فلسطين المحتلة - بوابة اللاجئين الفلسطينيين
استعرض وزير مالية الاحتلال موشيه كحلون، ووزير الداخلية ووزير ما يسمى بـ"تطوير الجليل والنقب أرييه درعي"، الاثنين 26 كانون الأول، الخطة الحكومية التي تقضي بـ "تطوير وتعزيز منطقة شمال البلاد"، بتكلفة حوالي 15 مليار شيكل، لمدة تتراوح ما بين عامين إلى خمسة أعوام، من ميزانيات الوزارات المختلفة و"كيرن كييمت ليسرائيل"، كما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.
وحسب رواية الاحتلال، فإنها خطة تهدف إلى تطوير البنية التحتية وتشجيع الصناعة والتشغيل وتطوير جهاز الصحة الحكومي وتقوية السلطات المحلية ورفع مستوى التعليم والتعليم العالي، وفي إطار هذه الخطة سيجري نقل معسكرات لجيش الاحتلال إلى مناطق أخرى.
هذا وشاركت جهات حكومية عديدة في بلورة الخطة، وتم استعراض الخطة الاثنين أمام رؤساء سلطات محلية ومدراء مستشفيات ورؤساء كليات وغيرهم.
وبحسب الخطة، سيتم استثمار 600 مليون شيكل لتشجيع الاستثمار والتطوير الاقتصادي من خلال جذب شركات وتشجيع نقل مقراتها إلى الشمال، إلى جانب رصد ميزانيات لتشجيع السياحة.
وتقضي الخطة برصد ميزانية 12 مليار شيكل تقريبا لتحسين البنية التحتية والشوارع وإقامة خط قطار خفيف بين حيفا والناصرة، وإطالة مسافة حافلات "المترونيت" من حيفا إلى مدن مجاورة، ورصد مليار شيكل لتقليص الفجوات في مجال التربية والتعليم، ومبلغ 200 مليون شيكل للسلطات المحلية لصالح برامج تطوير في السلطات المحلية الضعيفة، ومبلغ 930 مليون شيكل لتحسين جهاز الصحة وتوسيع المستشفيات وتطوير أقسام جديدة فيها وتقصير مدة الانتظار لفحص MRI.
بالعودة لسنوات مضت، فإن "خطة تطوير الجليل والنقب" ما هي إلا مخطط صهيوني يهدف إلى تهويد تلك المناطق وخلق تحوّل ديمغرافي فيها لصالح الكيان الصهيوني، إذ سعت سلطات الاحتلال منذ عام 1976 لتهويد تلك المنطقة من خلال مخططات استيطانية وتهويدية، مع عرض امتيازات للمستوطنين لجذبهم إلى تلك المناطق.
صدر في شباط 1976 ما عُرف بـ "مشروع تطوير الجليل"، وحذّر متصرف اللواء الشمالي آنذاك الصهيوني يسرائيل كينغ من المشكلة الديموغرافية في الجليل والانتماء القومي العربي، ودعا إلى تهويد العمل والاقتصاد والتعليم والقانون والأرض.
وجاء في المشروع "القضية الخاصة بالجليل هي قلة السكان اليهود بالنسبة إلى غير اليهود الذين يؤلفون 70% من مجموع السكان وفي أطراف الجليل هناك 40 ألف من السكان غير اليهود يقطنون ضواحي حيفا وعكا وطمره وشفا عمرو" ، أما أهداف مشروع تهويد الجليل فكانت وما تزال "تغيير الوضع الديموغرافي الراهن بين السكان اليهود وغير اليهود بواسطة مشروع تطوير طويل الأمد أهدافه هي: تحويل إقليم الجليل الجبلي إلى منطقة ذات أكثرية يهودية، لضمان توزيع صحيح للسكان اليهود في الجليل، وتعزيز اقتصاد السكان الموجودين فيه."
وأدى مشروع تهويد الجليل في ذلك الوقت إلى مصادرة 20 ألف دونم من أراضي قرى عرابة وسخنين ودير حنا، ما أدى إلى انتفاضة شعبية في 30 آذار 1976، ارتقى فيها ستة شهداء وأصيب عدد كبير من الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948 بما عُرف بـ "يوم الأرض".
خلال عام 1979 قررت حكومة الاحتلال والمنظمة الصهيونية العالمية في جلسة لجنة شؤون الاستيطان المشتركة، إقامة عدد كبير من المستوطنات، إذ قررت إقامة 30 (منطرة) في غضون (6-8) أشهر، الهدف منها تهويد الجليل بصورة حثيثة وتوزيع اليهود في أنحاء الجليل و"منع دلف السكان العرب إلى أراضي الدولة في المنطقة"، وتم تنفيذ تلك الخطة التي عُرفت في ذلك الوقت بـ "خطة المناطير" ما بين عامي (1979-1980).
وفي وثيقة وضعها رعنان فايتس رئيس قسم الاستيطان في الوكالة اليهودية آنذاك، في أيلول 1978، قال: "أساس أي حل في الجليل يكمن بتوافر الأراضي القومية وامتلاك أراضٍ أخرى، ولذا أود عرض خطة لإقامة مناطر في الجليل"، ووفقاً لهذا المخطط فإن السكان الفلسطينيين تم اعتبارهم تهديد وخطر على تلك الأراضي.
في أيار 1985 أشار المهندس الفلسطيني يوسف جبارين إلى أن هناك مدينة يهودية في طور التخطيط سيطلق عليها اسم "عيرون" مثبتة في الخريطة اللوائية لمنطقة حيفا رقم 35 ، وهي تتواصل جغرافياً مع مناطق النار 105 ، 107 ، 109، مشيراً إلى أن الوكالة اليهودية بدأت منذ 1967 بتخطيط استيطاني في المنطقة، الأمر الذي تزامن مع إغلاق منطقة النار 109، التي بلغت مساحتها 10 آلاف دونم، وفي الثمانينيات أعلن شارون عن مخطط "النجوم السبعة" الذي تزامن أيضاً مع إعلان منطقة نار جديدة هي منطقة 105.
واستمراراً لتنفيذ أهداف تهويد الجليل، أصدر سلطات الاحتلال أوامراً وقوانيناً متلاحقة من ضمنها "قانون الجليل" الذي أقرّه "الكنيست" بأغلبية ساحقة في 19 كانون الأول 1989، الذي جاء على خلفية اختلال التوازن السكاني في الجليل لصالح السكان العرب، وكان هدف المشروع آنذاك حسب مصادر الاحتلال، توطين اليهود السوفييت في منطقة الجليل أيضاً، وقال اسحق شامير رئيس الوزراء في ذلك الحين: "جاء ترومبلدور واصدقاؤه من روسيا، والآن يأتي عشرات الآلاف، وسيأتي عشرات الآلاف في أعقابهم للجليل أيضاً من أجل توطين المستوطنات هناك وتعزيزها."
بعد فترة وجيزة أعلن وزير الاقتصاد والتخطيط الصهيوني في ذلك الوقت دافيد مغين أنه ولأول مرة سوف يشهد الجليل تحوّلاً ديموغرافياً، يصبح فيه اليهود أكثرية، اعتباراً من آذار 1991، مشيراً إلى استيعاب 28 ألف مهاجر يهودي جديد في الجليل، ليرتفع عدد اليهود فيه إلى 388 ألفاً، ليتقلص الميزان الديموغرافي إلى 49.5% من سكان الجليل من اليهود، مقابل 51.5% من العرب.
في آذار 1998 كشفت مصادر صحافية عبرية النقاب عن خطة حكومية جديدة تستهدف حرمان المواطنين العرب في مناطق الـ 48 من حقهم باستغلال مساحات شاسعة من الأراضي الواقعة في مناطق تجمعاتهم في الجليل والنقب، وأن وزير البنى التحتية آنذاك شارون، وضع خطة تقضي بنقل ملايين الدونمات الخاضعة لمسؤولية الحكومة، تحت مسؤولية الوكالة اليهودية.
في حزيران 2005 عقدت دولة الاحتلال "مؤتمر الجليل 2005" الذي تناول رؤية تطوير الجليل برعاية مكثفة من دولة الاحتلال والتعهد بتجنيد رؤوس الأموال لصالح هذه الحملة من مصادر متعددة، بهدف معلن لمخطط تطوير النقب والجليل وهو زيادة عدد سكان تلك المناطق من اليهود.
في تشرين الأول 2009 صرّح رئيس الوزراء الصهيوني في مؤتمر الجليل الذي عقدته وزارة "تطوير النقب والجليل" بمستوطنة "كفار بلوم" قائلاً: "أعدكم بالقيام بثورة في الجليل خلال السنوات الثلاث القادمة، سنفتح الشوارع ونبني السكك الحديدية وستسير القطارات بين مختلف مدن وبلدات الشمال اليهودية، وسنجلب الأزواج الشابة للعيش في المنطقة."
وكان الهدف من المؤتمر آنذاك دراسة تطبيق خطة شاملة لتطوير الجليل ومنطقة الشمال بشكل عام، وشملت "الخطة العشرية" في ذلك الوقت إقامة العديد من المدن لإسكان اليهود المتدينين، وإقامة مستوطنات صغيرة وتوسيع عشرات المستوطنات القائمة بأحياء أخرى يقطنها "قادمون جدد"، ويهود متدينون. وكان يدور الحديث في ذلك الوقت عن جلب نصف مليون يهودي إلى المنطقة على الأقل، بالإضافة إلى خطة لإقامة مدينة في النقب لليهود المتدينين. ولتسهيل السفر من الجليل إلى مركز البلاد سيتم فتح العديد من الشوارع، بالإضافة لعمليات توسيع شوارع ووضع سكك حديدية وإقامة مناطق صناعية متطورة وتسهيل بيع الأراضي وإقامة البيوت والأحياء، وجرى الحديث كذلك عن إقامة مصانع للصناعات الدقيقة جداً "هاي تيك"، والمناطق السياحية والفنادق ومطار كبير ومطارات صغيرة.
خلال عام 2013 بدأ قسم الاستيطان في "الهستدروت" الصهيونية خطة تهويد للجليل مجدداً، بإنشاء بلدات جديدة وتوسيع بلدات قائمة لاستيعاب 100 ألف مستوطن في قلب الجليل، مع الدفع أيضاً بإنشاء سلسلة بلدات جديدة في النقب.
في أيلول 2014 بدأت حكومة الاحتلال بتنفيذ مشروعها لتهويد منطقة الجليل من خلال تشجيع عشرات آلاف اليهود للانتقال للسكن في تلك المنطقة التي كانت تصل نسبة الفلسطينيين فيها آنذاك إلى حوالي 52%.
وكانت قد رصد الكيان الصهيوني والوكالة اليهودية لهذا المشروع وحده أكثر من مليار دولار كمبلغ أولي، يصرف بغالبية على شكل هبات وتسهيلات للمستوطنين الجدد، بإشراف رئيس وزراء حكومة الاحتلال في ذلك الوقت شمعون بيريز والذي أشرف أيضاً على تهويد منطقة النقب.
هذا وعرضت حكومة الاحتلال على اليهود في هذه المرحلة أكثر من عشرة آلاف وحدة سكنية في 104 بلدة يهودية في الجليل، وتخصيص 2500 مكان عمل للمستوطنين الجدد، لجذب المستوطنين لتلك المنطقة، بالإضافة إلى التسهيلات المالية والضريبية وتخفيض أسعار البيوت.