لاقى الإعلان عن تطبيع العلاقات بين المغرب والكيان الصهيوني رفضاً شعبياً مغربياً واسعاً، سرعان ما أخذ أشكالاً متعددة، عبر البيانات أو التحركات الميدانية.
نكبة جديدة على الساحة المغربية
الكاتب العام في المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، عزيز هناوي، اعتبر أن قرار التطبيع "نكبة جديدة على الساحة المغربية"، تتعلق باعتراف إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بسيادة المغرب على الصحراء، مقرونة بفتح العلاقة وإعلانها مع الكيان الصهيوني.
وأكد هناوي، في حديث مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أن القرار فاجأ الشعب المغربي ومختلف الأحزاب والنخب والجمعيات، وارتبط بسلسة من الضغوط التي تعرض لها المغرب على الأقل طيلة الأربع أو الخمس سنوات الماضية خلال ولاية ترامب، بل حتى في فترة ولاية الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، أُرسلت رسالة للملك المغربي، في عام 2009، تحث النظام المغربي على التطبيع، وذلك من موقع رئاسة لجنة القدس مقابل موقف ما في الصحراء.
موضة التطبيع الجديدة .. "التطبيع بالمقابل"
وأوضح أن الابتزاز الأمريكي ابتزاز كلاسيكي قديم، وتصاعد اليوم مع أجواء "صفقة القرن" في عهد ترامب وبلغ مستويات كبيرة، والتحق بهذا الضغط أيضاً ضغط وحصار عربي للموقف السياسي المغربي، باتجاه التوجه وفق الطريقة الإماراتية والبحرينية والسودانية، أي "التطبيع بالمقابل".
وذكر هناوي أن السودان قدم إلى التطبيع في لحظة هشاشة سياسية داخلية في السودان وخلال سقوط نظام البشير، وحاجة النظام الحالي الانتقالي إلى شيء من القبول الدولي، "لم يجد نظام الخرطوم إلا بوابة الخزي التطبيعي كي ينال بعض الرضا الأمريكي والصهيوني ويتم شطب السودان من قائمة الإرهاب".
وأضاف: "اليوم المغرب في نفس المسلك، التطبيع مقابل الصحراء، كان التطبيع في الجيل القديم تحت الطاولة.. هذه موضة جديدة التطبيع بالمقابل".
التطبيع يسيء للصحراء ويسيء لفلسطين
وأشار إلى أن جملة "بما يخدم قضية فلسطين"، تضاف في موجة التطبيع الجديدة، على الرغم من كونها مخالفة للمواقف المعلنة في الجامعة العربية والتعاون الإسلامي والبيانات الرسمية، وذلك بهدف إيجاد مبررات للتطبيع.
هذه المبررات، وفق هناوي، تكون إما مبررات وطنية قُطرية أو مبررات بالعلاقة مع السلطة الفلسطينية وخدمة قضية فلسطين وأنه هذا لا ينقص شيئاً من دعم فلسطين.
لكنه لفت إلى أن هذا تناقضاً كبيراً لا في العلاقة الوطنية في الصحراء، ولا في العلاقة مع القضية الفلسطينية، مشدداً على أن "التطبيع يسيء للصحراء ويسيء لفلسطين".
لا ورقة توت لستر عورة التطبيع
وفيما يتعلق بموقف الشعب المغربي من هذه الخطوة، أكد هناوي أن الجميع في المغرب مصدوم وغاضب وساخط ومتفاجئ جداً من هذه الخطوة، معتبراً أنها ستكون "خطوة ساقطة ولن تنجح".
وقال: "27 عاماً من أوسلو ورأينا النتيجة، 42 عاماً من كامب ديفيد ورأينا النتيجة.. "صفقة القرن"، القدس عاصمة أبدية لما يسمى الدولة اليهودية الخالصة، الجولان أرض إسرائيلية بقرارات ترامب، المستوطنات شرعية ولا لحق العودة، فماذا بقي من القضية الفلسطينية حتى نطبع؟".
وتابع: "اليوم لا توجد ورقة توت لستر عورة التطبيع".
هناوي أوضح أيضاً أن حكومة الاحتلال استثمرت وجود ترامب في السلطة، وهي تستثمر خروجه القريب بصفقات، معتبراً أن التطبيع كارثة في التقدير السياسي الاستراتيجي وتيه وهرولة مجانية تحت مبرر قضايا وطنية.
الدولة تضع نفسها في مواجهة مع الشعب
وأدان هناوي قرار التطبيع، وأكد أنه خروج عن الإجماع الوطني وشذوذ عن مسار الموقف السياسي المغربي.
وطالب بـ "إلغاء هذه الخطوة والعودة إلى الرشد وتبني موقف الشعب المغربي الذي عبر عنه في مسيرته المليونية وفي بيانات أحزابه ونقاباته".
وحذر من أن "الدولة تضع نفسها في مواجهة الشعب.. وهذا أمر خطير يزرع الشك بين الشعب والقيادة"، مضيفاً: "قرار التطبيع قرار غير ديمقراطي غير شعبي وغير وطني مهما كانت المبررات والأحاجي التي يبرر بها".
وشدد: "لا يمكن مطلقاً أن نحابي أحداً أو نجامل أحداً في هذه المواجهة، التطبيع يعتبر جريمة بحق المغرب أولاً وبحق فلسطين ثانياً وبحق الأمة".
وكانت "مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين" أصدرت أمس بياناً بعنوان: "فلسطين أمانة.. ولا للتطبيع باسم الصحراء المغربية"، أكدت فيه "موقف الشعب المغربي الرافض مطلقاً لكل أشكال التطبيع الصهيوني كيفما كان مستواها وكيفما كانت طبيعتها وأياً كانت مبرراتها".
كما استنكرت هذه الخطوة المفاجئة والشاردة عن الموقف العام للمغرب-الدولة خاصة- في السنوات الأخيرة برفض تصفية قضية فلسطين ورفض التطبيع الرسمي ورفض صفقة القرن".
وشددت أنه "لا يمكن القبول بغطاء الصحراء لتسويق موقف التطبيع الخياني كما يحاول وزير الخارجية، عبثاً، ادعاء ذلك وتبريره، بل إن ذلك هو أكبر ما يسئ للقضية الوطنية ويقدم أكبر خدمة لخصوم وحدتنا الترابية ويعطي مصداقية لمزاعمهم الانفصالية التفتيتية التي يغلفونها بخطابات التحرر المزيفة
وختمت المجموعة بيانها قائلة: "إن الصحراء المغربية حررها وبناها ونماها الشعب المغربي ولا تحتاج لتزكية أي من الصهاينة ولا الأمريكان لتأكيد مغربيتها.. عهداً للشعب الفلسطيني البطل أن تبقى قضيته العادلة قضية وطنية كما كانت أبداً بالنسبة للمغاربة ".
قمع لوقفة منددة بالتطبيع في فاس
ميدانياً، قمعت السلطات المغربية، اليوم الجمعة، وقفة رافضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني أمام مسجد في مدينة فاس.
ووفق وسائل إعلام محلية، فقد أخرجت السلطات المصلين عنوة من المسجد مخلفة عدداً من الإصابات، كما صادرت اللافتات والملصقات التضامنية مع الشعب الفلسطيني.
وأشارت إلى أنه عقب الصلاة تقدم أحد الشبان بكلمة ضد التطبيع داخل المسجد، لتبدأ بعدها صيحات المصلين تتعالى بالتنديد بالتطبيع، لتتدخل بعدها عناصر الأمن وتحاول اعتقال الشاب، لكنها اصطدمت بجمع من المصلين الذين حاولوا تخليص الشاب من قبضة الأمن لتعم بعدها فوضى كبيرة داخل وخارج المسجد.
وكان المغرب أعلن مساء أمس تطبيع كامل العلاقات مع الكيان الصهيوني.
وأعاد الحساب الرسمي لوزارة الخارجية المغربية على "تويتر" نشر تغريدة للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حول التطبيع مع الكيان الصهيوني والاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.
وقال جاريد كوشنر كبير مستشاري ترامب: إن "إسرائيل" ستفتتح مكتباً تمثيلياً لها في المغرب وستكون هناك رحلات جوية مباشرة بين الدولتين، مضيفاً: "لقد حققت الإدارة الأمريكية اليوم خطوة تاريخية أخرى..".