أكَّد مركز فلسطين لدراسات الأسرى، اليوم السبت 9 يناير/ كانون الثاني، أنّ جيش الاحتلال الصهيوني واصل خلال العام الماضي 2020 استهداف الأطفال الفلسطينيين، بالاعتقال والاستدعاء وفرض الأحكام والغرامات المالية الباهظة، حيث رصد (550) حالة اعتقال، بينهم (52) طفلاً لم تتجاوز أعمارهم الرابعة عشر.
بدوره، قال الباحث رياض الأشقر مدير المركز في تقريرٍ له، إنّ الاحتلال يتعمّد اللجوء لاعتقال القاصرين بهدف ردعهم عن المشاركة في المواجهات مع الاحتلال أو التفكير في تنفيذ أعمال مقاومة، ومحاولة لخلق جيل ضعيف وخائف، ولتدمير مستقبل الأطفال، لذلك جعل من اعتقالهم خياراً أولياً وأعطى الضوء الأخضر لاستهدافهم بالقتل والاعتقال، مُبيناً أنّ الاحتلال رغم الدعوات والمناشدات التي صدرت عن العديد من المؤسسات الدولية بضرورة إطلاق سراح الأطفال كونهم معرضين للخطر في ظل الظرف الاستثنائي الراهن المتمثل في جائحة كورونا، إلّا أنه واصل خلال العام 2020 استهداف الأطفال القاصرين، دون سن (18)، بالاعتقال والتنكيل والاحتجاز في ظروف قاسية وفرض الأحكام القاسية بحقهم.
وأشار إلى أنّ جميع الأطفال المعتقلين تعرضوا للتعذيب والتنكيل منذ اللحظة الأولى للاعتقال باقتيادهم من منازلهم في ساعات متأخرة من الليل، أو اختطافهم من الشوارع وعلى الحواجز، ويتعرّضون لأشكال متعددة من التنكيل والإهانة بما فيها الضرب المبرح، توجيه الشتائم والألفاظ البذيئة بحقهم، وتهديدهم وترهيبهم، واستخدام الكلاب البوليسية المتوحشة.
وبيّن الأشقر أنّ الاحتلال لم يكتفى باعتقال الأطفال وتعريضهم للخطر بل استغل الجائحة كأداة تنكيل بحقهم، وترهيبهم، وذلك بعدم توفير إجراءات الحماية الوقاية، كذلك تعريضهم للعزل بشكل مستمر بحجة الحجر، وحرمانهم من زيارة العائلة، والمحامين الأمر الذي تسبب لهم بأزمات متعددة، وضغوط كبيرة على كافة المستويات الحياتية، أبرزها نقص الملابس التي تفاقمت خلال العام بسبب وقف الزيارات لشهور طويلة.
وبحسب الأشقر، فقد واصل الاحتلال عمليات التنكيل بالأطفال الفلسطينيين، واعتقال المرضى منهم، والاعتداء عليهم بالضرب المبرح، ومنهم الطفل أمل نخلة ١٦ عاماً، من سكّان مُخيّم الجلزون تم الاعتداء عليه بشكلٍ وحشي على أحد الحواجز رغم معاناته من مرض نادر يُدعي الوهن العضلّي الشديد، كذلك تعرّض الطفل محمد منير مقبل 16 عاماً من الخليل إلى اعتداء وحشي بأعقاب البنادق حين اعتقاله أدى إلى أصابته بكسور في الفك والوجه ورضوض عامة في الجسم، وتم نقله إلى مشفى "هداسا عين كارم" بالقدس المحتلة، وتم إجراء عملية جراحية له لترميم كسور الفك والوجه، كذلك اعتقلت قوات الاحتلال الطفل يوسف عابد (١٢ عاماً) من مدينة البيرة، وهو ذوي الاحتياجات الخاصة.
وأضاف الباحث الأشقر أنّ الاحتلال اعتقل 10 أطفال خلال العام 2020 بعد إطلاق النار عليهم وإصابتهم بجروح مختلفة بعضها خطرة، ونقلهم في ظروف صعبة، بل وصل الأمر للتحقيق معهم في المستشفيات، وابتزازاهم بتقديم اعترافات مقابل العلاج والرعاية الطبية، ومن بين الأطفال المصابين الجريح علي عمرو 16 عاماً من الخليل بعد إطلاق النار عليه واصابته بجراح قرب مُخيّم الفوار، وجرى نقله إلى مستشفى "سوروكا"، وأجريت له عملية جراحية ثم نقل إلى سجن مستشفى الرملة، والفتى الجريح نور محمد صليبي (18 عاماً) من الخليل اعتقل بعد اطلاق النار عليه، وأصابه بجراح خطيرة في بطنه، والفتى حسين يونس (17 عاماً) من بيت لحم، عقب إطلاق النار عليه، واصابته بعيار ناري أسفل الركبة، أدى لكسر في العظم وصدر بحقه حكم بالسجن لمدة 3 سنوات.
كما تم إصابة الفتى مراد بسام البايض 17 عاماً من مُخيّم الفوار بالخليل واعتقل بعد إطلاق النار عليه واصابته بجراح وتم نقله إلى مستشفى "سوروكا"، كما اعتقل الاحتلال الطفل راسم سليمان غرة من رام الله عقب إصابته بعيار مطاطي في القدم، والفتى مصطفى غوانمة (17 عاماً)، اُعتقل عقب إصابته بالرصاص في رام الله، فيما اعتقل الطفل الجريح محمد فضل التميمي 16 عاماً بعد الاعتداء عليه في قرية النبي صالح شمال غرب رام الله، علماً أنه مصاب في رأسه برصاص الاحتلال قبل عامين، واعتقل 3 أطفال في 16 من العمر من بلدة أبوديس بعد ثلاثة أسابيع من إصابتهم بالرصاص الحي من قبل جنود الاحتلال وكانوا لا زالوا يتلقون العلاج ووضعهم الصحي غير مستقر، وهم أحمد عبد الله محسن، ويونس علي حلبية، ومهند جمال عواد.
تشريع الانتهاكات
وكشف الأشقر أن الاحتلال عمل في العام الماضي على تشريع الانتهاكات بحق الأطفال، حيث أدخلت سلطات الاحتلال تعديلات على الأمر العسكري رقم 1651، بهدف رفع الحماية عن الأطفال في الفئة العمرية بين 12 إلى 14 عاماً، وبالتالي السماح برفع سقف اعتقالهم، حيث كان الحد الأقصى المفروض على هذه الفئة قبل التعديل لا يتجاوز ستة أشهر فعلية أو مع وقف التنفيذ، وبعد التعديل الجديد، لم يعد هناك حماية أو سقف زمني للعقوبة التي قد تفرض على الأطفال الذين تتم محاكمتهم أمام المحاكم العسكرية للاحتلال وقد تصل لعشرات السنين أو المؤبد، والتعديل الجديد يعني عملياً، فقدان الأطفال تحت 14 عاماً للحماية، وهذا يتناقض بشكلٍ صريح مع المعايير والمبادئ الدولية التي تم إرسائها لحماية حقوق الأحداث، وهى بذلك تتعارض بشكل أساسي مع اتفاقية حقوق الطفل.
فرض غرامات مالية باهظة
وقال الأشقر إنّ المحاكم العسكرية للاحتلال واصلت خلال العام 2020 فرض الغرامات المالية الباهظة على الأسرى الأطفال، وذلك ضمن سياسة مبرمجة ومعتمدة، الأمر الذي يشكّل عبئاً على ذويهم في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأصبحت ساحات المحاكم "الإسرائيلية" وسيلة عقاب جديد على الأطفال وذويهم، وشكلت حالة من الابتزاز ونهب أموال ذويهم؛ واثقال كاهلهم بالفاتورة المترتبة على اعتقال أبنائهم لمنعهم من المشاركة في فعاليات المقاومة، فلا يكاد يخلو حكم بالسجن الفعلي أو الإفراج بدون فرض غرامة مالية، ووصلت الغرامات المالية التي فرضت على الأطفال في محكمة عوفر خلال العام 2020 إلى (350 ألف شيكل) أي ما يعادل ( 102 ألف دولار).
وأوضح أنّه وحتى نهاية العام الماضي لا يزال الاحتلال يعتقل (170) طفلاً موزعين على ثلاثة سجون وهى (مجدو، وعوفر، والدامون)، إضافة إلى وجود عدد في مراكز التوقيف والتحقيق، وجزء آخر من أطفال القدس تحتجزهم في مراكز اجتماعية خاصة لأن أعمارهم تقل عن 14 عاماً، ويعيش الأطفال الأسرى ظروف اعتقال قاسية، ويتعامل الاحتلال معهم كإرهابيين ويوجهون لهم الشتائم والتهديدات بشكلٍ مستمر، ويمارس بحقهم وسائل تعذيب قاسية، فيما تواصل إدارة سجون الاحتلال بشكلٍ متعمد وبتعليمات مباشرة من أعلى المستويات السياسية والأمنية لقادة الاحتلال إجراءاتها العنيفة بحق الأطفال داخل السجون، وتحرمهم من أبسط مقومات الحياة.
وبيّن أنّ سلطات الاحتلال تواصل إجراءاتها التنكيلية والتعسفية بحقهم وأبرزها عمليات الاقتحام والتفتيش لغرفهم وأقسامهم، اضافة إلى استمرار المعاملة السيئة من قبل السجانين، ومحاولة فرض تغييرات مصيرية على واقع الأسرى الأطفال، من خلال محاولتها حرمانهم من إشراف الأسرى الكبار على شئون حياتهم.
وفي ختام تقريره، طالب مركز فلسطين المجتمع الدولي أن يتحمّل مسؤولياته، تجاه أطفال فلسطين، وما يتعرّضون له من جرائم فاقت كل الحدود، وإلزام الاحتلال بتطبيق المواثيق والاتفاقيات الخاصة بالأطفال لوضع حدّ لعمليات الاعتقال التي تستهدفهم دون مبرر، ووقف ما يتعرضون له من معاناة متفاقمة بشكلٍ يومي.