ينشغل العالم برمته بأخبار السباق الانتخابي في الولايات المتحدة الأمريكية بين المرشحين الجمهوري "دونالد ترامب" والديمقراطي "جو بايدن"، وحشد كلا الطرفين ناخبيه من خلال برامج سياسية داخلية وخارجية تعزز فرص كل منهما في التأييد أيضاً داخلياً وخارجياً.
وطالما مخيمات اللاجئين الفلسطينين جزء من هذا العالم، فسكانها يتابعون أيضاً السباق نحو البيت الأبيض الأمريكي دون أن يعقدوا آمالاً بأن إدارة جديدة بقيادة بايدن ستحدث اختراقاً لصالح القضية الفلسطينية ومنها قضية اللاجئين، بما أن سياسة دعم الكيان الصهيوني استراتيجية أمريكية ثانبة لا تتغير بتغير الرؤوساء.
اللاجئون الفلسطينيون الأكثر تعرضاً للظلم ومعرفة بأن السياسة الأمريكية لن تتغير
في هذا الصدد، يؤكد المسؤول السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان مروان عبد العال، أن الفلسطينيين في المخيمات هم الاكثر تعرضاً للظلم والقهر، ومعرفة بالسياسة الأمريكية وبكل أنواعها، وعلى أكثر من سبعين عامًا من اللجوء، فلا يجدون فرقاً جوهرياً بين الرئيس الديمقراطي أو الجمهوري، مضيفاً أنّ الفلسطينيين يدركون أن المسألة ليست بالرئيس بل في الإدارة الأمريكية، ذات السياسة الاستعمارية الفاشية و العنصرية و الحليف الاستراتيجي للصهيونية والتي تقف ضد حقوقهم الوطنية وقضيتهم وحقهم بالعودة الى ديارهم.
الانتخابات الأمريكية لا تجد لها آذاناً صاغية في المخيمات
وتابع عبد العال لبوابة اللاجئين، أنه "لو افتراضاً كان هناك من يرى بين من يعادي أو يحترم الإنسان والقانون الدولي لما ظل هناك لاجئون يغمسون حياتهم بطعم العذاب ومرارة السنيين عبر الأجيال.
لذلك أشار عبد العال، إلى أن صدى الانتخابات الامريكية لا يجد لها آذان صاغية وسط حالة القلق المستشري في المخيمات وما يهددها من خطر الكوارث والأوبئة والاختناق الاقتصادي.
وأضاف أن: اللاجئيين وبتعبيرهم الساخر يرونها "كالفرق بين البيبسي كولا والكوكا كولا" وأن الاختلاف بشكل وماركة العبوة والاسم ولكن المحتوى واحد وبنفس المذاق".
وأكّد عبد العال أنّ ترامب هو الوجه البشع والحقيقي للإدارة الأمريكية، وأنّه لا ينكر احد استفزازه "الوقح" للفلسطينيين في أكثر عناوين قضيتهم حساسية، وهي قضية القدس وقضية اللاجئيين، وشن حربٍ اقتصادية صارخة بدون مناورات أو دبلوماسية، طالت لقمة عيشهم، مهدداً أمانهم الاجتماعي، ومستهدفاً وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، في سبيل تفكيكها واعادة هيكلتها وتغيير وظيفتها، وإسقاط صفة اللاجئ عن الفلسطينيين المسجلين فيها، وتحويلهم إلى حالة إغاثية لا سياسية.
وختم عبد العال قوله، إنّ الإدارة الأميركية ستظل مهما كان الفرق هي الراعي الرسمي للصهيونية وأذنابها وحليفة لكل من يعادي الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
موقفٌ مماثلٌ لممثل حركة الجهاد الإسلامي في لبنان احسان عطايا، الذي قال: إنّ السياسة الأميركية تجاه الفلسطينيين لا تتغير بتغير الرئيس، لأن الإدارة الأميركية منحازة إلى جانب العدو الصهيوني، بل هي الوجه الآخر لهذا العدو بالنسبة للفلسطينيين.
وأضاف لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: الولايات المتحدة بكل إداراتها تتعامل مع قضية اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات بما ينسجم مع مصلحة الكيان الصهيوني، وبالتالي تقليص خدمات الأونروا هي سياسة متبعة من قبل أميركا منذ عشرات السنين، وليست جديدة.
واقع يتطلب بحسب عطايا موقفا فلسطينيا موحدًا وقويًّا، لمواجهة المخطط الصهيوني الأميركي ومحاولته تذويب اللاجئين وإنهاء قضيتهم بحق العودة إلى ديارهم التي اقتلعوا منها.
أولويات كثيرة تطغى على اهتمام اللاجئين الفلسطينيين غير الانتخابات الأمريكية
من جهته قال رئيس الدائرة الإعلامية لحركة حماس في الخارج رأفت مرة: "إنّهم لا يلاحظون أنّ هناك اهتماما فوق العادة أو مخالف للسابق داخل المجتمع الفلسطيني في لبنان بالانتخابات الأمريكية.
وأعاد مرّة ذلك لعدّة أسباب، أهمها "اعتقاد الفلسطينيين بالتقارب في المواقف بين ترامب وبايدن خاصة لجهة دعم الكيان الصهيوني والاستمرار في تصفية القضية الفلسطينية".
إضافةً أنّ هناك أولويات كثيرة تطغى على حياة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان مثل أزمة كورونا داخل المجتمع الفلسطيني والأوضاع الاقتصادية بعد انهيار قيمة العملة اللبنانية وارتفاع الأسعار.
وأكّد مرّة لبوابة اللاجئين، أنّ اللاجئ الفلسطيني رغم كل شيء بقي متمسكا بهويته محافظا على قضيته متمسكا بحق العودة مهما تغيرت الإدارات الأمريكية.
الفلسطينيون جربوا الديمقراطيين كما الجمهوريين
من ناحيته، رأى عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين علي فيصل، أنّ متابعة أهالي المخيمات الفلسطينية في لبنان لمجريات الانتخابات الأميركية، جاءت من زاوية المعرفة وليس من باب المراهنة على أحدهم أو من باب أمل ولو بسيط على تغيير واقع الشعب الفلسطيني في المخيمات أو على مستوى القضية الوطنية، لافتًا إلى أن "الفلسطينيين جربوا الرؤساء الديمقراطيين كما جربوا الجمهوريين والنتيجة واحدة، مزيد من الانحدار بالموقف الرسمي الأمريكي الذي لا هدف له في منطقة الشرق الاوسط إلا الدفاع عن العدو الاسرائيلي وتوفير الأمن والأمان له حتى في ظل عدوانه وسياساته الإجرامية".
وأوضح فيصل لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، "أن أبناء المخيمات لا وقت لديهم ليتابعوا مسرحية هزلية اسمها "الانتخابات الامريكية" نهايتها ستكون تودداً أكثر للعدو الاسرائيلي ومخططاته العدوانية.
وتابع، "ما يهم الفلسطينيين في المخيمات وما يزيد قلقه هو كيفية البحث عن مصدر رزقه بعد أن طحنته الأزمة اللبنانية بتداعياتها السلبية على كل تفاصيل حياته اليومية، والتي تضاعفت بفعل إجراءات الإدارة الامريكية ضد وكالة الغوث وحرب التجويع التي شنت عليه لتركيعه وإجباره على القبول بحلول تصفوية لقضيتنا.
وأضاف فيصل، أنّ الشعب الفلسطيني بات يملك ثقافة سياسية ووعياً متقدماً وهو قادر على رؤية ما يحدث حوله بعين ثاقبة.
مشيرا إلى أنّه من خلال بعض العناوين التي أعلنها المرشحان بما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط، فقد يكون المرشح الديمقراطي أكثر حنكة في التعاطي مع الأمور لجهة اعتماده على العصا والجزرة وترغيب الفلسطينيين ببعض العناوين التي لم تقترب بعد من الحد الأدنى من حقوقه الوطنية.
"ترامب" كان أكثر الرؤوساء فظاظة
من جهته قال عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب غسان أيوب: إنّ السياسة الأميركية واحدة لا تحددها الشخصيات الرئاسية ، موضحا أن السنوات الأربع الماضية التي حكم بها ترامب كانت سنوات عاصفة.
وأضاف أيوب لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، أنّ كل رؤساء الولايات المتحدة الأميركية التزموا بالعلاقة الاستراتيجية مع الكيان الاسرائيلي وقدموا كل الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي ليستمر هذا الاحتلال بعدوانه على الشعب الفلسطيني بشكل متواصل، موضحًا أنّ ترامب كان أكثر الرؤساء "فظاظة" مع الشعب الفلسطيني، وخاض حربًا نيابة عن العدو الصهيوني، وذلك من خلال طرحه لصفقة القرن التي أعدّها وفق المنظور الصهيوني في تصفية القضية الفلسطينية وتصفية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم وفق القرارات الدولية، كما قاطع وحاصر منظمة التحرير، وفكّ الارتباط مع وكالة الغوث "أونروا" وأقف الدعم المالي لها.
تغير الإدارة الأمريكية لن يغير شيئاً من "صفقة القرن"
وأيًّا تكن التغييرات الرئاسية الأميركية، فإن مسألة عودة اللاجئين ستبقى كما طرحت في "صفقة القرن" وفق الباحث الفلسطيني أنيس محسن.
أمّا فيما يتعلّق بالقضايا الفلسطينية الأخرى، أشار محسن إلى "أنّ بايدن صرّح أنه سيعيد العلاقة مع منظمة التحرير الفلسطينية، لكنّ الحد الاقصى الذي يسير عليه أيضا لا يتجاوز ما طرح خلال مفاوضات كامب ديفيد وهو القدس جزئياً فلسطينية والمستعمرات تبقى مع اسرائيل واللاجئين يوزّعون على أماكن أخرى."
وأضاف محسن، أنّه اذا تسلّم بايدن الرئاسة الأميركية ربما يعيد تمويل "أونروا" ما يحسّن وضع اللاجئين الفلسطينيين، كذلك سيعيد الدعم الأميركي المالي للسلطة الفلسطينية التي يستفيد منها الفلسطينيون، وبالتالي بحسب محسن فإنّ المالي سيكون أفضل ولكن ليس الوضع السياسي.
فروقات بين المرشحَيْن لن تصنع فارقاً
من جهته، رأى الكاتب الفلسطيني أحمد الحاج، "أنّ هناك فروقات مهمّة بين ترامب وبايدن بالنظر إلى القضية الفلسطينية، فبايدن ما زال يؤمن بحل الدولتين، كما أعلن أنه سيعيد العلاقة مع السلطة الفلسطينية، وأيضا سيعيد الدفع لوكالة "أونروا".
وتابع الحاج ، "هذه الفروقات رغم أنها موجودة إلا أنها لا تصنع فارقًا بين الجمهوريين والديمقراطيين في حال الوصول إلى البيت الأبيض وذلك نتيجة عدة أسباب أولًا ان المؤسسة الأميركية هي التي تحكم وهي ملتزمة بأمن اسرائيل وتفوّقها في المنطقة، ثانياً بايدن أرسل نائبه لاسرائيل وأكّد انحيازه المطلق للكيان الإسرائيلي في القضايا الرئيسية.
أمّا السبب الثالث الذي لن يصنع فارقًا بحسب الحاج، هو الوضع العربي المزري وعدم قدرة النظام العربي على الضغط علىالكيان الصهيوني، بل انحيازه في مفاصل عديدة إلى هذا الكيان والولايات المتحدة.
إذًا، اللاجئون الفلسطينيون يتابعون الانتخابات الأميركية ولكنهم لا يأملون بتغيير على السياسات تجاههم.