعرضت لجلطة خلال هذا الشهر ودخلت الى المستشفى بقيت أربعة أيام ، ثم خرجت وكان قد تبين من الفحص أنّني لست مصاباً بكورونا نهائياً، وبعد ذلك بدأ الزوار يُقدِمون على منزلي وحينها أُصبت بالعدوى من أحد الزائرين بالتأكيد كان هناك خلل معين في التباعد، لدينا وضع إجتماعي صعب في ما يتعلّق بالعلاقات الاجتماعية في المخيمات، ونحن كفلسطينيين ومجتمع شعبي يشعر الفرد بالإحراج ويصل إلى مرحلة أنّه لا يستطيع صدّ الزوار، بخاصة عندما نجدهم فجأة أمام الباب".

ثلاثة عشر يوماً رأيت فيهم الموت.

ويضيف: "كان يوم الجمعة وبدأت حرارتي ترتفع، وبدأت أشعر بالإسهال والقيء لمدة ثلاثة أيام.  بصراحة كل الذي قرأته في حملات التوعية وغيرها لم يوصلني إلى الواقع والحقيقة في الإصابة بقدر ما كانت العوارض قاسية، أنا كنت قد خرجت من جلطة من المستشفى، بالإضافة إلى إصابة اكورونا وأعاني من السكري، جميعهم جاؤوا بشكل ثقيل، بقيت ستة عشر يوماً من ضمنهم ثلاثة عشر يوماً رأيتُ بهم الموت، ثلاثة عشر يوماً تعرضتُ خلالهم لغيبوبة بسبب قلة الأكسيجين بالإضافة إلى قيء بشكل غير طبيعي".

وحول تعرضه للتنمر من المقربين منه خلال إصابته، يقول العلي: "لم أتعرض بشكل مباشر لأنّني كنت معزولاً ولم أر أحداً، ولكن قبل الإصابة حين كنت أخرج إلى الحي وأرتدي الكمامة، الناس كانوا ينظرون إلي باستغراب بسبب ارتدائي الكمامة واعتمادي نظام التباعد".

ويشير إلى أنه "كان هناك حالة ومازالت عند البعض ألا وهي إنكار الفايروس وإنكار المرض، وعدم تقبل أنه ممكن أن يمرّ على أشخاص بشكل خفيف جداً بشكل لا يشعرون به أو بارتفاع الحرارة، وقد تبقى العوارض ليوم واحد أو يومين، وقد يمرّ على أشخاص ويسبب الموت".

 

التنمر على المصابين منتشر في المخيمات

وتجدر الإشارة إلى أن حالة من التنمر يعيشها المصاب بفيروس كورونا حالياً، لا سيما في المخيمات الفلسطينية في لبنان، حيث أصبح من يصاب بهذا المرض وكأنه متهم بجرم ما ويحاسبه الناس عليه!

ففي حال ثبوت إصابة شخص بكورونا يبدأ بالتعرض للتنمر، كما يلجأ بعض الأشخاص ممن يشعرون بأعراض المرض إلى إخفاء مرضهم خوفاً من تعرضهم للتنمر، الأمر الذي يعرض الجميع للخطر وذلك بزيادة حالات الإصابات وتفشي الفيروس بين الناس.

مريض كورونا بات بحالة لدعم نفسي أيضاً.

وفي هذا الإطار، يقول الدكتور مجدي شحادة، طبيب أمراض داخلية في مستشفى الأقصى بمخيم عين الحلوة: "تقريباً بعد مدة ثلاثة أو أربعة أشهر من الآن أي مع نهاية هذه السنة، نتوقع أن يكون تقريباً 75% من سكان لبنان مصابين بفايروس كورونا، وخصوصاً وسط عدم الإلتزام بالوسائل الوقائية الموصى بها من قِبل وزارة الصحة ومن قِبل المؤسسات الصحية جميعاً".

ويضيف شحادة: "قد يأتي يوم على هذا الذي يتنمّر على الآخر يكون هو موقع التنمّر دعونا نعلم شيئاً أنّه أصبح المصاب بكورونا بحاجة لدعم نفسي كما هو بحاجة لدعم طبي لأنّ ما نراه في المستشفيات والعيادات أنّ مريض الكورونا أصبح لديه مضاعفات نفسية أقوى وأكبر من المضاعفات الطبية الصحية".

ويناشد الجميع بأخذ الموضوع على محمل الجد، وأن نعلم حقاً أنّه في يوم من الأيام جميعنا قد نُصاب وجميعنا قد نكون موقع تنمّر، لذلك علينا أن نبتعد عن التنمر وأن نحاول قدر المستطاع مساعدة المصاب أو حتى المشكوك في إصابته علينا مساعدته نفسياً قبل أن نساعده عضوياً وصحياً.

 

شاهد التقرير

 

لبنان-خاص/ بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد