أظهر تقرير استراتيجي نشره مركز الزيتونة للدراسات - ومقره في بيروت- أن الوضع المعيشي للفلسطينيين في لبنان وصل إلى حالة غير مسبوقة من التردي منذ سبعة عقود ونيّف، أي منذ سنوات اللجوء الأولى.
وأضاف التقرير الذي أعده الباحث الفلسطيني جابر سليمان أن ما فاقم من حالة الحرمان والهشاشة، مقارنة بمجتمعات اللجوء الأخرى، هو ضعف الموقف الفلسطيني الرسمي، وغياب مرجعية اجتماعية/ اقتصادية موحدة تُعنى بأوضاع الفلسطينيين في لبنان، في ظل تراجع الدعم الذي كانت تقدمه سابقاً منظمة التحرير الفلسطينية وتراجع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" عن خدماتها - كماً ونوعاً - تحت تأثير أزمتها المالية المستمرة.
ويذكّر التقرير، بتقديرات عدة تؤكد أن نسبتي الفقر والبطالة بين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان تقتربان عتبة 80% وفي زيادة مضطردة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2019، ما يجعل أبرز الاحتياجات في صفوف اللاجئين ترواح بين توفير فرص عمل كريمة، وبين ضرورة تقديم مساعدات غذائية طارئة ومتواصلة، وهذا ما يشير إلى انعدام الأمن الغذائي لدى مجتمع اللاجئين.
فلسطينيو سوريا في لبنان الأشد تأثراً بالأزمة
التقرير الذي جاء تحت عنوان "تأثير تطورات الأزمة اللبنانية على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان" يتطرق إلى اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سورية إلى لبنان، وهم نحو 28 ألفاً حالياً)، مشيراً إلى أنهم الأشد تأثراً من التاعيات السلبية للأزمة الاقتصادية البنانية، بسبب فقدانهم مقومات عيشهم وافتقارهم إلى حياة مستقرة في هذا البلد، وإلى الحماية القانونية وآليات التكيف مع الأزمة، مقارنة بمجتمع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
ويذكر بمعطيات دراسة لوكالة "أونروا" والجامعة الأمريكية في بيروت، تشير إلى أن 89% من فلسطينيي سوريا في لبنان يعاني من العوز، منهم 9% يعاني من العوز الشديد، وأن 94.5% يعاني من انعدام الأمن الغذائي.
كما يذكّر بمعطيات مسح أجرته وحدة الحماية القانونية في "أونروا"، تؤكد أن 93.4% من اللاجئين الفلسطينيين الشباب القادمين من سوريا إلى لبنان يعانون من الفقر، وأن 85% من الأسر تعتمد على مساعدات "أونروا" كمصدر أساسي للدخل، هذا بالإضافة إلى تخلف أكثر من 64% من أطفالهم عن الالتحاق بالمدارس، عدا عن معاناة 85% منهم من صدمات نفسية جرّاء تجربة الحرب.
م ت ف و "أونروا" والدولة المضيفة.. جميعهم مسؤولون
ويحمّل التقرير كلاً من منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية والمجتمع الدولي والدولة اللبنانية المسؤولية عن وصول الأوضاع الذي يعيشها الفلسطينيون في لبنان إلى هذه الدرجة من التردي، داعياً إلى إنشاء شبكة أو مظلة أمان اجتماعي واقتصادي في الأجل المتوسط لتأمين الحماية اليومية لحقوق الفلسطينيين في لبنان، بمشاركة وكالة "اونروا" ومنظمة التحرير الفلسطينية/ السلطة الفلسطينية، والهيئات الرئيسية التابعة للأمم المتحدة مثل اليونيسف، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمة الصحة العالمية، وكل ذلك بالتنسيق مع البلد المضيف.
ويعيش لبنان منذ منتصف عام 2020 أزمة اقتصادية حادة، أدت إلى انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية حوالي أربعة أضعاف سعرها قبل الأزمة أمام الدولار، وأوقفت قطاعات كثيرة عن العمل منها قطاعات العمل الحر كالبناء والزراعة وورشات صناعية عدة يعمل بها لاجئون فلسطينيون كعمال مياومين، وما ضاعف الأزمة هو حالة الإغلاق العام التي تكررت في هذا البلد بفعل تفشي جائحة "كورونا" ما ساهم في زيادة معدلات البطالة.