مروحية " إنجينيويتي" تمكّنت من التحليق في فضاء المرّيخ بنجاح للمرة الثانية، وهي أوّل طائرة تحلّق على الكوكب الأحمر، يجري التحكّم بها من الأرض ويبلغ وزنها 1.8 كيلوغراماً، صنع محرّكها خبير الالكترونيات والطاقة المهندس الفلسطيني ابن قطاع غزّة لؤي البسيوني، الذي ترأس فريق عمل وكالة الفضاء الأمريكية " ناسا" لهذا الغرض.

وصمم المهندس الفلسطيني محرّك الطائرة التي انطلقت يوم 19 نيسان/ أبريل الجاري، وخاضت ثاني رحلاتها يوم 25 من ذات الشهر، وهي الأولى من نوعها في التاريخ، و يجري التحكّم بها عن بعد 290 كيلوتر، خلال تحليقها في أجواء كوكب المرّيخ، وهو ما احتفت به تقارير أمريكية بعد نجاح التجربة، وكتب عنه الكاتب الأمريكي "هولي هيسون" واصفاً إيّاه بـ " الرائد على مروحيّة المريخ المتميّزة".

7-1.jpg


خيال أقرب إلى المستحيل ولكّنه تحقق

لم يكن لؤي بسيوني، واثق من انجاز هكذا أمر خيالي، كما عبّر في تقرير للكاتب "هيسون" حيث أنّ التحكّم بطائرة تعمل بالطاقة، وتحلّق على كوكب آخر كان أمراً منافٍ للتصوّر، وقال :" لا يمكن تخيّل شعور النجاح، لم أنم طوال رحلة الطائرة طوال الليل".

وُلد البسيوني البالغ من العمر (42) عاماً في المانيا، قبل أن يعود مع عائلته إلى فلسطين المحتلّة وتحديداً إلى بلدة بيت حانون بقطاع غزّة حيث ينحدر، وكان حينها في عمر السادسة، والتحق بمدارس غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " أونروا" حتّى الصف التاسع الاعدادي، ثم غادر إلى الولايات المتحدّة عام 1998 ودرس الهندسة الكهربائيّة وأكمل الماجستير في جامعة "لويفيل" عام 2004.

بدأ شغف البسيوني في مجال الكهربائيات والالكترونيات في سنّ مبكّرة، من خلال صنع ادوات بسيطة، فصنع وهو في سنّ العاشرة هوائياً لتلقي قنوات التلفزة، من ادوات المطبخ وورق الالمنيوم، وكان طموحه أن يبني شركة متخصصة في مجال الكهربائيات، قبل أن يُصبح مُصمما لأحد أهم انجازات وكالة "ناسا" العلمية في مجال الفضاء.

وعمل المهندس لفلسطيني في شركة " AeroVironment, Inc." عام 2012، ليتم اختياره للعمل مع وكالة "ناسا" ضمن مشروع "Mars Ingenuity Helicopter" من العام 2014 حتّى 2018، ليثمر عمله الذي لاقى احتفاءً واسعاً في ثاني مهمة ناحجة تخوضها الطائرة يوم 25 من نيسان.

رحلة صعبة في سبيل الطموح

 من غزّة في فلسطين المحتلّة إلى معمل الدفع النفّاث جنوب كاليفورنيا، رحلة صعبة يروي بسيوني بعض فصولها منذ الطفولة، وماعاناه خلال فترة دراسته الابتدائيّة والاعداديّة تحت الاحتلال الاسرائيلي في غزّة، ويقول للكاتب "هيولي هيوسن" :" من أولى ذكرياتي حين عدت من المانيا إلى غزّة، هي المشي باتجاه مدرسة الوكالة مع مجموعة من الأطفال، ورأيت عربات للجيش الاسرائيلي وظننته قام لحمايتنا".

عند وصوله إلى أمريكا عام 1998، التحق البسيوني بجامعة نبراسكا وبنسلفانيا وجامعة كنتاكي، قبل أن تقعده المشاكل الماليّة عن الدراسة لمدّة عام، وتوجهه للعمل بوظائف متعددة، ليتوجه بعدها للتسجيل في "مدرسة السرعة للهندسة" بسبب اعجابه ببرنامجها القائم على "دراسة هجينة" للأجهزة وهندسة الكمبيوتر والهنسة الكهربائيّة.

إلى جانب المشاكل الماليّة التي عانى منها، واستطاع التغلّب عليها لاحقاُ بمنحة دراسيّة، عرّضته اصوله العربية إلى مضايقات، ولا سيما عقب أحداث 11 أيلول/  سبتمبر عام 2000، ويقول في :" تعرضت للهجوم أثناء تسليم البيتزا لبعض الطلاب المخمورين" ويضيف "هذا يعني أيضًا أنه كان من الصعب الحصول على وظيفة لأن الشركات فضلت المواطنين الأمريكيين، لذلك كان عليك التقدم مرتين للعثور على الشركة المناسبة التي كانت مهتمة بمن أنت حقًا."

بصمة يأمل أن يتركها البسيوني للعالم

وعبذر البسيوني عن أمله في أن يؤسس شركته الخاصة، ويعمل مع وكالة "ناسا" مرّة أخرى في المستقبل،  وقال في تقرير هيسون : "أريد أن أعمل في أشياء ستجعل العالم مكانًا أفضل ، مع توفير الأدوات لتسهيل الأمر على الأشخاص في الأماكن المحرومة."

وأضاف: "أعتقد أنه يمكننا تغيير العالم من خلال هندسة طرق جديدة للتواصل ، والاستفادة من البيئة ، والقيام بكل شيء من حولنا". "كلنا واحد ، نحن لا ندرك ذلك. كلنا نريد نفس الأشياء - الاستمتاع بالحياة والعيش بسلام ".

وفي حديث سابق مع "BBC" تحدث البسيوني عن الفرق بين الوصول إلى الفضاء وعبور معبر رفع بين قطاع غزّة ومصر قائلاً : "بالرياضيات والعلم يمكن أن تحسب النتائج، لكن على معبر رفح لا يمكن ذلك رياضياً، ولا يمكن توقع متى يفتح ومتى يغلق، وإذا دخلت غزة متى يمكن أن تخرج؟"، هذه لا تحسب بقوانين الرياضيات، على ما يشير البسيوني، "بل بالدعاء لله".

متابعات/بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد