أغمضت عيناها ومرّت بأصابع يدها على إحدى لوحاتها، لتجرّب الشعور الذي سيصل لمن يلمسها، ولتتأكد أن رسوماتها سيفهمها أي إنسان قدّرت له الحياة ألا يُبصر الأشياء بعينيه.
استطاعت تيماء سلامة (23 عاما) المنحدرة من قرية بربرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، صنع لوحات تشكيلية من النحت على الليف يتمكن المكفوفون من تحسس عناصرها.
فكرتي نبعت من رغبتي في إيصال لوحاتي لكل الناس
لقت هذه الفكرة صدى كبير في مجال الأعمال الفنية، كما قالت سلامة، وأكملت: "وجدت نفسي أقوم بهذه الأعمال دون تفكير مسبق، ولم أتوقع أن تكون النتيجة بهذا الجمال، فالهدف الذي وضعته تم بالفعل".
وأوضحت سلامة أن هذه الفكرة نابعة من رغبتها الشديدة بإيصال أعمالها الفنية لكافة البشر دون معيقات، فالفن ليس احتكاراً على فئة معينة، وحين اجتمعت رغبة وصول الأعمال الفنية إلى المكفوفين وُجِدت هذه اللوحات.
الفكرة الأساسية في لوحات سلامة تكمن في الإيقاع والخطوط، بغض النظر عن العناصر الموجودة بداخلها، قد تكون واضحة لبعض المكفوفين، وقد لا تكون واضحة للبعض الآخر.
تقول تيماء: "الأمر يشبهنا عندما نرى لوحة فنية لأول مرة، فنحتاج إلى وقت لمعرفة عناصرها، كذلك الشخص المكفوف، يحتاج لبعض الوقت لمعرفة العناصر".
تستخدم سلامة لوحات فلين خاصة بالأعمال الفنية، وطين الصلصال الملون بجودة عالية كي لا يتأثر لونه أو شكله بعد اللمسات المتكررة.
تقول سلامة: إن هذه الفكرة غير مكلفة مادياً، ولكن هناك صعوبات تواجهها تتعلق بالأدوات التي تستخدم، فالطين الذي تعمل به اللوحات سرعان ما يتلف إذا تأخرت عن استخدامه لدقائق، إلى جانب أن عملها يحتاج إلى أدوات ليست متوفرة داخل مدينة غزة، فتلجأ للبدائل.
بدأت سلامة حديثا بتنفيذ هذه الفكرة، وقامت بتجربتها على العديد من المكفوفين كان أحدهم مؤمن البيطار (21 عاماً)، الذي وصف بدقة ماذا يوجد داخل كل لوحة فنية.
يقول البيطار معبراً عن امتنانه لهذه الفكرة: "ذوو الإعاقة البصرية بحاجة لاهتمام كبير في كافة مجالات الحياة، وكانت فكرة سلامة لامعة جدا،ً حيث أتاحت لنا الفرصة برؤية الفن بتحسس اللوحات".
وختم البيطار حديثه بالقول: "إن ذلك يدعم الأشخاص ذوي الإعاقة نفسياً، فلهم حق أيضاً برؤية الفن، كما باقي الأشخاص".
شاهد الفيديو