حذَّر مؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة، اليوم الاثنين 14 كانون الاوّل/ ديسمبر، من خطورة الأزمة المالية الخانقة وغير المسبوقة التي تواجهها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" وانعكاساتها على مجتمع اللاجئين والدول العربية المضيفة.
وأكَّد المؤتمر، في ختام اجتماعه في دورته 105 اليوم بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية عبر تقنية الفيديو كونفرنس، على ضرورة أن تسرع الدول المانحة بالوفاء بالتزاماتها لانتشال الوكالة من أزمتها والتي وصلت ولأول مرة في تاريخها لحد العجز عن تأدية رواتب موظفيها، والمرشحة لأن تمتد إلى خدمات أساسية وضرورية تقدمها الوكالة (كالتعليم والصحة والاغاثة الاجتماعية)، التي تعني الشيء الكثير بالنسبة لملايين من اللاجئين الفلسطينيين، خاصة في هذه الظروف الاستثنائية التي فرضتها عليهم جائحة "كورونا".
كما شدّد على ضرورة استمرار "أونروا" بتحمّل مسؤولياتها في تقديم كافة خدماتها الاجتماعية والإغاثية لكل اللاجئين داخل المُخيّمات وخارجها في كافة مناطق عملياتها، دون أن يترتّب على ذلك أيّة التزامات مالية على اللاجئين وحتى يتم حل قضية اللاجئين الفلسطينيين حلاً عادلاً وشاملاً وفق ما نصت عليه قرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة وفي مقدمتها قرار الجمعية العامة 194 لعام 1948.
كما دعا وكالة "أونروا" إلى مواصلة تنفيذ إستراتيجية حشد الموارد بما يضمن تمويل كاف ومستدام ويمكن التنبؤ به لتأمين احتياجات وكالة الغوث الدولية التمويلية لتقوم بواجباتها بما يضمن تقديم أفضل الخدمات الأساسية إلى اللاجئين الفلسطينيين كما جاء في قرار إنشائها.
يجب توسيع قاعدة الدول المانحة
وفي بيانه الختامي، طالب المؤتمر وكالة "أونروا" بمواصلة العمل بإيجاد الوسائل الكفيلة لتوسيع قاعدة الدول المانحة وزيادة الأموال الملتزم بها بما يتوافق مع احتياجات الوكالة، ودعوة الدول الأعضاء في اللجنة الاستشارية، ووفق الاتفاقيات المحددة لذلك، الاستمرار في زيادة دعمها للوكالة، والطلب من الوكالة استمرار التأكيد على التزام الدول المانحة بالتبرع للوكالة كعنوان لالتزام المجتمع الدولي بقضية اللاجئين الفلسطينيين وحقوقهم في العودة والتعويض وفق قرار الأمم المتحدة 194 لعام 1948.
ودعا وكالة الغوث، لأن تبني موازنتها العامة على مصادر مالية مستدامة، بدلاً من نهجها الحالي المتمثل بتدبير أمورها مالياً شهراً بشهر، وأهمية أن تنطلق الوكالة في حملة عالمية لتأمين تغطية عجزها المالي، والتحذير من المس بكمية ونوعية الخدمات التي تقدمها لمنتفعيها من اللاجئين الفلسطينيين.
كما طالب الوكالة بإيضاح مفاهيم الحيادية وحدودها التي تطبقها على موظفيها بما يتفق مع الأنظمة الخاصة بهيئة الأمم المتحدة، وبما لا يسمح باستخدام هذه المفاهيم لمنع حرية التعبير المسؤول وذلك حفاظاً على أداء الوكالة لمهامها، داعياً الدول المانحة للأونروا إلى زيادة مساهماتها المالية لدعم تمويل خطة إعادة إعمار مُخيّم نهر البارد في لبنان، وذلك بالسرعة الممكنة نظراً لتردي أوضاع لاجئي المُخيّم المهجرين، في حين دعا الدول العربيّة التي لم تسدد تعهداتها المالية طبقاً لما تم الاتفاق عليه في مؤتمر فيينا عام 2008 إلى الايفاء بها.
وجرى التأكيد أيضاً على أنّ تكرار الأزمة المالية لأونروا يستدعي من الأمين العام للأمم المتحدة بإدراج مُوازنة الوكالة ضمن الموازنة العامة للأمم المتحدة أو رفع نسبة المساهمة المالية للأمم المتحدة بما يُغطي قيمة العجز المالي كأحد الخيارات لتحقيق الاستقرار المالي للوكالة,
كما جرى رفض قرار "أونروا" بتجزئة الرواتب للعاملين بالوكالة وحث الدول المانحة على سرعة الوفاء بالتزاماتها تجاه "أونروا" وخاصة لمواجهة العجز في رواتب الموظفين والبالغ 70 مليون دولار، فيما دعا الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية إلى استكشاف جميع السبل والوسائل الممكنة لتوفير تمويل كبير وكاف لميزانية برامج "أونروا" لتمكينها من تقديم خدماتها الأساسية، مُطالباً الدول المانحة الوفاء وزيادة التزاماتها تجاه موازنات "أونروا" والتأكيد على عدم ربطها بالأزمات العالمية والإقليمية والتي تؤثر على تقديم الموارد الكافية لبرامج الأونروا للالتزام بميثاق عملها مع الأخذ بعين الاعتبار على أن عمل "أونروا" التزام سياسي وقانوني من جهة، ومن جهة أخرى ضرورة الحد من معاناة اللاجئين الفلسطينيين وتوفير احتياجاتهم الأساسية والإنسانية استناداً للتفويض الممنوح للوكالة إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل لقضيتهم وتطبيق هذا الحل.
رفض لتقليص الخدمات
كما وجّه الدعوة إلى الأمانة العامة وبعثاتها في الخارج ومجالس السفراء العرب إلى مواصلة تفعيل قنوات الاتصال المختلفة مع الدول المانحة كافة، لحثها على الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه وكالة الغوث الدولية وتمكين الوكالة من القيام بمهامها كاملة، حاثاً وكالة "أونروا" على عدم تقليص أي من خدماتها الأساسية والضرورية التي تقدمها للاجئين الفلسطينيين، سيما وأنها هي التي تؤكّد بإنها استنفذت كل وسيلة لاتخاذ اي اجراءات تقشفية اضافية بالنسبة لخدماتها، مُؤكداً أنّ الدول المضيفة لن تكون وبأي صورة كانت محل الوكالة في القيام بالخدمات الأساسية التي تقدمها الوكالة للاجئين الفلسطينيين.
كما طالب المؤتمر وكالة "أونروا" أن تأخذ بعين الاعتبار التشاور المعمق مع الدول المضيفة فيما يتعلق بأي اجراءات تتخذها، سواء بالنسبة لأجور موظفيها وحقوقهم المكتسبة، أو خدماتها، مُرحباً بالمؤتمر الدولي المزمع عقده برئاسة أردنية سويدية مشتركة لدعم "أونروا" في مطلع العام 2021 ودعوة الأمم المتحدة والدول المانحة إلى المشاركة الفعالة فيه للوصول إلى آلية تمويل مستدامة ويمكن التنبؤ بها لأونروا لتجنب أي أزمات مالية مستقبلية.
إعادة الإعمار في قطاع غزّة
وفي سياقٍ آخر، أعرب المؤتمر عن قلقه البالغ بسبب بطء عملية إعادة الاعمار في قطاع غزة بعد التدمير الذي تسبب به العدوان "الإسرائيلي" على القطاع، داعياً الدول المانحة إلى الوفاء بما التزمت به من تعهدات مالية خلال مؤتمر الاعمار الذي عقد بالقاهرة في 12/10/2014.