على مدار نهار كامل، عاش أهالي مخيم الرشيدية في مدينة صور جنوب لبنان، أمس الأحد، حالة من الرعب والخوف الكبيرين، سببها استهداف القوة الأمنية الفلسطينية مدعومة بعناصر من حركة فتح، أحد المطلوبين في قضايا تجارة مخدرات وهو، حسين الزيني، ليتطور الأمر ويتسع إلى اشتباكات طالت أحياء عديدة في المخيم بعيدة نسبياً عن موقع الاشتباك، أمر تخوّف منه أبناء الرشيدية خاصة بعد حالة الإنفلات التي حصلت خلال الاشتباكات.
فتح تنفي مشاركتها بالاشتباكات وتؤكد أن المشكلة فردية
اشتباكات الأمس، استخدمت فيها الأسلحة المتوسطة وقذائف الآر بي جي، راح ضحيتها شابان اثنان و6 جرحى، كانت قد تطورت بعد قيام مجموعة تابعة للزيني بقتل أحمد السيد المنتمي لحركة فتح، ما دفع بأصدقاء وعائلة المغدور مدعومة بعناصر من قوات الأمن الوطني – فتح، إلى مهاجمة منزل الزيني، طوال فترة النهار، بحسبل ناشطين، الأمر الذي نفته حركة فتح، معتبرة أنّ الإشكال فردي بحت، ولا علاقة لها أو لعناصرها فيه. وقبل انتهاء نهار أمس بقليل، تسلّمت الدولة اللبنانية المدعو الزيني وهو الذي كان قد أصيب إصابة مباشرة في ظهره.
ما يثير الريبة هنا، هو غياب القوة الأمنية عن المشهد، إذ ووفقًا للشكاوى التي وصلت "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، فإنّ القوة الأمنية كانت قد اكتفت بمطالبة الزيني بتسليم نفسه، لكنّه وبعد رفضه التفاوض وبحث هذا الأمر، عمدت القوة الأمنية إلى الانسحاب، وترك الوضع الأمني يتدهور حتى وصل إلى ما وصل إليه يوم أمس.
وبين غياب دور القوة الأمنية عن وقف الاشتباك، يبرز في الصورة مسألة أخرى، هو تفشي ظاهرة المخدرات في المخيم، أمر ساهم في الفترة الأخيرة إلى اندلاع إشكالات عديدة في المخيم، وقد ينذر بكارثة كبيرة في حال تمّ التغاضي عنها أو تركها على راحتها.
مسؤول الإعلام في حركة فتح في منطقة صور، محمد البقاعي، أوضح في حديثه لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، أنّ "خلفية الإشكال فردية، وكانت قد ابتدأت بين المغدور السيد والزيني، على خلفية إشكال قديم، مما أدى إلى مقتل السيد على الفور، أمر تطور لإشكال بين أصدقاء وعائلة السيد وبين حسين الزيني ومجموعته، فيما كان مطلب عائلة السيد الحصول على القاتل، وهو الزيني بحسب زعمهم.
وأكد البقاعي، أنّ "حركة فتح تواصلت مع المجموعة التي حاصرت منزل الزيني، وطلبت منهم السماح له بالخروج، إلا أن المجموعة رفضت ذلك، مؤكدة على نيتها قتله"
وتابع: "وعلى الرغم من ذلك، قمنا في الحركة بإخراج حسين الزيني من منزله، لنتعرض لإطلاق نار، أثناء إخراجه فيصاب إصابة مباشرة، وقد تمّ تسليمه إلى الدولة فيما قتل أخوه البالغ من العمر 16 عامًا أثناء الاشتباكات".
الخلل هو عدم وجود قوة أمنية مشتركة وأيّ قوة أمنية من تنظيم سياسي واحد أمر يساهم في إبقائها ضعيفةً
وأشار القيادي في حركة فتح، إلى أنّ "القوة الأمنية كانت على الأرض منذ اللحظة الأولى، ولكن أي اشتباك وإن أخذ طابعًا عشائريًا وعائليًا فالتعاطي معه صعب جدًا، وليس من السهل على أحد أن يدخل في اشتباك مع أيّ عائلة"، واصفًا قرار القوة الأمنية "بالحكيم قدر المستطاع الذي ساهم في عدم سقوط مزيد من الضحايا".
وطالب البقاعي، بتشكيل قوة أمنية تجمع كلّ الفصائل كي يتحمل الجميع مسؤوليته على غرار باقي المناطق".
موضحًا، أنّ "الخلل هو عدم وجود قوة أمنية مشتركة في المخيم، وأنّ أيّ قوة أمنية من تنظيم سياسي واحد أمر يساهم في إبقائها ضعيفةً".
الجبهة الشعبية: دور القوة الأمنية لم يكن على القدر المطلوب
مسؤول الجبهة الشعبية في منطقة صور، أحمد مراد، اكتفى بوصف دور القوة الأمنية بأنّه "لم يكن بالدرجة المطلوبة، وأنّ المفروض بها أن يكون دورها أكثر حسمًا وأفضل من ذلك بكثير"
وأوضح مراد في حديثه لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، أنّ الأضرار الناتجة عن الإشكال الفردي كبيرة جدًا في مختلف أنحاء المخيم، وإن كانت قد تركزت في منطقة المطلوب ومحيط منزله".
وتابع: "هنالك توجه بين الفصائل الفلسطينية إلى تشكيل لجنة لحصر الأضرار التي حصلت نتيجة للاشتباكات، لكنه وحتى اليوم لم يتمّ العمل على ذلك، إلا أنّ الوعود سارية على أن تبدأ اللجنة عملها بين اليوم وغدًا".
حماس: نعطي الغطاء السياسي للقوة الأمنية الحالية لحين تشكيل قوة مشتركة
اعتبر عضو القيادة السياسية لحركة حماس ومسؤولها السياسي في منطقة صور عبد المجيد العوض أن الحادث الأمني الذي حصل في مخيم الرشيدية أمس هو الحادث الأخطر على المخيم وأهله، ويضع الفصائل جميعها أمام امتحان كبير، من أجل وضع خطة مستقبلية عاجلة والعمل الجاد والدؤوب لئلا يشهد المخيم أحداثاً مماثلة.
ورأى العوض خلال حديثه لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، أن "القوة الأمنية الموجودة في مخيم الرشيدية، لم تقم بالدور المنوط بها، خاصة خلال الفترة الأخيرة، والتي شهدت إشكالات عديدة، فيما لم نلحظ تدخلات من هذه القوة من أجل وضع حدٍ لهذه التجاوزات، ونحن كنّا قد أبدينا في اجتماعاتٍ سابقة كامل الاستعداد لدعم هذه القوة في الأحداث الصعبة، ونعمل دائمًا على أن يكون العمل في كافة الملفات تحت مظلة العمل المشترك".
وأكد العوض، على أنّ حركة حماس، "جاهزة لتشكيل قوة أمنية مشتركة مع كافة الفصائل في مخيم الرشيدية وستعمل على تذليل كافة العقبات في سبيل تشكيلها والبدء بعملها".
ولفت العوض أنه "إلى حين تشكيل القوة الأمنية المشتركة فإننا نُعطي القوة الأمنية الحالية الغطاء السياسي لملاحقة المتسببين بالإشكالات المتكررة، وستكون الفصائل إلى جانب هذه القوة من أجل القيام بدورها المنوط بها، مستدركاً أن "تشكيل القوة الأمنية المشتركة هي الطريق الأفضل والأنسب من أجل وضع الجميع عند مسؤولياته ولجم كافة المتورطين بزعزعة أمن المخيم واستقراره".
وقال العوض: "بكل أسف ظاهرة المخدرات هي الظاهرة الأخطر على أهلنا في مخيم الرشيدية، وهي أم المشاكل، مطالباً بضرورة العمل على كافة المستويات السياسية والأمنية والدعوية والشبابية وغيرها من أجل محاصرة هذه الظاهرة وكافة الظواهر التي تسيء لأهل المخيم، مبدياً استعداد حركته لخوض هذه المهمة مع كافة الفصائل، ووضع اليد على الجرح، وأن نسمي الأمور بمسمياتها لأن الوضع لم يعد مقبولاً.