يُواصل الموظّف المفصول من عمله في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" عبد السلام عوض الله من محافظة رفح إضرابه المفتوح عن الطعام منذ قرابة الأسبوع داخل مقر "أونروا" الرئيسي في رفح، وذلك بسبب ما يصفه بتعنّت مدير عمليات الوكالة في غزّة ماتيس شمالي في إرجاعه إلى العمل بالرغم من تبرئته من قِبل محكمة النزاعات الخاصّة بموظفي "أونروا" في العاصمة الأردنيّة عمَّان.
عوض الله، وكما علم "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" قدّ شتتت أسرته، وانفصل عن زوجته، واُثقل كاهله بالديون والالتزامات والأقساط الجامعيّة لأبنائه، عوضاً عن الأثر النفسي الذي انعكس عليه وعلى عائلته طوال فترة فصله من عمله كمرشدٍ اجتماعيٍ بعد أن خدم داخل أروقة "أونروا" 17 عاماً.
يقول عوض الله لموقعنا: بدأت القصّة نتاج خلافٍ أسري بيني وبين زوجتي، وفي لحظة غضب قامت بتقديم شكوى إلى إدارة وكالة "أونروا" في غزّة، وبعد قرابة شهر تم حل الخلاف وذهب زوجتي لسحب الشكوى ليخبروها برفض طلبها بسحب الشكوى وباشروا بإجراء التحقيقات التي لم تثبت شيئاً عليّ سوى أنّه خلاف أسري وتم حلّه على خير.
"أونروا" تدخلت في شؤونٍ عائليّة ليس لها علاقة بعمل الموظّف
وتابع عوض الله: تفاجأت بعد ذلك بقيام "أونروا" بإرسال قرار فصلي من العمل، ومن باب احترامي للمؤسّسة الدوليّة وقوانينها الداخليّة توجّهت للتظلّم إلى محكمة منازعات "أونروا" في عمَّان ليكتشف القاضي بأنّ هناك خللاً في كل إجراءات التحقيق ونسف التحقيق السابق وباشر بتحقيقٍ جديد أثبت من خلاله أنّه لا يوجد أي إشكاليّة على هذا الموظّف ويتم تبرئته فوراً، بل وجّه لوماً شديداً لإدارة وكالة "أونروا" في غزّة بسبب تدخلها في شؤونٍ عائليّة ليس لها علاقة بعمل الموظّف داخل مؤسّسات وكالة الغوث.
كما لفت عوض الله إلى أنّه "وبحمد الله أنا لم يتم فصلي على قضايا أخلاقيّة أو تحرّشات أو بسبب خلل في عملي، فهذه قضايا عائليّة لا علاقة لوكالة "أونروا" فيها، وكان قرار المحكمة النهائي هو إلغاء قرار فصلي من العمل وإرجاعي للدوام، وفي حال رفضت ذلك يتم تعويضي، لكن أنا رفضت التعويض وأطالب بعودتي إلى العمل".
المفترض أن يتم مُحاسبة من أصدر قرار الفصل وليس مُحاسبة الموظّف
وأكَّد عوض الله (50 عاماً) خلال حديثه لموقعنا، أنّه طالما لم يخطئ ويُسيء إلى العمل فالأجدر إعادته للدوام، ومن المفترض أن يتم مُحاسبة من أصدر قرار الفصل وليس مُحاسبة الموظّف، مُشيراً إلى أنّه عقب إصدار حكم البراءة من قِبل محكمة عمَّان قام بإدخال عدّة جهات للتوسّط والحديث مع إدارة الوكالة في غزّة وإرجاع الأمور إلى ما كانت عليه، ومن ضمن هذه الجهات كان اتحاد الموظفين في الوكالة، لكنّ كل هذه الجهود باءت بالفشل لأنّ مدير العمليات ماتياس شمالي أوصد كل الأبواب في وجوهنا، بل يتعنّت ويرفض التعامل مع القضيّة بأي شكلٍ من الأشكال، ومن هنا جاء قراري بالإضراب عن الطعام.
وشدّد عوض الله الذي كان مديراً عاماً للمُرشدين في "أونروا" على أنّ قرار الدخول في إضرابٍ مفتوحٍ عن الطعام لم يكن سهلاً، لكنّه جاء بعد تفكيرٍ عميق، وكي لا يُصبح قوت الموظّف ومصدر رزقه مهدداً بقرار فصل على أهون الأسباب وأبسطها، بحيث لا يحق لمدير العمليات فصل أي موظّف بهذه الطريقة ولهذه الأسباب.
أسرتي تدمرت بمعنى الكلمة وانفصلت أنا وزوجتي
وبشأن حالته الماديّة لا سيما وأنّه مفصول من عمله في "أونروا" منذ عامين ونصف، قال عوض الله: أنا أسرتي تدمرت بمعنى الكلمة، انفصلت أنا وزوجتي جرّاء هذه المشكلة، ووضعي المادي كارثي للغاية في ظل تراكم الديون والرسوم الجامعيّة لأبنائي الاثنين، حتى لو أردت العمل اليوم في أي مؤسّسة لا يوجد عمل الآن في قطاع غزّة، وبعض المؤسّسات رفضت التعامل معي لأنني مفصول من "أونروا" وكل هذا له بالغ الأثر السلبي على نفسيتي، خاتماً حديثه لموقعنا بالتشديد على أنّ مطلبه واحد فقط وهو عودته إلى العمل وتعويضه عن الضرر النفسي الذي لحق به وتسبّب بتفتيت أسرته على مدار الفترة الماضية.
بدوره، قال عضو لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنية والإسلاميّة ومنسّق اللجنة المشتركة للاجئين في قطاع غزّة محمود خلف لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، إنّ اللجنة تعلن وقوفها الكامل إلى جانب حقوق الموظف عبد السلام عوض الله الذي يواصل الاضراب عن الطعام والشراب ويعتصم في مكتب مدير منطقة "أونروا" في رفح.
حياته مهددة بالخطر الحقيقي
وأعرب خلف عن وقوف اللجنة إلى جانب عبد السلام بالدفاع عن حقه بالتعويض والعودة إلى عمله تنفيذاً لحكم المحكمة الذي حصل عليه من "أونروا" نفسها، حيث من المستغرب رفض إدارة الوكالة في غزّة تنفيذ هذا الحكم والاكتفاء فقط بالتعويض والابقاء على قرار فصله في سابقةٍ خطيرة هي الأولى من نوعها على امتداد وجود وكالة "أونروا".
وبيّن خلف لموقعنا أنّ إدارة "أونروا" أقحمت نفسها دون وجه حق بشأن عائلي واتخذت منه ذريعة لمعاقبة عبد السلام، مُتسائلاً: أين هي مبادئ العدل والمساواة وحقوق الانسان والحيادية التي تنادي بها "أونروا" وصدّعت رؤوسنا وهي تتحدّث عنها ليل نهار؟، مُحملاً إدارة "أونروا" وعلى رأسها ماتياس شمالي مدير العمليات المسئوليّة الكاملة عن حياة عبد السلام الذي يواصل الاضراب عن الطعام والشراب ومورس ضده العديد من المضايقات وعدم إعطاءه فراش وأغطيه وإغلاق باب الحمام للضغط عليه والخروج من المكان.
وفي ختام حديثه لموقعنا، أكَّد خلف على أنّ حياة عوض الله مهدّدة بالخطر الحقيقي، مُطالباً شمالي بتحمّل المسؤوليّة، لأنّ ما يجري لا يمت بأي صلة للعمل المؤسّساتي ولا لحقوق الانسان، بل يجب تنفيذ قرار المحكمة وإنصاف الموظفين والاقرار بحقوقهم الوظيفيّة وفقاً للقانون والنظام المعمول به.
الحالة الصعبة قد تدفعه للإقدام على ما هو أسوأ من الاضراب!
وللتعرّف على تحرّكات اتحاد الموظفين في وكالة "أونروا"، بيّن نائب رئيس الاتحاد عبد العزيز أبو سويرح لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أنّ الاتحاد يدعم الموظّف عوض الله في مطالبه المشروعة والمحقّة، حيث قام رئيس المؤتمر العام جمال عبد الله -رئيس اتحادات موظفي أونروا في المناطق الخمس- بإرسال رسالة لمدير العمليات في غزّة ماتياس شمالي وطالبه فيها بضرورة تطبيق قرار محكمة "عمَّان" وإعادة الموظّف عوض الله إلى العمل، لكن ومع الأسف كان رد شمالي سلبياً، فلجأ رئيس المؤتمر لمُخاطبة المفوّض العام للوكالة فيليب لازاريني لحل هذه المشكلة، وإلى هذه اللحظة لم يجب علينا أحد.
ولفت أبو سويرح لموقعنا، إلى أنّ وظيفة عوض الله ما زالت شاغرة لأنّه يعمل كمرشدٍ نفسي ولدينا بالفعل العديد من الشواغر التي هي بحاجة إلى موظفين جدد على أرض الواقع على عكس ما تقوله إدارة "أونروا" بأنّه لا يوجد مكان للتوظيف، مُحملاً إدارة "أونروا" المسؤوليّة الكاملة عن حياة عوض الله الذي قُطع رزقه وتفتّتت أسرته، وهو الآن ليس في وضع مريحٍ ومضغوط نفسياً وقد تدفعه هذه الحالة الصعبة للإقدام على ما هو أسوأ من الاضراب المفتوح عن الطعام.
يُشار إلى أنّ الالتفات يزداد يوماً بعد يوم حول قضية عوض الله المطلبيّة، حيث نظّمت اللجنة الشعبيّة في رفح يوم أمس السبت وقفة مؤازرة معه، وحمّل رئيس اللجنة رجاء عمر وكالة "أونروا" المسؤوليّة الكاملة عن حياته، مُشيراً إلى أنّ اللجان الشعبيّة ستبقى تُمارس دورها في الدفاع عن اللاجئين وحقوقهم.