تتواصل الإدانات الرافضة لتصريحات مدير عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في قطاع غزّة ماتياس شمالي والتي أدلى بها للقناة (12) العبريّة وادّعى فيها أن "الجيش الإسرائيلي" لم يقصف أهدافاً مدنيّة خلال العدوان الأخير على القطاع.
تصريحات شمالي تضليليّة وجريمة بحق الشعب الفلسطيني تجرّد فيها عن الحيادية وتتنافى مع كافة مواقف المنظمات الأممية التي أدانت العدوان
وعبَّرت دائرة شؤون اللاجئين بمنظمة التحرير الفلسطينية عن استهجانها لتصريحات شمالي، حيث أكَّد رئيس الدائرة أحمد أبو هولي في بيانٍ له، أنّ الدائرة تابعت هذه التصريحات المشينة التي تسيئ لأكبر منظمة تابعة للأمم المتحدة تمتعت بالحياديّة في عملها على مدار سبعة عقود في خدمة اللاجئين الفلسطينيين، واصفاً تصريحات شمالي بالتضليليّة وجريمة بحق الشعب الفلسطيني تجرّد فيها عن الحيادية، وتتنافى مع كافة مواقف المنظمات الأممية التي أدانت العدوان واعتبرت ما جرى في قطاع غزة يرقى إلى مستوى جرائم الحرب.
وقال أبو هولي: إنّ العالم شهد لقطات مباشرة وحية لمباني مدنية يتم تدميرها على رؤوس أصحابها، تدّعي "أونروا" الآن أنه تم إصابة عدد قليل فقط من الأهداف المدنية، متجاهلاً العدوان الذي استمر لـ 11 يوماً دامياً خلف ورائه 254 شهيداً غالبيتهم من الأطفال والنساء وكبار السن، مُعرباً عن استغرابه لهذه التصريحات من مسؤول أممي عايش العدوان "الإسرائيلي"، وشهد بأم عينيه حجم الدمار والخراب الذي لحق بقطاع غزة والأبراج السكينة والمؤسسات الإعلامية بل وفي مقرات ومؤسسات "أونروا" التي يديرها، والجريمة التي لحقت بعائلة أبو حطب في مُخيّم الشاطئ وغيرها من الجرائم التي طالت المدنيين الأبرياء.
نذكّر شمالي أن وظيفته ترتكز إلى حماية وتشغيل اللاجئين، وليس تبرير العدوان بقتل الأطفال وهدم المنازل
وطالب أبو هولي في رسالة خطية وجهها للمفوض العام لوكالة "أونروا" فيليب لازاريني بالتصحيح الفوري والاعتذار عن هذا الادعاء لينشره المدير في غزة دون أي تأخير، ناقلاً في رسالته مواقف اللجان الشعبية والقوى الوطنية والاسلامية والمنظمات الأهلية والحقوقية الغاضبة لتصريحات شمالي وخشيته من ردود فعل الضحايا وعائلاتهم المليئة بالغضب مما يستوجب سرعة القرار لنزع فتيل الاحتقان الشعبي.
من جهتها، أدانت حركة "حماس"، تصريحات شمالي، مُؤكدةً في بيانٍ لها أنّه برر العدوان "الإسرائيلي" على القطاع، وتابعت: صُدمنا في حماس من تصريحات شمالي، للقناة الإسرائيلية (12) حول العدوان الأخير على غزة، حيث نصّب نفسه محللاً عسكرياً أو ناطقاً باسم الجيش.
ورأت حماس أنّ شمالي برّر استهداف المدنيين ومنازلهم، وقلّل من حجم الخسائر، بل ومدح قدرة جيش الاحتلال ودقته في إصابة أهدافه، مُشيرةً إلى أنّها تذكّر شمالي أن وظيفته ترتكز إلى حماية وتشغيل اللاجئين، وليس تبرير العدوان بقتل الأطفال وهدم المنازل، واستهداف المؤسسات الصحيّة والتعليميّة والاجتماعيّة.
وطالبت حماس وكالة "أونروا" بالاعتذار الرسمي للشعب الفلسطيني، وضحايا العدوان، عن هذا التحريض المباشر عليهم وعلى ممتلكاتهم"، واتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية بحق من ارتكب هذا الخطأ، داعيةً إلى التزام مسؤولي "أونروا" بالتفويض الممنوح لهم من الأمم المتحدة في أداء وظيفتهم في حماية وإغاثة وتشغيل اللاجئين، واتخاذ كل ما يلزم لعدم تكرار ذلك.
يجب طرده من غزة فوراً على ضوء تجاوزاته المستمرة وآخرها تبرير العدوان
وفي السياق، دعت دائرة شؤون اللاجئين في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إلى طرد شمالي من عمله فوراً على ضوء تجاوزاته المستمرة والتي كان آخرها وأخطرها تصريحاته على القناة الصهيونية (12) بشأن العدوان الصهيوني على القطاع.
وطالبت الدائرة المفوض العام لوكالة "أونروا" والأمم المتحدة إلى الاعتذار فوراً للشعب الفلسطيني على ما جاء في مقابلته من تشريع للعدوان الصهيوني ضد القطاع خصوصاً ضد المدنيين العزل.
واعتبرت الدائرة في بيانٍ لها، أنّ شمالي كشف في المقابلة الصحفية عن وجهه القبيح كبوقٍ متساوق مع الاحتلال، متجاوزاً عن عمد وإصرار لمهامه ومسؤولياته كمسؤول في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التي مهمتها حماية واغاثة اللاجئين الفلسطينيين، ووقف أي عدوان ضدهم، فما جرى في الأيام الأخيرة هو عدوان صهيوني همجي استهدف بالدرجة الأساسية المدنيين والأطفال والنساء والشيوخ والمنشآت المدنية.
وشددت الدائرة على أنّ ممارسات ماتياس شمالي على مدار سنوات عمله كمدير لعمليات "أونروا" في غزة والقائمة على سياسة التقليص وإنهاء الخدمات وطرد الموظفين، وصولاً لمواقفه السياسية المعروفة العدائية للشعب الفلسطيني ولحقوقه وثوابته التاريخية، تؤكّد على دوره الخبيث والخطير المتساوق مع العدوان الصهيوني وجرائمه المستمرة بحق الشعب الفلسطيني وخصوصاً المدنيين الذين ما زالوا يدفعوا فاتورة جرائم الاحتلال، وفاتورة تساوق شمالي مع الاحتلال.
كما شدّدت الدائرة في ختام بيانها، على ضرورة أن تضطلع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين بمسؤولياتها القانونيّة والسياسيّة والأخلاقيّة في خدمة قضايا اللاجئين والدفاع عنهم في مواجهة أي عدوان صهيوني أو مخططات هادفة للانقضاض على حقوقهم التاريخية وخاصة حق العودة، والذي يستوجب أن تنسجم عملية اختيار المسؤولين العاملين في "أونروا" مع ثوابت ومتطلبات وحقوق شعبنا، وعدم تساوقها وتآمرها مع الاحتلال.
شمالي يعتذر..
وعبّر مدير عمليات "أونروا" في غزة ماتياس شمالي، عن أسفه بسبب تصريح له تسبب بألم وأذى لأهالي شهداء ارتقوا خلال العدوان الأخير على غزة.
وقال شمالي في بيانٍ له، إنّ الملاحظات الأخيرة التي أدليتُ بها عبر التلفزيون "الإسرائيلي" أساءت وألحقت الأذى بأولئك الذين قُتل وجُرح أحد أفراد عائلاتهم خلال الحرب التي انتهت للتو، ويؤسفني حقاً أنني سببت لهم هذا الألم.
وذكر شمال أن "الأسبوعين الماضيين كانا مروعين بالنسبة لغزة وكل من يعيش فيها، وأكرر تعازيّ الصادقة للعائلات التي فقدت أحباءها بشكلٍ مأساوي، كما أنني أعبر عن فائق الاحترام والتضامن مع زملائي في الأونروا وعائلاتهم الذين عانوا من آلام وخسائر جسيمة"، مُؤكداً أنّه لا يوجد أي مبرر على الإطلاق لقتل المدنيين؛ فأي مدني قضى نحبه يعني الكثير، حيث أن دفع الكثير من الأبرياء حياتهم ثمناً لهذه الحرب، ببساطة، أمر لا يمكن تحمله.
ولفت شمالي إلى أنّ الدقة والحنكة العسكرية لا يمكن أبداً أن تكونا مبرراً للحرب. لقد قضى الكثير من الأشخاص نحبهم، وآخرون أُصيبوا إصابات بليغة جراء تأثير الغارات المباشرة أو أضرارها الجانبية؛ ففي مكان مكتظ بالسكان كما في غزة، ستترك أي غارة آثار مدمرة بالغة الضرر على الأشخاص والمباني.
وبيّن أنّ الرعب القادم من السماء الذي شهدناه يرقى إلى نوع من العقاب الجماعي للسكان المدنيين، ويجب ألا يحدث هذا مجدداً، ومن الخطأ أن نختزل الوضع في غزة بمجرد أزمة إنسانية، حيث إن الغزيين بالكاد بدأوا باستيعاب جسامة خسائرهم؛ لذلك من المهم جداً وضع هذا النزاع الوحشي ضمن سياق الحصار المستمر منذ 14 عاماً، وسلسلة الصراعات المتعاقبة، ومسيرات العودة، وكذلك الأثر المدمر لكوفيد-19.
وأكَّد شمالي أهمية رفع الحصار، واستئناف عملية سياسية ذات معنى لقيادة حل عادل للمشكلة، لأنّ الجميع في أراضي فلسطين المحتلة لديهم الحق بالعيش بكرامة، بما في ذلك اللاجئين الفلسطينيين.
الاعتذار غير كافٍ
هذا وأصدرت "الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين" بياناً صحفياً دعت فيه كل من المفوّض العام لوكالة "أونروا" فيليب لازاريني والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق ماتياس شيمالي، مُؤكدةً أنّ تصريحاته جاءت مغايرة لتصريحات الأمم المتحدة ومئات وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية وغير الحكومية التي تحدثت عن استهداف الاحتلال للمدنيين وللمنشئات المدنية في قطاع غزة، هذا وقد جرى استغلال تصريحات شيمالي والثناء عليها بما يخدم رواية الاحتلال وعدوانه على قطاع غزة.
واعتبرت "الهيئة 302" في بيانٍ لها، أن اعتذار شيمالي عن تصريحاته غير الموفقة غير كاف ولا يرد الاعتبار للآلاف من الشهداء من الأطفال والنساء والشيوخ والمصابين، ولا يرد اعتبار الاعلاميين الذين دمرت مقارهم في برج الجلاء، ولا يرد اعتبار الغزيين أصحاب البيوت الذين فقدوا رزقهم وجنى عمرهم.. ولا يرد اعتبار الذين تعرضوا إلى الصدمات، والذين فقدوا الماء والكهرباء وتم شطب أسمائهم من السجل المدني.