تثير تقليصات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" لمساعداتها وخدماتها تحت ذريعة العجز المالي تساؤلات عدة، حول مصيرها لا سيما في ظل حملة استهداف شرسة تطالها من قبل الاحتلال الصهيوني والإدارة الأمريكية، ترمي إلى إنهاء عمل الوكالة.
بوابة اللاجئين الفلسطينيين" استطلع آراء عددٍ من الشخصيات، من اللاجئين الفلسطينيين بالأردن، بشأن دور "أونروا" في مخيمات الأردن، في ظل التقليصات المستمرة، وهو ما يراه اللاجئون" تمهيدًا لتصفية قضيتهم وحقهم في العودة"، حيث باتت الوكالة على مفترق طرق وأن عليها الالتزام بتلبية خدماتها كافة.
كنا نأمل أن تتحسن خدمات الوكالة مع تزايد عدد اللاجئين وفي ظل الجائحة
يقول الناشط السياسي نمر غنيم:" كنا نأمل أن تتحسن الخدمات التي تقدمها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" مع تزايد عددهم، وتردي أوضاعهم الاقتصادية، خاصة في ظل جائحة كورنا، فجميع الدول هبت لتقديم مساعدات استثنائية لمواطنيها، إلا أن الوكالة تذرعت بقضية العجز المالي، ولم تبادر في تقديم الخدمات اللازمة، لتعويض اللاجئين حالة الضعف التي ألمت بهم بسبب الأزمة الأخيرة".
يرى غنيم أن اعتماد معاير جديدة لتقديم الخدمة الاجتماعية أدى إلى حرمان مئات الأسر منها، ما عمق الأزمة.
يؤكد غنيم أنه يتم التواصل مع مستويات عدة من الحكومة الأردنية وإدارة الوكالة، ووزير الخارجية أبدى استجابته للحديث مع المفوض العام لـ "أونروا" لحث الوكالة على العناية باللاجئين في ظل الجائحة، موضحًا أن الأخيرة استجابت بشكل جزئي بتقديم بعض المساعدات النقدية البسيطة وكانت لأبناء مخيم غزة على وجه الخصوص".
ويأمل غنيم من السلطة الفلسطينية بأن تقف موقفاً إيجابياً يدعم اللاجئ الفلسطيني حتى يواجه إدارة "أونروا" فهذا ليس الوقت المناسب للتقليص في ظل سوء الأوضاع الاقتصادية.
وأبرز المخاوف بحسب غنيم تتمثل في إصرار هيئة الأمم المتحدة ومن يمثلها على إبقاء ميزانية معتمداً على التبرعات من الدول المانحة، على عكس باقي المؤسسات التابعة لها، "وهذا مؤشر سلبي بدأ مع تأسيس الوكالة التي تنتهز الفرص منذ نشأتها لتنسحب من المشهد وتترك الولاية للدول المستضيفة إضافة إلى أنها تحاول خصخصة خدماتها" وفق ما يقول
وكالة الغوث لم تتشكل بهذه الطريقة إلا لتنتهي دون حل لقضية اللاجئين!
وفي تشخصيه للواقع يقول مدير مشروع التاريخ الشفوي للنكبة الفلسطينية ركان محمود،:إن المؤامرة على اللاجئ الفلسطيني بدأت منذ إنشاء هيئة خاصة به دون لاجئي العالم، الذين ترعاهم المفوضية السامية للأمم المتحدة، إذ أن الأخيرة تؤمن الحماية للاجئين "الإغاثة والتشغيل"، وإعادتهم إلى مكان سكنهم الأصلي وتمكينهم من استعادة كامل حقوقهم، على عكس فلسفة عمل وكالة الغوث التي تنحصر بالإغاثة والتشغيل، بحسب تعبيره.
تمسك اللاجئ بالوكالة ليس للخدمات بل لأنها عنوان سياسي وقانوني
ويشير إلى أن الوكالة لعبت دورًا في ظاهره إيجابي ولكن في باطنه سلبي، واللاجئ عندما يتمسك بالوكالة ليس للخدمات التي تقدمها، بل لأنها عنوان سياسي وقانوني، لأعدل قضية عرفها التاريخ البشري والشاهد الحي على النكبة.
يتابع: في حقبِ زمنية مختلفة قلصت الوكالة خدماتها بذريعة قلة التمويل للتنصل من مسؤولياتها وصولًا إلى التخلص من قضية اللاجئين،و قد يكون مجيء الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب" أعطى صورة واضحة عن المخطط من إنهاء قضيتهم.
ويعتبر محمود أن ذريعة الوكالة في أن التقليصات ترجع إوقف المساهمة المالية لبعض الدول وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، غير مقنعة تماماً، وأن الأجدى أن تلجأ إدارة وكالة للبحث عن داعمين كالدول العربية والدول الصديقة للشعب الفلسطيني حتى تواصل تقديم خدماتها دون التأثير على الموقف السياسي.
يؤكد ركان أن جل أبناء اللاجئين الفلسطينيين في الأردن يعملون كعمال مياومة، ما أفقد الكثير منهم مصدر رزقهم خلال الأزمة الأخيرة، مبينًا أن وكالة الغوث لا تتعامل مع أي طارئ جديد، فخلال جائحة كورونا، لم يكن لها أي دور داخل مجتمعات اللاجئين في رسالة واضحة، أنها تخلت عن مسؤولياتها وألقت بأعباء اللاجئين على الحكومات المستضيفة( الأردن، لبنان، سوريا) والتي تمر بظروف اقتصادية صعبة ، وكان على الدول أن ترفع صوتها لتحميل الوكالة والمجتمع الدولي المسؤولية الكاملة عن تدني مستوى أداء " أونروا"، بشكل عام وانعدام دورها خلال الجائحة.
التقليصات جزء لا يتجزأ من مخطط تصفية "أونروا"
يقول الناشط المجتمعي د. محمد الأنطاكي لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: قلصت "أونروا" خدماتها بشكل كبير خلال العقد الأخير، ما أوصل اللاجئين إلى حالة الفقر المدقع، إضافة إلى عدم التزامها بواجبها الأخلاقي والإنساني خاصة في ظل كورونا، التي عصفت بأحوال اللاجئين وأدت إلى تدهور في أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية.
يوضح، كل ما قامت به عمل نشرات توعوية عن الإجراءات الاحترازية والوقائية، لرفع العتب عنها وحددت الفئات المستهدفة، وهم أبناء قطاع غزة الذين يعانون من عسر شديد، فقدمت لهم بعض الدعم المالي البسيط، وباقي اللاجئين لم يتعرفوا عليهم.
لم يبق من خدمات الصحة سوى الصحة العامة مع نقص في الكوادر الطبية
وبحسب أنطاكي فإن الأونروا طرحت سابقًا أن تُغير تعريف اللاجئ الفلسطيني على أنه من هاجر من فلسطين إبان النكبة عام 1948، وهذا يعني تجريد أبناء وأحفاد اللاجئين من صفة اللجوء وحقهم في العودة، لكنها تراجعت بعد
ذلك، إضافة إلى أن الوكالة قامت بتغير استراتيجيتها تحت مسمى "المخرجات الاستراتيجية للأونروا للأعوام 2016-2021"، وقامت بإعادة تقييم برامجها من أجل تحويلها إلى منظمة مختصة داعمة للاجئين، دون أي التزامات عليها، وفق الأنطاكي الذي اعتبر أن هذه التقليصات المستمرة جزءاً لا يتجزأ من مخطط تصفية "أونروا" وهناك عمل ممنهج في هذا الاتجاه.
عن التقليصات المستمرة يقول:" لم يبق من الصحة سوى الرعاية الأولية وهناك نقص حاد بالكادر الصحي والتعليمي، إضافة إلى أن دائرة الإغاثة لم تعد تقدم خدماتها سوى لحالات العسر الشديد".
يضيف الناشط المجتمعي: هناك محاولات مستميتة لتتخلى وكالة الغوث عن بنود الاتفاقية الموقعة بينها وبين المملكة الهاشمية الأردنية والتي تنص على أن "أونروا" هي صاحبة الولاية، مؤكدًا أن الوكالة طلبت رسميًا من اللجان المحلية في مراكز التنمية المجتمعية في المخيمات "البرامج النسائية و تأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة"، أن يسجلوا بوزارة التنمية الاجتماعية أو يجدوا حلًا، إضافة إلى أنها أوقفت الدعم السنوي عنهم وأصبحت تضع آليات عمل معقدة، من أجل إنهاء خدمات الأونروا لأن استمرارها يشكل شاهد حي رمزية للقضية الفلسطينية.
الأمم المتحدة لم تحدد ميزانية ثابتة للوكالة والهدف طي خدماتها نهائياً
في ذات السياق، يقول المحامي حسين الحريثان لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: دأبت بعض الدول المانحة مؤخرًا على تقليص تبرعاتها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين، تمهيدًا لإنهاء خدماتها وطي ملف اللاجئين الفلسطينيين، للنيل من عودتهم إلى ديارهم، خاصة وأن الأمم المتحدة لم تحدد ميزانية ثابتة، ما ضاعف من معاناتهم في مناطق عمليات الوكالة كافة، في ظل ما يعانيه اللاجئ من وصمة اللجوء، وزادت هذه المعاناة في ظل تفشي فيروس كورونا.
لم تترك برنامجاً إلا مسته بالتقليصات
يواصل، " لم تترك برنامجًا إلا مسّته، من التعليم إلى الصحة إلى الحالات الاجتماعية والأسر الفقيرة، عدا تقليص أعداد العاملين في جميع المجالات والامتناع عن تعبئة الوظائف الشاغرة".
"رغم أن الأمم المتحدة حصرت مهمة الوكالة في التشغيل والإغاثة، على أبناء اللاجئين الفلسطينيين دون غيرهم وذلك من خلال القوانين والأنظمة الخاصة بالأونروا، إلا أن إدارتها عينت غير أبناء اللاجئين في مجالات العمل كافة" وفق حريثان.
وعبر حريثان عن استيائه من عدم مراعاة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الظروف الاجتماعية الصعبة، وتدهور الأوضاع الاقتصادية للاجئين، في ظل شح فرص العمل والغلاء المعيشي وعدم تأمين العلاج اللازم خاصة مع انتشار فيروس كورونا.
ويقترح حريثان التواصل مع جميع مخيمات اللجوء في (الأردن، سوريا، لبنان، الضفة الغربية، قطاع غزة)، ومخاطبة المفوض العام لوكالة الغوث والأمين العام للأمم المتحدة، لعقد مؤتمر عام لممثلي المخيمات ودراسة ظروف معيشتهم، إضافة إلى توسيع قاعدة الدول المؤيدة والداعمة للقضية الفلسطينية.