عبَّرت اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة "إسرائيل"، وهي أوسع تحالف في المجتمع الفلسطيني في الوطن والشتات وقيادة حركة المقاطعة (BDS)، عن رفضها، اليوم الاثنين 23 نوفمبر/ تشرين الثاني، لإعلان السلطة الفلسطينيّة العودة رسمياً لما يسمى بـ"التنسيق الأمني" مع الاحتلال، داعيةً للتحرّك الشعبي السلمي للضغط على السلطة الفلسطينية للتراجع عن هذا القرار والالتزام بقرارات منظمة التحرير الفلسطينية.
ورأت اللجنة في بيانٍ لها وصل "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أنّ قرار عودة العلاقات يعتبر مُخالفة واضحة لقرارات المجلسين الوطني والمركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا، الداعية لوقف التنسيق الأمني وفكّ الارتباط مع الاحتلال ودعم مقاطعة إسرائيل وفرض العقوبات عليها عالمياً، مُؤكدةً على أهمية التمييز بين التنسيق المدني من جهة وما يسمى بـ "التنسيق الأمني"، فالتعامل مع دوائر الحكم العسكري "الإسرائيلي" (الإدارة المدنية) في القضايا الحياتية يعدّ قسرياً، ذلك لأننا نعيش تحت الحكم العسكري لمنظومة الاحتلال والاستعمار، ونضطّر في كثير من الأحيان للتعامل مع إدارتها المدنية جبراً وليس طوعاً، وذلك يختلف اختلافاً كلياً عن التنسيق الأمني، فهو أعلى درجات التطبيع الرسمي الفلسطيني مع الاحتلال، عدا عن كونه أحد أهم مرتكزات التطبيع الرسمي العربي، الآخذ في الانتشار بمباركة ضمنية، والآن علنية، من السلطة الفلسطينية.
وشدّدت اللجنة على أنّ "ربط السلطة التنسيق المدني بالأمني عندما أعلنت وقف الاثنين معاً - احتجاجاً على قرار الاحتلال خصم رواتب الأسرى من أموال المقاصة التي يجب أن تحولها للسلطة - هو رهن للمصالح الأساسية لشعبنا الرازح تحت الاحتلال ووضعه الاقتصادي بقبول التنسيق الأمني معه، بهدف إجبار الناس على قبول الأخير لتحصيل لقمة العيش (التي تستوجب لدى عشرات الآلاف الحصول على تصاريح الاحتلال)".
وتابعت اللجنة: في نفس الوقت، قامت السلطة الفلسطينية بعد نجاح المرشح الجمهوري "جو بايدن" في انتخابات الرئاسة الأمريكية بإعادة سفيريها -اللذين كانت قد سحبتهما سابقاً- لدولتي الإمارات والبحرين، رغم عدم تراجع النظامين الاستبداديين عن اتفاقات الخيانة مع العدو الإسرائيليّ.
وأكَّدت على أنّ "هذه الخطوة لا يمكن إلّا أن نعتبرهاً تماشياً مع "صفقة ترامب-نتنياهو" والتطبيع الرسمي العربي المطلوب فيها وتغطية له بورقة توت فلسطينية هشة، بل وتحفيزاً لأنظمة عربية أخرى للانضمام لهذه الاتفاقات، ممّا يقوض القضية الفلسطينية ونضالنا من أجل العودة وتقرير المصير والتحرر الوطني، عدا عن مخالفة قرارات م.ت.ف. وقرارات القوى الوطنية، وما يقارب الإجماع الوطني الفلسطيني الرافض بالمطلق لـ"صفقة القرن" والتطبيع الرسمي العربي".
وقالت اللجنة إنّ "قرارات السلطة الأخيرة تمهّد لفرض حل سياسي على شعبنا الفلسطيني والشعوب العربية الشقيقة قائم على الأمر الواقع وعلى تصفية حقوقنا غير القابلة للتصرف بموجب القانون الدولي".
ولفتت إلى أنّ ادّعاء بعض المتحدّثين باسم الجهات الرسمية المتنفذة بأنّ "عودة" التنسيق الأمني والسفراء جاءا نتيجة لتحركٍ دبلوماسيٍ أفضى إلى انتهاء أو تجميد قرارات الضم "الإسرائيلية" هو باطل ومخادع ولا يمت للحقيقة بصلة، فحكومة الاحتلال لم تبطئ أبداً، بل سرّعت وتيرة مصادرة الأراضي وبناء المستعمرات وهدم المنشآت والمنازل في الأغوار، وتدمير الأراضي الزراعية، والتطهير العرقي الممنهج ضد شعبنا، بالذات في القدس والنقب والأغوار، والحصار الخانق على أهلنا في قطاع غزة.
وأكَّدت على أنّه "إذا كان "التنسيق الأمني" يخدم استمرار الاحتلال في أي وقت، كما أعلنت م.ت.ف. بمجلسيها، فهو في هذا الوقت تحديداً يعدّ تواطؤاً مفضوحاً مع صفقة تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية برمّتها"، مُعبرةً عن إشادتها "بمواقف كل القوى السياسية والشعبية العربية عامة، والفلسطينية خاصة، الرافضة للتطبيع، وتجدد مطالبتها بالضغط السلمي على المستوى الرسمي الفلسطيني لوقف التطبيع والتنسيق الأمني".
وفي ختام بيانها، رأت اللجنة أنّ "شعبنا بات مقتنعاً أكثر من أي وقت مضى بأن مقاومته الشعبية الواسعة، والضغط الشعبي العربي والعالمي المتزايد في المجال الاقتصادي والأكاديمي والثقافي وغيرها بالذات من خلال مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS) هما السبيل الأنجع للوصول إلى حقوق شعبنا غير القابلة للتصرف، وأهمها العودة وتقرير المصير والتحرّر الوطني".
يُشار إلى أنّ عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ووزير الشؤون المدنية، حسين الشيخ، أعلن مساء الثلاثاء 17 تشرين الثاني/ نوفمبر، عودة العلاقات مع الاحتلال الصهيوني بشكلٍ كامل كما كانت في السابق.
وكتب الشيخ على حسابه في "تويتر": إنّه "وعلى ضوء الاتصالات التي قام بها الرئيس بشأن التزام إسرائيل بالاتفاقيات الموقعة معنا، واستناداً إلى ما وردنا من رسائل رسمية مكتوبه وشفوية بما يؤكّد التزام إسرائيل بذلك، وعليه سيعود مسار العلاقة مع إسرائيل كما كان"، ما قوبل برفضٍ فلسطيني فصائلي وشعبي واسع.