انتشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر انسحاب الكاتب والباحث السياسي الفلسطيني، سعيد الحاج، من لقاء على قناة "بي بي سي" عربية، بعد ملاحظته استضافة شخص من الكيان الصهيوني في البرنامج نفسه.
ولاقى الفيديو إشادة بخطوة الحاج الذي أكد أن هذه الخطوة على الرغم من كونها خطوة رمزية، إلا أنها تتجاوز ذلك بكثير، إذ إن رفض التطبيع الإعلامي، هو جزء من رفض التطبيع بشكل عام مع الكيان الصيهوني.
وأوضح، في حديث مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أن التطبيع نفسه لم يعد شيئاَ رمزياً، خصوصاً وأن الأولوية القصوى في استراتيجية الكيان الصهيوني قائمة على أن يُطبع معه وأن يُقبل كـ "دولة طبيعية" في المنطقة، تقام معها علاقات تنسيق وتحاف وتعاون وما إلى ذلك.
مواجهة التطبيع يجب أن تكون أولوية تقابل استراتيجية الاحتلال الصهيوني
الحاج أشار إلى أن مسار التطبيع الذي توسع مع عدد من الدول العربية، التي ليس لها حدود مع فلسطين المحتلة، يؤرق الكيان الصهيوني، فهو على الرغم من تفوقه العسكري في المنطقة وقوته ودعم قوى عظمى له على مدى عقود، لم يستطع فرض نفسه على هذه المنطقة، بل إنه على الرغم أيضاً من اتفاقات التسوية مع مصر والأردن، بقيت وما زالت الشعوب العربية والمسلمة ترفض هذا الكيان وتعتبره جسماً دخيلاً على المنطقة لا تزال ترفضه وتكرهه وتحاربه.
وشدد أن مواجهة التطبيع يجب أن تكون أولوية تقابل استراتيجية الاحتلال الصهيوني، والإصرار على أن كيان الاحتلال ليس من نسيج هذه المنطقة، وأنه قوة احتلالية استعمارية ينبغي طردها من هذه المنطقة.
الاصرار على عدم قبول المشاركة مع شخصيات صهيونية في مقابلات يشكل عامل ضغط على وسائل الاعلام التي تستضيفهم
كما اعتبر الحاج أنه "من المهم إذا كنا خسرنا الساحة الدولية، التي لا يمكننا أن نفرض فيها أن لا تستضيف شخصاً من الكيان الصهيوني، على الأقل في الساحة العربية، وسائل الإعلام الناطقة باللغة العربية الموجهة للمتلقي العربي، ينبغي أن تكون ساحة معركة لنا، أن لا نقبل أبداً ولا نتنازل أن تكون استضافة الشخصيات الصهيونية أمراً طبيعياً".
هذا الإصرار، بحسب الحاج يساهم في رفض للشخصيات الصهيونية وضغط عليها، ورسالة تعطى للمتلقي العربي، ومن جهة ثالثة ضغط على وسائل الإعلام كي لا تستضيف هذه الشخصيات.
ولفت الحاج أن سياق التطبيع الحالي، الذي يأتي في ظل "صفقة القرن" ومخططات الضم والتهويد والاستعلاء الكبير للكيان الصهيوني، والدعم الأمريكي غير المسبوق له، خطير جداً، لأنه يعني أن "بعض الأنظمة في المنطقة تقبل الكيان الصهيوني بهذه الحالة، بظل قانون يهودية الدولة وقومية الدولة.. وبالتالي هذا تهديد حقيقي للقضية الفلسطينية وللفلسطينيين وللاجئين الذين لن يكون لهم حق عودة..".
ولا تقتصر هذه الخطورة على القضية الفلسطينية، بل تمتد للدول المطبعة، وفق الحاج، الذي أكد أن اتفاقيات التسوية مع الأردن ومصر لم تأت بسلام أو رفاه أو تعاون لهذه الدول، بل على العكس كان الكيان الصهيوني دائماً مصدر خطر عليهما.
مجرد الظهور في فضائية عربية ليس اعتباطياً، إن جاز التعبير، الكيان الصهيوني يسعى إلى كسر الحاجز النفسي بينه وبين المتلقي العربي
الكيان الصهيوني لا يسعى إلى تطبيع سطحي
وحذر الحاج أن الكيان الصهيوني لا يسعى إلى التطبيع بمعناه السطحي، بمعنى أن يُقبل في هذه المنطقة، بل إن هناك استراتيجية واضحة في اختراق الصف العربي.
وأضاف: "مجرد الظهور في فضائية عربية ليس اعتباطياً، إن جاز التعبير، الكيان الصهيوني يسعى إلى كسر الحاجز النفسي بينه وبين المتلقي العربي، أن يقبل كضيف عادي كما هناك ضيف فلسطيني وسوري إلخ، أن يكون هناك ضيف يسمى ضيف إسرائيلي يتحدث من القدس المحلتة أو تل أبيب أو أي منطقة محتلة أخرى، هذا الأمر يكسر حاجزاً نفسياً ويتيح لهذه الشخصيات أن تقدم رسائل مباشرة وضمنية لاختراق الوعي العربي".
كما يمتد السعي الصهيوني إلى التواصل المباشر من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً الذين يملكون حسابات ناطقة باللغة العربية، وذلك بهدف اختراق الصف العربي والتواصل على الخاص ومحاولات تجنيد وإضرار، وهذا حصل وكشف بشكل كبير جداً، بحسب الحاج.
البعض يظن أن نواجه وأن نتواجه وأن نقارع الحجة بالحجة هذا كله خطأ لأننا نختار الساحة الخطأ والتوقيت الخطأ والمعركة الخطأ
وشدد الحاج أنه من الخطورة بمكان، إضافة إلى التطبيع الإعلامي، الترويج لبعض الصفحات الصهيونية الناطقة باللغة العربية، إن كان من باب السخرية أو من باب التحريض، لأن هذه الشخصيات تتعمد أحياناً أن تكون محط سخرية وهجوم، لأنها لا تبغي هنا الإقناع أو الإفحام أو التفنيد أو الانتصار في معركة إعلامية، هي تبغي فقط الحضور والانتشار.
وتابع: "وبالتالي قبول استضافة هذه الشخصيات على الفضائيات ونشر وترويج صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، حقيقة هي خسارة في هذه لمعركة، البعض يظن أن نواجه وأن نتواجه وأن نقارع الحجة بالحجة هذا كله خطأ لأننا نختار الساحة الخطأ والتوقيت الخطأ والمعركة الخطأ".
وختم: "لو كان ذلك في ساحة دولية وفي إعلام دولي، هاذا الكلام صحيح، لا نترك الساحة لهم، لكن في الساحة العربية ينبغي أن تكون المعركة هي نفي وجودهم أبداً.. أن نرفض الاستضافة والترويج لحساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي".
تجدر الإشارة، إلى أنّ حركة مقاطعة " اسرائيل" وسحب الاستثمارات منها "BDS" كانت قد شددت ضمن معاييرها للمقاطعة، على مسألة المشاركة العربية بما فيها الفلسطينية، في أي لقاء أو مواجهة أو مناظرة إعلامية، مع أي طرف إسرائيلي، وكّدت على أنّ ذلك تعدّ تطبيعاً، إلاّ إذا كان الطرف الإسرائيلي مؤيداً علناً للحقوق الثلاثة الأساسية للشعب الفلسطيني، وكان محتوى اللقاء يخص القضية الفلسطينية.