أسابيع قليلة وتبدأ انتخابات المجلس التشريعي للسلطة الفلسطينية يليها الانتخابات الرئاسية وانتخابات المجلس الوطني، إذا ما قدّر لها ذلك، فيما البيان الختامي لاجتماع الفصائل الفلسطينية في القاهرة يخلو من أي بنود واضحة تتعلق بحق الفلسطينيين الموجودين خارج الأراضي الفلسطينية، وعلى وجه الخصوص اللاجئين منهم، في المشاركة بالانتخابات القادمة، سواء بالترشح أو الاقتراع.
الانتخابات القادمة وبالذات انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني الذي يمثل فعلياً برلمان الفلسطينيين في الشتات، ستبقى منقوصة الشرعية وتفتقر إلى الدعم والتأييد الشعبي، ما لم تأخذ بعين الاعتبار ضرورة إشراك هؤلاء اللاجئين في الاستحقاق الانتخابي، وهو ما قد يناقشه اجتماع القاهرة الثاني منتصف هذا الشهر.
موقع بوابة اللاجئين الفلسطينيين أجرى مقابلات مع عدد من ممثلي وقيادات الفصائل الفلسطينية في لبنان، وحاول وعلى مدار أكثر من أسبوع التواصل مع قيادات في حركة فتح إلا أنّ أياً منهم لم يجب على الاتصالات.
وفيما السخط يعتري الفلسطينيين خارج فلسطين من انتخابات وصفوها بـ "اللاشرعية طالما هي تجري تحت مظلة سلطة أوسلو وتستثني ملايين منهم" يعتبر نائب المسؤول السياسي لحركة حماس في لبنان، جهاد طه، أنّ "ما حصل من توافق في وثيقة القاهرة الأخيرة، حول موضوع الانتخابات، خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح من أجل تكريس العملية الديمقراطية، والاحتكام إلى إرادة الشعب لاختيار ممثليه في كافة المؤسسات الفلسطينية".
هنالك أمل أن يشارك الفلسطينيون في الخارج إذا ما تم التوافق على ذلك
ويضيف طه خلال حديثه مع بوابة اللاجئين الفلسطينيين: "هذه الانتخابات تأتي بعد 15 عاماً، من انتخابات عام 2006، لذلك من الضروري أن يكون للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج دور أساسي".
وتابع: "أعلنا في حركة حماس عن موقفنا السياسي، وشددنا فيه على ضرورة أن تترابط الانتخابات الثلاثة الرئاسية والتشريعية مع انتخابات المجلس الوطني، إذ إنّ الهدف من ذلك، أن يأخذ اللاجئون الفلسطينيون في الخارج دورهم، وذلك فيه إنجاح لعملية انتخابات المجلس الوطني الذي سيفرز المؤسسات الفلسطينية، إن كان لناحية منظمة التحرير أو المجلس المركزي الفلسطيني وغيرها من المؤسسات الفلسطينية، وبهذه الخطوة يكرّس دور المجلس الوطني كمرجعية سياسية للشعب الفلسطيني ولأي إطار فلسطيني رسمي أو وطني".
ويأمل طه "أن تكون المشاركة من أبناء الشعب الفلسطيني في الخارج، مشاركة كبيرة، ما إن تمّ التوافق على إشراكهم في الانتخابات، إذ سيتم بحث آليات ذلك في اجتماع القاهرة المقبل منتصف هذا الشهر، والحلول لتسهيل إجراء الانتخابات في عدد من الدول".
ويعوّل القيادي في حماس على الإسراع في إجراء الانتخابات، من أجل الوصول إلى مرحلة انتخابات المجلس الوطني في 31 آب/أغسطس، و"بالتالي نكون قد تجاوزنا الانتخابات التشريعية في 22 أيار، والانتخابات الرئاسية في 31 تموز، وهكذا نكون قد كرسنا الديمقراطية الفلسطينية" بحسب تعبيره، مشيراً إلى "عدم وجود أيّ اتفاقات جانبية بين حركة حماس وحركة فتح، وما نسعى إليه هو لمّ الشمل الفلسطيني وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني بمشاركة الجميع، من أجل الوصول إلى استراتيجية وطنية ديمقراطية نرتب بها شؤوننا على قاعدة احترام إرادة الشعب من خلال النتائج التي ستفرزها الانتخابات".
الانتخابات حاجة دولية أكثر منها فلسطينية ولا تشكل حلاً للقضية
من جهته يؤكد ممثل حركة الجهاد الإسلامي في لبنان، إحسان عطايا، أنّ "إجراء الانتخابات الفلسطينية حاجة دولية أكثر منها حاجة فلسطينية، لأن الانتخابات التشريعية لا تشكل حلاًّ للقضية الفلسطينية، بل تعيدنا إلى مربع أوسلو، وإضاعة الوقت لمصلحة العدو، وسوف تزيد من الانقسامات الداخلية".
ويضيف القيادي في حركة الجهاد الرافضة للمشاركة في الانتخابات أن: المجتمع الدولي يريد من خلال الانتخابات أن ينتج تمثيل واحد للفلسطينيين، لتعود قيادة السلطة الفلسطينية إلى التفاوض على مشروع حل الدولتين، والذي سوف يضيع على الفلسطينيين المزيد من الوقت، وربما عشرات السنين القادمة، إذا سرنا في هذا المسار التفاوضي العبثي الذي أثبت فشله وعقمه.
ويعتبر عطايا، أنّ "الدعوة إلى انتخابات تشريعية ورئاسية تحت سقف أوسلو، ومن ثم جرّ المجلس الوطني إلى نفق أوسلو المظلم، استخفاف بعقول شعبنا الفلسطيني الذي قدم الشهداء والجرحى والأسرى على طريق تحرير فلسطين وما زال، ولو أن السلطة الفلسطينية تريد بالفعل مصلحة الشعب الفلسطيني لدعت إلى انتخاب مجلس وطني بعيداً عن اتفاق أوسلو، يمثل جميع الفلسطينيين في الداخل والشتات، قبل أية دعوة لانتخابات أخرى، لأنها حينئذٍ تحمل الشعب الفلسطيني مسؤوليته في انتخاب المجلس الذي يريده".
ويضيف: أنّ "دعوة السلطة للانتخابات قبل التوافق على برنامج وطني بين القيادة السياسية الفلسطينية، على أساس المقاومة، وإعادة إنتاج منظمة التحرير وبنائها وفقاً لذلك، سيجعل هذه الانتخابات محكومة بنتائجها المجهولة، والتي سوف تؤدي إلى مزيد من الخلافات".
وبحسب عطايا فإن هذا الأمر سيعيد من جديد الصراع على سلطة الحكم الذاتي، واختزال الشراكة الوطنية في التنافس الانتخابي على التمثيل في مجلس تشريعي محكوم بسقف أوسلو تحت حراب الاحتلال، "بما يحرف كفاحنا ونضالنا عن وجهته الصحيحة، ويصرف شعبنا الصامد والمضحي عن واجب المقاومة والتحرير".
نحذّر من تعطيل الانتخابات وعدم إشراك اللاجئين
عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، علي فيصل، إنّ "الانتخابات استحقاق ومطلب شعبي وسياسي للخروج من دوامة الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، ولتحشيد القوى السياسية والمقاومة والحركة الجماهيرية الفلسطينية في مواجهة صفقة القرن ومخططات الضمّ والتطبيع".
ويرى فيصل في حديثه مع بوابة اللاجئين الفلسطينيين، "أن كل استحقاق يجب أن يجري معالجته بروح من الحوار الديمقراطي المسؤول وأن تلتزم السلطة الفلسطينية بالقرارات التي اتخذت في اجتماع القاهرة بما في ذلك إطلاق الحريات السياسية وتشكيل المحكمة الخاصة بالانتخابات وهو ما قد جرى، بالإضافة إلى آلية التمثيل النسبي الكامل في المجلس التشريعي والمجلس الوطني، فلذلك لتقدّم كل القوى السياسية والاجتماعية لبرامجها الانتخابية".
وعدّد فيصل، عددًا من الملاحظات على الآليات المتخذة، لناحية "نسبة تمثيل المرأة في المحطات التشريعية أو المجلس الوطني، بمعدل 30% للمرأة، وأيضًا تمثيل ووجود واضح للشباب، وربما أيضًا تخفيض سن الانتخاب".
ويحذر "من أيّ محاولة لتعطيل العملية الانتخابية"، ويدعو، إلى "إتمامها بحلقاتها الثلاث، وخاصة انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني والذي سيعيد صياغة النظام السياسي الفلسطيني في إطار منظمة التحرير على أسس ديمقراطية وعلى أساس من الشراكة الوطنية بعيد عن الهيمنة والتفرد أو المحاصصة أو التقاسم للمؤسسات" بحسب رأيه.
ويشير القيادي في الحركة المنخرطة ضمن إطار منظمة التحرير، إلى أنّ "دور حركة اللاجئين يقع في هذه الانتخابات تحديدًا، لذلك يجب أن يتم إشراكهم، في انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني لأنها جزء أساسي من مكونات منظمة التحرير والحركة الوطنية الفلسطينية ونرفض أي طلب لتمييع الحلقة الثالثة، لأن من حق شعبنا واللاجئين أن ينتخبوا ممثلين عن المجلس الوطني".
وأكد فيصل، على أنّ "المرجعية الوطنية السياسية الشاملة التي تضمن الوحدة، هي وثيقة الاتفاق الوطني التي وضعها الأسرى وهي أيضًا قرارات المجلس الوطني والمركزي وهي أيضًا قرارات الأمناء العامين في اجتماعهم في بيروت ورام الله، وذلك كي لا نفتح المجال من جديد، للرهان على السياسة الأميركية وعلى سياسة بايدن أو على إعادة بعث مسار تفاوضي جديد تديره الإدارة الأميركية، فهذا الأمر يجب أن تسد أمامه المنافذ فالميدان وحده من سيحسم القرار".
نخوض الانتخابات لمنع سياس التفرد بالقرار واستثناء اللاجئين امتداد لسياسات عميقة
أما المسؤول السياسي للجبهة الشعبية في لبنان، سمير لوباني، فقال "اتخذنا قرارنا بالمشاركة في الانتخابات الفلسطينية، كي نخوض معركة من داخل مؤسسات وأجهزة الدولة، ولنمنع بذلك سياسة التفرد بالقرار الفلسطيني".
وأضاف لوباني، في حديثه مع بوابة اللاجئين الفلسطينيين، "نريد إشراك الكلّ الفلسطيني في الانتخابات، أما إن أرادوا انتخاب الرئيس الفلسطيني فليكن لهم ما أرادوا، ولكن ليعلموا أننا غير راضين عن ذلك".
وأوضح القيادي في الجبهة، "إلى أنّ استثناء اللاجئين ليس وليد اللحظة، بل إنه امتداد لسياسات عميقة ومترابطة تصل إلى ما تمارسه الولايات المتحدة من تقليصات بحق وكالة الأونروا، الأمر الذي يأتي في سياق الضغط عليهم لدفعهم للاستسلام للقبول بكل الاتفاقات والتنازلات المنطوية تحت عباءة صفقة القرن".
وتابع: "علينا قبل خوض الانتخابات أن ننهي مواضيع الخلاف مثل الانقسام ووضع منظمة التحرير وغيرها، وفي ذلك إنهاء للمحاصصة الجارية بين حماس وفتح".
وأشار لوباني، إلى أنه "ومع اقتراب موعد الانتخابات، يجب على القوى السياسية أن تكون واضحة في رؤيتها السياسية والوطنية أمام شعبها، فوضوحها سيساهم في استرداد حقوق الشعب الفلسطيني".
وأكد لوباني، "هي ليست المرة الأولى التي يمرّ بها الشعب الفلسطيني في امتحان الانتخابات، فالحراك الحاصل يشير إلى أنّ الشعب الفلسطيني ليس موافقًا عن ما يجري على الأرض، بل وإن الهزّات أو التحركات النضالية تؤكد على أنّ الشعب لا يتخذ قراره من فصائله بقدر ما يعبر عن غضبه ووجعه ورأي عامة الشعب على أنه موافق على الخطّ النضالي المقاوم".
إذاً وعلى ما يبدو فإن منظور قادة الفصائل الفلسطينية في لبنان، للانتخابات منطلق من الرؤية الحزبية لكل فصيل، بينما للاجئين الفلسطينيين في لبنان منظور مختلف ما يشير إلى فجوة ما في التواصل بين الفصائل واللاجئين.